يَا ولديّ .
أترك الصُبحَ ياولديّ يُخبركَ عنيّ ,
أترك الحمامات تُخبِركَ بقصصِ الفلاحين ,
أترك الريح تحملُ لك رائحة السنابل وكروم العنب ,
تنفس رائحتيّ في يديّ الامهاتِ اللواتيّ يمسحنّ عن جبينكَ التعب ,
يا ولديّ إن المطرِ صوتيّ الذي يناجيّ الرب من أجلك ,
يا ولديّ هذا الليل الفسيحُ هو صدريّ الذي يخبأك عن الحنين والشوق ومُرِ الفراق ,
يا ولديّ هذه الأوراق الكثيفةُ التي تنكبُ عليها أكثر وقتكَ هي يديّ التي تكفكفُ دمعكَ ,
هيّ أُذنيّ التي تُصغيّ إليكَ , هي عينايَّ حين تبتسمُ لك ,
يا ولديّ أنا لم أترككّ أبداً ,
وكيف للأمهات أن يتركن أولادهُن ... ؟!
يا ولديّ وان غيبتنيّ الأقدار عنك , لن أغيب من قلبك , من ذاكرتك , من أوراقك
حتى من الأغنيات التي تُبكيك حيناً وتدخل الإبتسام على قلبك أحيان ,
يا ولديّ لا تُرهقكَ الذكريات , لا تُحمل ذاكرتكَ فوق ما تحتمل !
أنصت لقلبك جيداً , أستمع لصوتي المختبئ في إحساسك
ستجدنيّ معك , أتدفأ في أعماقك , أنصتُ لهمسك ,
أُنقيّ لك زوجتكَ , أُهذبُ فكركَ , أُختارُ معك ثيابكَ
أتأملُ ملامحكَ , أشمُ أثر العطر الذي تتركة على الأثاث خلفك
حينما تبكيّ يا ولديّ أحتضنك بكل عُمريّ ,
حينما تجوع أغذيك من عاطفتيّ حتى تشبع ,
حينما يسرق الأرق نومك أقف على رأسك أقرأ عليك آية الكُرسي والمعوذات ,
حينما تمرض أبتهل لله وأتوسلهُ ان يشفيك ,
كيف أتركك يا وحيديّ !
وإن كان الناس لا يروني لأنهم يظنون أن الموت غيبنيّ !
وأني أصبحتُ في حياةٍ أخرى ,
قُل لهم يا صغيري أن الأمهات لا يمُتن ,
الامهات لا يمُتن ,
الأمهات يعشن في قلوب أبنائهن أبداً
قُل لهم أمي تختبءُ عنكم في عُمق ذاكرتيّ ,
قُل لهم أميّ لم تَمتْ !
قُل لهم هي فقط رحلت من عالمكم لتأثث لنا منزلاً جميلاً في الجنّة
حيث لا فُراق ولا بُعد يا ولديّ .