(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) (6) سورة الفاتحه
الصراط المستقيم هو القرآن الكريم، كونٌ ناطق، والكون قرآنٌ صامت،
والنبي عليه الصلاة والسلام قرآنٌ يمشي.
(وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )[ سورة النور ]
الاستقامة فعل تكليفي، وكل فعل تكليفي أنت مخير أن تستقيم أو ألا تستقيم، أن تصدق أو ألا تصدق، أن تكون أميناً أو ألا تكون أميناً،
في عالم ضاعت فيه الحقيقة ، وعمّ فيه الضلال ، يحتاج البحث عن الحق إلى جهد كبير ، لذلك لا نعجب إذا طلب الله من المؤمنين في الصلوات الخمس ، وفي كل ركعة حصراً - وهذه الآية جزء من الفاتحة الكريمة - :
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )[ سورة الفاتحة : 6 ـ 7 ]
أن تهتدي إلى الحقيقة ، وأن تثمر الحقيقة ، وأن تسلك الصراط المستقيم ، هذه هي النعمة المطلقة ، التي ما بعدها نعمة أن تهتدي إلى الحقيقة ، وأن تثمر هذه الحقيقة ، وأن تسير على الصراط المستقيم .
( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )
ما العبادة إذاً؟
العبادة أن تتبع الطريق المستقيم، العبادة ليست أن تصلي فقط، في الحلال والحرام، في العطاء والمنع، في الصلة والقطع، في الرضا والغضب، هناك صراطٌ مستقيم، إذا توهم الإنسان أن العبادة هي أداء العبادات الشعائرية فهو واهمٌ جداً، يكاد يكون منهج الله يزيد عن خمسمئة ألف بند، الاستقامة أن تتبع منهج الله في كل شيء، في زواجك، في تجارتك، في رحلاتك، في عطائك، في أفراحك، في أتراحك
فالعبادة اتباع الصراط المستقيم.
من لم يحمله إيمانه على طاعة الله فلا قيمة لهذا الإيمان إطلاقاً :
( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ)
[ سورة فصلت الآية: 6 ]
فاستقيموا إليه، أي أن تعتقد أن الله إلهٌ واحد دون أن تستقيم إليه لا قيمة لهذا الإيمان إطلاقاً
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
هؤلاء الذين أنعمت عليهم بنعمة الهدى، و بنعمة الإيجاد، وبنعمة الإمداد، وبنعمة الهدى والرشاد، هؤلاء النبيون قمم البشر، والصديقون، والشهداء، والصالحون،
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
الفرق بين " المغضوب عليهم" و "الضالين":
هناك أناس عرفوا وعصوا هؤلاء الذين غضب الله عليهم، وهناك أناس ما عرفوا الله عز وجل فهؤلاء هم الضالون:
هناك فريقان: فريق ملحد، ما عرف الله أصلاً، وفريق عرف وانحرف، فالذي ما عرف الله أصلاً هو الضال، والذي عرف وانحرف هو المغضوب عليه
الذين عرفوا وانحرفوا، ولا الضالين الذين ما عرفوا فانحرفوا، إذاً المنهج الوسط المنهج المستقيم، والأمة الوسط الأمة العادلة، والوسط تعني الخيرية،
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )[ سورة البقرة: 143]
يعني جعلنا في العدل والاستقامة وجعلنا في الخيرية،
وقلت لكم من قبل هناك فرق بين التطرف وبين التفوق فمن يأخذ بكليات الدين معاً، الكلية العلمية والكلية السلوكية والكلية الانفعالية يتفوق، ومن يأخذ بأحد كليات الدين ويغلبها على كلياته فقد تطرف