اللغة العربية - معلومات هامة عن لغة الضاد - اللغة العربية واهميتها وتاريخها - تاريخ اللغة العربية وتطورها
مكانة اللغة العربية:
اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطورا كبيرا وتغيرا في مراحلها الداخلية.
وللقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها غدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل العبرية والحبشية.
واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 300مليون إنسان كلغة أم، كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية.
ومن تأثير اللغة العربية على محيطها وعلى المسلمين أن هناك عدة لغات أخرى تكتب بالحرف العربي الحديث، ومنها:
أ*- في آسيا: الفارسية والأوردية، والكردية، والملايو، والبشتو.
ب*- في إفريقيا: الهوسا، والفلانية، والكانوري.
ت*- كما توجد لغات بقت سنين عديدة تكتب بذلك الحرف حتى غيرت مؤخرا لأسباب متعددة منها: التركية، والصومالية، والسواحلية.
أول ظهور للعربية:
لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف العين والراء والباء، مثل كلمات عربية وأعراب وغيرها.
وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري (شلمانصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب.
ويذكر البعض –من علماء اللغات- أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية.
ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة العربية سميت لغات عربية، وهي لغات متطورة من البابلية وغيرها، ومنها لغة عاد وثمود وسواهم، وكانت لغات متقاربة وتتطور حينا بعد حين، وتتغير.
ومن تلك اللغات القديمة اللغة المهرية المستخدمة حتى الآن في ثمود وسوقطرى.
ولم تكن تلك اللغات تكتب بالأحرف العربية التي نعرفها الآن، ولكنها مرت بعدة تحولات كما سيأتي.
من هم العرب؟:
كان لنوح عليه السلام عدة أبناء منهم سام الذي تنتسب إليه كل الشعوب السامية؛ ومنهم العرب.
وكان لسام بن نوح خمسة أبناء وهم : (إرم ، ولاوذ ، وأرفخشذ ، وآشور، وعيلام).
والقوم الذين اصطلح لاحقا على تسميتهم عربا، يعودون للأبناء الثلاثة الأوائل.
وينقسم العرب إلى عرب بائدة وعرب عاربة وعرب مستعربة.
فأما إرم بن سام فمن نسله جزء من العرب البائدة، وبعض العرب العاربة.
وأما لاوذ بن سام فمن نسله بعض العرب البائدة.
وأما أرفخشذ بن سام فمن نسله بعض العرب العاربة وكل العرب المستعربة، ومن أحفاده إبراهيم عليه السلام؛ وجميع أبناءه ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم.
العرب البائدة:
وهم العرب الذي كانوا في الجزيرة العربية في السنوات الغابرة ثم بادوا وانتهوا، ومنهم عاد المنتسبين لجدهم عاد بن عوص بن إرم، ويسمون عاد إرم، ومنهم ثمود وجديس وغيرهم من نسل إرم بن سام بن نوح.
ومن نسل لاوذ بن سام بن نوح العمالقة وطسم وهم أصحاب الرس.
العرب العاربة:
ويسمون (القحطانية) وهم الذي كانت عندهم اللغة العربية القديمة، ومنهم أخذ العدنانيون العربية الحديثة.
ومنهم سبأ وحمير ومعين وجرهم وهم من نسل عاد الذي يعود نسله لإرم بن سام.
ومنهم حضرموت وعمان وهم من نسل أرفخشذ بن سام.
فسبأ –مثلا- الذي ينتسب إليه قوم سبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.
وهود من نسل عاد ونبيهم، وهم من نسل إرم بن سام بن نوح.
وقحطان بن هود هو الذي انتسب له القحطانيون، وقيل أنه أول من تكلم بالعربية، وقيل بل ولده يعرب بن قحطان، وهما جدان لمعظم العرب البائدة والعاربة، فمن أحدهما كان منشأ اللغات العربية القديمة.
وهذه اللغات القديمة التي تطورت عصرا بعد عصر انقسمت إلى قسمين:
أ*- لغات عربية جنوبية قديمة:عند أقوام جنوب الجزيرة العربية، مثل المعينية والسبأية والحميرية، وكانت تكتب بالحرف المسندي.
ب*- لغات عربية شمالية قديمة:عند أقوام شمال الجزيرة العربية، مثل اللغات الثمودية واللحيانية والصفوية، وكانت تكتب بالحرف الثمودي.
ولا يتيسر الآن لأحد منا أن يفهم شيئا من كتابة أولئك القوم سواء باللغة الشمالية أو الجنوبية، إلا بدراسة تلك الحروف والكتابات.
العرب المستعربة:
ويسمون (العدنانية)، وجدهم النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويرجع نسب إبراهيم إلى أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.
وحين أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يترك ولده إسماعيل عليه السلام في ذلك الوادي غير ذي زرع، كان إبراهيم يقوم بغرس العرب العدنانية الذين سيشكلون جزءا من العرب لاحقا.
فعندما نبع ماء زمزم جاء قوم من جرهم القحطانيين فسكنوا مع إسماعيل هناك، وأخذ منهم العربية الجنوبية القديمة التي خلط شيئا منها مع لغة أبيه الكلدانية.
ثم جاء العماليق وتزوج إسماعيل منهم، ثم تزوج من جرهم، كان له الكثير من الولد، وانتشر نسله.
وكان من أحفاده –بعد عدة أجيال- رجل اسمه عدنان، إليه ينتسب أبناء إسماعيل.
وقد تأثرت لغتهم باللغات العربية الشمالية الموجودة حولهم حينئذ ومنها الثمودية واللحيانية تأثرا ظاهرا.
ونشأ من ذلك التزاوج بين اللغتين العربيتين الجنوبية (من جرهم والعماليق) والشمالية من (الثمودية واللحيانية) إضافة للمصطلحات الكلدانية اليسيرة (من إبراهيم) نشأت اللغة العربية الحديثة التي هي أم اللغة العربية الفصحى كما سيأتي.
وقد استمرت أكثر من ألفي سنة حتى تطورت إلى اللغة العربية الفصحى، بعد أن مرت على سنة التطور والتغير.
اللغة العربية الفصحى:
تطورت اللغة العربية الحديثة عبر مئات السنين، وبعد مرور أكثر من ألفي سنة من ولادتها أصبحت –قبيل الإسلام- تسمى (لغة مضر) وتستخدم في شمال الجزيرة وقد قضت على اللغة العربية الشمالية القديمة وحلت محلها.
بينما كانت تسمى اللغة العربية الجنوبية القديمة (لغة حمير)، نسبة إلى أعظم ممالك اليمن حينذاك.
وما كاد النصف الأول للألفية الأولى للميلاد ينقضي حتى كانت هناك لقريش ولغة لربيعة ولغة لقضاعة، وهذه تسمى لغات وإن كانت مازالت في ذلك الطور لهجات فحسب، ويفهم كل قوم غيرهم بسهولة، كما كانوا يفهمون لغة حمير أيضا وإن بشكل أقل.
وكان نزول القرآن في تلك الفترة هو الحدث العظيم الذي خلد إحدى لغات العرب حينذاك، وهي اللغة التي نزل بها –والتي كانت أرقى لغات العرب- وهي لغة قريش.
وسميت لغة قريش مذاك اللغة العربية الفصحى.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
(وكذلك أنزلناه حكما عربيا…)،( وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا)،(وهذا لسان عربي مبين).
تطور الكتابة العربية:
أسلفنا أن اللغات العربية القديمة كانت تكتب بالخطين المسندي والثمودي.
ثم دخل مع اللغة العربية الحديثة الخط النبطي المأخوذ من الفينيقيين، وقيل أنه نسبة لنابت بن إسماعيل عليه السلام.
وأخذ ذلك الخط مكان الخط الثمودي في شمال الجزيرة، وأصبح الخط المعتمد في لغة مضر (العربية الحديثة)، أما لغة حمير (العربية القديمة الجنوبية) فحافظت على الخط المسندي.
وأخذ الخط النبطي –الذي هو أبو الخط العربي الحديث- يتطور أيضا.
وكان أقدم نص عربي مكتشف مكتوبا بالخط النبطي وهو (نقش النمارة) المكتشف في سوريا، والذي يرجع لعام 328م.
ولنحاول المقارنة في هذا الجزء من ذلك النص مع الحروف العربية الحديثة:
امرء القيس بن عمرو ملك العرب
وفي الفترة السابقة للإسلام كانت هناك خطوط أخرى حديثة للغة مضر مثل الخط الحيري (نسبة إلى الحيرة)، والخط الأنباري (نسبة إلى الأنبار).
وعندما جاء الإسلام كان الخط المستعمل في قريش هو الخط النبطي المطور، وهو الخط الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة رسائله للملوك والحكام حينذاك، ويلحظ في صور بعض تلك الخطابات الاختلاف عن الخط العربي الحديث الذي تطور من ذلك الخط.
وبعض المختصين يعتبرون ذلك الخط النبطي المطور عربيا قديما، وأقدم مكتشفات منه (نقش زبد) 513م، و(نقش أم الجمال) 568م.
الخط العربي الحديث:
كان الحجازيون أول من حرر العربية من الخط النبطي، وبدأ يتغير بشكل متقارب حتى عهد الأمويين حين بدأ أبو الأسود الدؤلي بتنقيط الحروف.
ثم أمر عبد الملك بن مروان عاصما الليثي ويحيى بن يعمر بتشكيل الحروف، فبدأوا بعمل نقطة فوق الحرف للدلالة على فتحه، ونقطة تحته للدلالة على كسره، ونقطة عن شماله للدلالة على ضمه.
ثم تطور الوضع إلى وضع ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للفتح، وياء صغيرة للكسر، وواو صغيرة للضم.
ثم تطور الوضع للشكل الحالي في الفتح والكسر والضم.
كما انتشرت الخطوط العربية وتفشت في البلاد والأمصار.
من مميزات اللغة العربية:
للغة العربية مميزات تميزها عن كل لغات العالم، ويجعلها نعمة حقيقية يتمتع بها العارفون بها والمحبون لها، منها:
1- أنها لغة القرآن الكريم التي اختار –عز وجل- أن ينزل بها آخر كتبه التي سيتعبد به إلى نهاية تاريخ البشرية.
2- أنها أقل لغات العالم تطورا منذ نزول القرآن الكريم، فلا توجد لغة مر عليها أكثر من ألف عام وما زال أهلها يمكنهم قراءة وفهم نصوصها بسهولة مثلها، وبعدها العبرية.
3- الإعراب ميزة للغة العربية، حيث يشمل كل المفردات من اسم وفعل وحرف، ورغم وجود الإعراب في بعض اللغات الأخرى مثل الهندية والعبرية والحبشية والجرمانية والمصرية القديمة، إلا أنه إعراب قاصر ببعض الكلمات دون بعض.
4- ومن المميزات ضبط الكلمة بالشكل من ضم وفتح وكسر، فكلمة علم -مثلا- يمكن أن تقرأ على سبعة أوجه حسب تشكيلها (عَلِم، عُلِم، عَلَّم، عُلِّم، عَلِّم، عِلم، عَلَم).
وختاما:
هذه هي لغتنا المقدسة، رأينا كيف تطورت عبر العصور حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، ويحس بجمالها الحقيقي وقيمتها من يدرسها ويتعلمها، وكفاها شرفا أنها لغة القرآن الكريم.