للثناء تأثير كبير على النفوس، وبالخصوص نفوس الشباب، ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وسلم )، كثيراً ما يثني على الشباب المؤمن ؛ فقد روي عن النبي(صلى الله عليه وسلم )، قوله: " ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقاً "(14) وعنه(صلى الله عليه وسلم )،
أيضاً أنه قال: " إن أحب الخلائق إلى الله عز وجل شاب حدث السن في صورة حسنة جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته، ذلك الذي يباهي به الرحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقاً "(15) وقال (صلى الله عليه وسلم )، أيضاً: " فضل الشاب العابد الذي تعبد في صباه على الشيخ الذي تعبد بعدما كبرت سنه كفضل المرسلين على سائر الناس "(16)
وقد كان لثناء الرسول (صلى الله عليه وسلم )، على الشباب دور مهم ومؤثر في كسب المزيد منهم، والتفافهم حول قيادة النبي (صلى الله عليه وسلم )،، وهذا ما جعل للشباب دور فاعل في تقدم الدعوة، ونشر رسالة الإسلام إلى مختلف المناطق. فالشباب هم عماد أي تقدم، وسر نهضة الأمم، وقوة أي مجتمع ؛ لأنهم في مرحلة القوة، والقدرة على العطاء والإنتاج، والاستعداد للتضحية والفداء، وحب المغامرة، وتوكيد الشخصية.
وهذا ما يجب أن يقوم به أي قائد أو مصلح أو زعيم يسعى نحو التغيير والإصلاح، إذ يجب كسب الشباب، والعمل على إقناعهم لخدمة الإسلام، والمساهمة في تقدم المجتمع والأمة.
4ـ خلق الثقة في نفوس الشباب:
إن من أهم القواعد في بناء الشخصية وصنع النجاح هو الثقة بالنفس، والقارئ لسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم )،
يلاحظ أنه (صلى الله عليه وسلم )، قد عمل على صنع ثقة الشباب بأنفسهم، فقد قام (صلى الله عليه وسلم )، بإعطاء الشباب الكثير من المسؤوليات الكبيرة والمهمة، مما أدى لزيادة الثقة بأنفسهم، وتنمية إرادتهم.
والأمثلة على تولية الرسول (صلى الله عليه وسلم )، للشباب مسؤوليات كبيرة ومهمة،، عديدة...
.نذكر منها:
1ـ إن أول مبلغ بعثه النبي (صلى الله عليه وسلم )، لنشر الإسلام في المدينة المنورة كان مصعب بن عمير، وكان عندئذٍ في ريعان شبابه. وقد استطاع مصعب بالرغم من حداثة سنه أن يقنع الكثير من الناس في المدينة المنورة ـ وكانت المدينة يومها من أهم مدن الجزيرة العربية ـ بالإسلام. وقد عمل مصعب بكل جد وإخلاص من أجل التأثير في الناس، وإقناعهم برسالة الإسلام السمحة.
2ـ بعد فتح مكة بفترة زمنية قليلة، اضطر الرسول (صلى الله عليه وسلم )، للخروج منها بجيشه، والتوجه نحو جبهة القتال، وكان لابد من تعيين قائد لمكة لإدارة شؤونها، وقد اختار النبي (صلى الله عليه وسلم )، من بين جميع المسلمين شاباً لم يتجاوز الواحد والعشرين عاماً، وهو (عتاب بن أسيد) كقائد لمكة المكرمة في ظل غياب النبي (صلى الله عليه وسلم )،
وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم )، (عتاب بن أسيد) أن يصلي بالناس وهو أول أمير صلى بمكة بعد الفتح جماعة.
3ـ في أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وسلم )، عبأ (صلى الله عليه وسلم )، المسلمين لقتال الروم، وضم جيشه كبار الضباط وأمراء الجيش ورجال المهاجرين و الأنصار وشيوخ العرب والشخصيات البارزة آنذاك.
لاشك في أن قائد هذا الجيش العظيم لابد وأن يكون ذا شأن ومنزلة يختاره الرسول (صلى الله عليه وسلم )، لهذا الأمر الخطير من بين نخبة العسكر، فمن يا ترى حمل هذا اللواء؟
لقد استدعى الرسول (صلى الله عليه وسلم )، أسامة بن زيد، وعقد له لواء القيادة وخوّله إمارة الجيش. واستعمله النبي (صلى الله عليه وسلم )، وهو ابن ثماني عشر سنة.
وبات على الجميع أن يمد يد الطاعة والولاء لهذا القائد الشاب الذي عينه الرسول (صلى الله عليه وسلم )، بالرغم من وجود كبار القوم في هذا الجيش المتجه لقتال الإمبراطورية الرومية.
ولا يخفى أن الشرط الأساس لاختيار الشباب هو كفاءتهم وصلاحيتهم، ويتضح هذا الشرط جلياً في خطبه (صلى الله عليه وسلم )، وأحاديثه. فالشباب الذين كان يقع عليهم اختيار النبي (صلى الله عليه وسلم )، لتقليدهم المناصب الحساسة في الدولة كانوا يتمتعون بالكفاءة واللياقة المطلوبة من حيث العقل والفكر والذكاء والإيمان والعلم والأخلاق والتدبير وبقية الجوانب (17)
ومن هذه النماذج التاريخية يتبين لنا كيف أن النبي (صلى الله عليه وسلم )، قد أجاد توظيف طاقات الشباب الخلاقة، واستطاع أن يزرع في نفوسهم الثقة بالنفس، والإرادة القوية، والعزيمة الفولاذية.. مما جعلهم يقومون بأدوار كبيرة، ويتحملون مسؤوليات خطيرة ؛ كان لها الفضل الأكبر في نشر راية الإسلام خفاقة في بقاع الدنيا
ودمتم بحفظ الرحمن