عدد ركعات صلاة التراويح؟
الحمد لله رب العالمين الذي لم يجعل على عباده حرجًا في عباداتهم، ويسَّر لهم أمرَ دينهم ودنياهم، ووسَّعَ لهم في صور وكيفيات عباداتهم، فليس كل الناس يستطيع كيفيةً واحدةً، ومن ذلك: صلاةُ التراويح، والعلماء قد كتبوا في هذا ووسَّعوا، ولم يتركوا فرصةً لمستزيد، والمُشوِّشون موجودون في كل عصر، وما كتبه السابقون يُغنِي اللاحقين في هذا، لكن أخشى أن تكون صلاتكم نقرًا لا تستغرق نصف ساعة أو حولها مما حدا بالكثيرين إلى الإنكار، فليس ما تراه في كثير من المساجد اليوم من التخفيف المريع لهذه السنة هو السنة؛ بل كان السلف يقومون بثلاث وأربعين، وست وثلاثين، وكانوا يختمون القرآن أكثر من مرة في التراويح والقيام، وهي ختمات مطمئنة خاشعة، ولم يعهدوا هذا السباق بين الأئمة في الانصراف المبكر من الصلاة، كما نشاهده من واقع الناس اليوم.
وهذا الأمرُ فيه فتاوى مشهورة لعلمائنا، أسوق منها ما فيه الكفاية، ومن ذلك:
1- كتب الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً - رسالةً في قيام رمضان قال فيها: "وليس في قيام رمضان حدٌّ محدودٌ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُوقِّت لأمته في ذلك شيئًا، وإنما حثَّهم على قيام رمضان، ولم يُحدِّد ذلك بركعات معدودة، ولما سُئِلَ - عليه الصلاة والسلام - عن قيام الليل قال: ((مثنى مثنى، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصبح صلى ركعة واحدة تُوتِرُ له ما قد صلى))؛ أخرجه البخاري ومسلم في (الصحيحين).
فدلَّ ذلك على التوسعة في هذا الأمر، فمن أحبَّ أن يُصلِّي عشرين ركعة ويُوتِر بثلاث فلا بأس، ومن أحبَّ أن يُصلِّي عشر ركعات ويُوتِر بثلاث فلا بأس، ومن أحبَّ أن يصلي ثمان ركعات ويوتر بثلاث فلا بأس، ومن زاد على ذلك أو نقص عنه فلا حرج عليه.
والأفضل ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله غالبًا، وهو: أن يقوم بثمان ركعات يُسلِّم من كل ركعتين، ويُوتِر بثلاث مع الخشوع والطمأنينة وترتيل القراءة، لما ثبت في (الصحيحين) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا) وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل عشر ركعات يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة .
وينبغي أن يعلم أن المشروع للمسلم في قيام رمضان وفي سائر الصلوات هو الإقبال على صلاته والخشوع فيها والطمأنينة في القيام والقعود والركوع والسجود وترتيل التلاوة وعدم العجلة، لأن روح الصلاة هو الإقبال عليها بالقلب والقالب، والخشوع فيها وأداؤها كما شرع الله بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة وحضور قلب . كما قال الله سبحانه {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } وقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» وقال للذي أساء في صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة صلى الله عليه وسلمالنبي فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها».
وكثير من الناس يصلي في قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً، وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة، لأن الطمأنينة ركن في الصلاة لابد منه ، كما دل عليه أنه قال: «أسوأ الناس صلى الله عليه وسلمالحديث المذكور آنفا فالواجب الحذر من ذلك، وفي الحديث عنه سرقة الذي يسرق صلاته» قالوا: يا رسول الله: كيف يسرق صلاته؟ قال: «لا يتم ركوعها أنه أمر الذي نقر صلاته أن يعيدها )) . انظر (فتاوى اللجنة صلى الله عليه وسلمولا سجودها» وثبت عنه ج7ص210) فقد وردت فيها هذه الرسالة .
2- سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية سؤالاً نصُّه : ((ما قول السادة الفقهاء أئمة الدين في صلاة التراويح هل هي عشرون ركعة سنة أم ثمان ركعات سنة؟ وإذا كانت السنة ثمان ركعات فلماذا تصلى عشرين ركعة في المسجد النبوي الشريف كما سمعنا بأنها تصلى عشرين ركعة وعامة الناس يستدلون بذلك على أن السنة عشرون ركعة؟
فأجابت: صلاة ما كان يزيد في رمضان صلى الله عليه وسلم ، وقد دلت الأدلة على أنه صلى الله عليه وسلمالتراويح سنة سنها رسول الله ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة وقد سأل أبو سلمة عائشة رضي الله عنها كيف كانت في رمضان، قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة صلى الله عليه وسلمصلاة رسول الله ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، قالت عائشة: فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا كان يصلي في بعض صلى الله عليه وسلمعائشة: «إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» متفق عليه، وقد ثبت أنه الليالي ثلاث عشرة ركعة فوجب أن يحمل كلام عائشة رضي الله عنها في قولها (ما كان يزيد صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) على الأغلب جمعا لم يحدد في صلاة الليل صلى الله عليه وسلمبين الأحاديث، ولا حرج في الزيادة على ذلك، لأن النبي شيئا، بل لما سئل عن صلاة الليل قال: «مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» متفق عليه، ولم يحدد إحدى عشرة ركعة ولا غيرها، فدل على التوسعة في صلاة الليل في رمضان وغيره
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . (فتاوى اللجنة ج7 ص 198) .
3- وقد عقد الشيخ الفاضل د. إبراهيم بن محمد الصبيحي في كتابه : (عدد صلاة التراويح ...) فصلاً بعنوان : ((ليس لقيام الليل عدد معين)) قال فيه : (( إن المتتبع لما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة في فضل قيام الليل لا يجد فيهما تفضيل عدد على آخر ، بل إن الأمر متروك فيهما للمتنفل بحسب رغبته ونشاطه في فعل الخير ، فيشرع له أن يختار من الأعداد ما يكون سبباً في زيادة طول وقت التهجد ، ولم يشرع له الالتزام بعدد معين ، لما ثبت في الصحاح والسنن والمسانيد من اختلاف قيام ، حيث صلى سبعاً وتسعاً وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ركعة ، فهذا الاختلاف صلى الله عليه وسلمرسول الله يدل على عدم تفضيل عدد على آخر ، لأنه غير مراد ، إذ لو كان مراداً لواظب عليه رسول ، ولكنه لم يفعل)) (ص18) فراجع الكتاب المذكور فإن فيه تفصيلات ينبغي تعلمها صلى الله عليه وسلمالله لمن شوش على الناس ، أو أجبرهم على عدد معين ، أو نهاهم عن عدد معين ... . فعلى هذا لا يسع المخالف أن يشوش على المصلين فيما سلكوه من كيفية .
أصل هذه الفتوى منشورة في موقع نور الإسلام
إظهار التوقيع
توقيع : وغارت الحوراء
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: عدد ركعات صلاة التراويح؟
رد: عدد ركعات صلاة التراويح؟
إظهار التوقيع
توقيع : ضــي القمــر
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ||
| بحث عن الصلاة | ريموووو | منتدى عدلات التعليمي | ||
| إحصائيات "العليا للانتخابات" عن المرحلة الأولى | سارة سرسور | اخبار الانتخابات السياسية | ||
| ملف خاص لجهاز العروسة | ملآك ولكن.. | نصائح وترتيبات | ||
| صلاة الضحى وفضلها | المشتاقة الى رسول الله | السنة النبوية الشريفة | ||
| صلاة التراويح وكيفيتها وحكمها | هـــدوء | عدلات في رمضان | ||
الساعة الآن 08:50 PM
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع