ازيكم يا حلوين .. يا رب تكونوا بخير ... خاطرة جديدة أرجو أن تعجبكن
في أعماق الخطر !
[size="5"]ها هي أولى قطرات السماء المكفهرة ، و قد اتخذت من وجهها مهبطًاً لها ، و لكنها لم تمانع ، فقد جاءت هذه القطرات لتنقذ دموعها من خطر الظهور ، فقد أرادت بشدة أن تمنعها من الخروج من حصون عينيها البندقية ، و لكن جفونها لم تستطع المقاومة ، فتدفق دموعها السريع لم يبق لهما أي قوة ، انهمرت دموعها الخائنة رغمًا عنها ، استغلت ضعفها ، و قهرت قوتها التي عانت لكي تحافظ عليها ، نظرت للسماء ، رأتها ممتلئة بالقطن المائل للسواد ، و زخات المطر لم تتوقف بل زاد انهمارها ، رأت الجميع من حولها يركض ، يسابق الزمن لكي ينجو بنفسه من سهام السماء القاتلة ، و لكنها كانت تسير ببطئ ، بملابس مبتلة بالكامل، بقدمين حافيتين ، شاعرة بلسعات البرودة تحرق خلاياها و تضمر النار فيها ، و لغرابة الأمر لم تشعر بأي برودة ، بل العكس تمامًا ، ربما خلاياها الملتهبة تمدها بالدفء ، و ربما لم تعد تبالي على أي حال ، احتضنتها أيادي الرياح المفاجئة ، و يا له من عناق قاسي ، فقد بث الألم في عظامها ، فجر أنهار الدم الحارة في جسدها ، أجبر ساقيها على الخضوع و الرجوع عدة خطوات للخلف ، أعاقتها نتوءات الأرض البارزة ، هوت بهوان على السطح القاسي ، و قد تلاشت قوتها المحاربة ، تهشمت كلوح من الزجاج الرقيق ، و لأول مرة لم ترد أن تقاوم ، ربما أرادت فقط أن تستسلم لهجمات ضعفها الغاشمة ، أو ربما توقفت عن المقاومة و أرادت أن تأخذ قسطا من الراحة ، تنفسها المرتعش لم يمنحها الراحة التي أرادتها ، صخب وقع أقدامهم العالي أزعج مسمعها ، حاولت أن تحجب سمعها عن هذا العالم الصاخب ، عزلت بصرها عن قسوة هؤلاء الناس الذي لم يتشجع أحد منهم و قدم لها يد المساعدة ، نعم فالمساعدة في هذا العصر تتطلب شجاعة و قلب جسور ! أحاطت نفسها بقوقعة عازلة ، لم تعد تسمع شيئًا سوى نوبة هلع دقات قلبها العالية ، و لم تعد ترى شيئًا إلا السواد الحالك ، هذه العزلة المؤقتة أخذتها لعالم آخر ، عالم خال من أناس عاجزين ، تغلف قلوبهم غشاوة من السواد و الغضب و الحقد ، يحسبون أن غضبهم قوة ، و ما هو إلا ضعف ساذج ! تقوس فمها راسمًا بسمة مسالمة ، فقد شعرت أخيرًا بالسلام يجتاح روحها ، و يعيد لها حريتها المدفونة ، رفعت الستار عن عينها ، فرأت سماء صافية ، تزينها طيور حرة أبية ، مالت برأسها قليلًا فرأت تموجات زرقاء هائجة ، شعت عيناها سعادة ، وقفت و سابقت الريح ، التي غمرتها بحنان هذه المرة ، ضحكت كما لم تضحك من قبل ، قفزت كطفلة صغيرة فرحة بحلوى العيد ، تعثرت و سقطت ، و تناثر شعرها على وجهها الطفولي ، ابتسمت و أزاحت تلك الشعيرات بلطف ، رفعت عينها عن الأرض ، و سرعان ما انطفأ لمعانها لحظة رؤيتها لتلك الموجة العاتية الهاجمة ، سمعت صرخة نابعة من أعماقها ، و لكن لم تكتمل ، فقد ابتلعتها تلك الموجة الشامخة و لم تسمح لتلك الصرخة بأن تهرب من داخلها ، فقدت وعيها للحظات ، ثم عاد مداهمًا باثًا فيها الإدراك مرة أخرى ، شعرت بثقل جسدها العاجز عن الحركة ، حاولت مرارًا و تكرارًا أن تنجو و لكن تذكرت أنها لا تستطيع السباحة ، لا تستطيع النجاة ، و لكن لا يسعها سوى المقاومة ، و فجأة ، ألقتها موجة أخرى على بر الأمان ، تنفسها المتردد أعاد إليها وعيها ، فتحت عينيها ، و لكن هذه المرة عاد إلى مسامعها صوت الخطوات الراكضة ، تذكرت ضعفها ، تذكرت تهشمها و تجاهل الناس لها ، داهمت تلك الذكريات عقلها بقوة ، داهمته بقوة أجبرتها على استعادة قوتها ، وعلى طرح ضعفها جانبًا ، و أجبرتها أيضًا على تذكر أن الزجاج المكسور يجرح بشكل أسوأ من السليم ، فربما تكون قابلة للكسر و لكن هذا الكسر هو الذي جبر جرحها ، و قتل ضعفها ، و أعاد قوتها ، وقفت و عزمت قواها على أن لا تسمح لأحد بأن يظهر جانبها الهزيل ، و صممت على أن تقاوم ، فتلك الموجة علمتها أنها لن تنجو سوى بالمقاومة ، و لا شيء غيرها حتى و لو كانت غارقة في أعماق الخطر !
و السلام عليكن و رحمة الله و بركاته .. في أمان الله