صدق أو لاتصدق ! … قصة حقيقية
في الصباح الباكر ، وقبل زحمة السيارات ، أتصل رجل الأمن المناوب بمنزل الصبي المراهق الذي يقف أمامه ، والذي لم يجد إجابة من والده حتى قبل الظهر، وهذا طبيعي كون الأب غارق في نومه مع زوجته الثالثة ، والتي تزوجها حديثاً .. أذن المؤذن دخول وقت صلاة الظهر ، وإلي الأن لم يحضر أحد من أهله ، وإذا بستيني يهرول في مشيه ببهو مركز الشرطة ، وبرفقته شاب متوسط العمر ، وقد دخلا قسم الحجز، وقابلا خلف القضبان إبنه الخامس بين الذكور ، ووحيد زوجته الثانية .
ماذا حدث حضرة الضابط ؟ ( الأب ) ، فقال الضابط : لقد أصطدم ابنك المتهور بسيارة واقفة بجانب الطريق ، ومن حسن حظ سائقها إنه بالمحل المجاور .. الحمد لله على السلامة على كل حال ، والخير فيما وقع ( الأب ) .. فتم إحضار السائق الأجنبي إلي مكتب الضابط ، وكان من الجنسية الهندية ، وكذلك أحضروا الصبي ، فأراد الأب أن يحل الموضوع بهدوء ، فأخبر الضابط إن سيارته غير مؤمنة ضد الحوادث ، لكنه سيعوض السائق بالمبلغ الذي يريده ، وأعتذر للضابط كون سن أبنه غير قانوني .
أرجوك أجلس ، فالموضوع أكبر من حادث سيارة ! .. فاجأ الضابط والد الصبي ، وصعقه بسهم من الخوف عند سماعه تلك النبرة القلقة.. فأستحسن الضابط أن يخرجوا الصبي ويبقى الأب مع السائق ، فسأله : لن تصدق ما رأيت اليوم ؟ ماذا رايت وماذا أصدق ( جوابه بخوف ودهشة ) ، هل تصدق أن أسم إبنك الثلاثي يتطابق مع أسم السائق الهندي .. ( كيف لم أفهم ؟! ) ، صدقني حتى أنا لم أفهم ، ومنذ الصباح وأنا أقلبها في رأسي .. أنظر إلي دفتر إقامة السائق بنفسك ، فأسمه فلان بن فلان بن فلان ، وهو متطابق بالتمام والكمال مع أسم إبنك فلان بن فلان بن فلان !! ، أليس كذلك ؟ ولو دققت النظر في وجه الهندي لوجدته مقارب إلي حد كبير مع صفات إبنك ، وهذا ما أوقعني في حيرة من أمري ولم أؤدي عملي ، ومتلهف لقدومك وسؤالك .
أحتار الأب ونسى كل الأذكار ! وبلع ريقه ، وشد أنينه ، وزاد القلب من رنينه ، فأقترب من السائق وهمس بأذنه : من هي أمك ؟ ، فقال عاتكة (على سبيل المثال) ، فأتسعت عينيه وألحقه بسؤال آخر : هل أنتم من ولاية يوبي قرب دلهي ؟ ، فأجابه بنعم وبثقة وباللغة العربية !! .. وتتكلم العربية بطلاقة ( الأب ) ، فخارت قواه ، وترنحت فرائصه ، فأحتضنته الكنبة بعد سقوطه عليها .
أفرغ الأب بما في جعبته ، وألقى بقصته أمام أعتاب الضابط والسائق والأبن ، بإنه كان بالهند قبل خمسة وعشرين سنة ، لجلب بعض العمالة لمؤسسته السابقة ، وإنه تزوج بهندية صغيرة من يوبي بعد أن نفذ صبره وفرغ جلده من النوم وحيداً دون إمرأة ، فهو مشهور بإنه زير نساء أبناء قومه ، وحامل لوائها ، وإنه علم بحبلها قبل أن يغادر الهند .. وبعد مرور عام ، عاد إلي الهند وجلس معها شهراً ، وهكذا دواليك لثمان سنوات ، وإنه حاول بأقصى جهده ، وبكل ما أوتي من قوة ، ان يحصل لزوجته ولأبنه على تأشيرة تخولهما دخول البلاد ، لكن كل محاولاته بائت بالفشل .. وبعد مرور كم سنة ، زاره إبليس الرجيم وأقعنه أن ينساها للزمن ، وأن لايفكر بها ، فقطع دعمه المادي لها ولإبنها .. فصرخ : وها أنت الأن تخبرني ياحضرة الضابط ، وتريد أن تقنعني إن هذا الهندي هو أبني ! يالله ، كم أنت صغيرة يادنيا ، وكم أنت حليم على من عصاك يارب !
أقترب الضابط منه وجهاً لوجه وقال : ياناس ! حرام عليكم ، فكروا قليلاً ، أنتم ترمون بنطفكم في كل مكان ، وبعد مرور السنون تطلبون من الحكـومة مساعدتكم .. والله هذا ليس عدلاً بحق أبنائكم وبحق الإنسانية وبحق الوطن .. لكن هل فكرتم يوماً ، إن خطأ بسيط قد يهزالعرش ويغضب الرب ليوم الدين ، فقد تتـزوج أنت بأحدى بناتك ! أو يتزوجها إبنك أو أخيك .. والله إنها طامة كبرى ، وكل هذا على حساب ماذا ؟ .. لذتكم الحيوانية وحاجتهن المادية ، بئس القوم أنتم .