أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسير يوسف 58:79



حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسير يوسف 58:79

۞حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير

تفسير يوسف 58:78

حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسير يوسف 58:79






وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ( 58 ) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ( 59 ) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ ( 60 ) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ( 61 ) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ( 62 ) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( 63 ) .
أي: لما تولى يوسف عليه السلام خزائن الأرض، دبرها أحسن تدبير، فزرع في أرض مصر جميعها في السنين الخصبة، زروعا هائلة، واتخذ لها المحلات الكبار، وجبا من الأطعمة شيئا كثيرا وحفظه، وضبطه ضبطا تاما، فلما دخلت السنون المجدبة، وسرى الجدب، حتى وصل إلى فلسطين، التي يقيم فيها يعقوب وبنوه، فأرسل يعقوب بنيه لأجل الميرة إلى مصر. ( وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) أي: لم يعرفوه.
( وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ ) أي: كال لهم كما كان يكيل لغيرهم، وكان من تدبيره الحسن أنه لا يكيل لكل واحد أكثر من حمل بعير، وكان قد سألهم عن حالهم، فأخبروه أن لهم أخا عند أبيه، وهو بنيامين.
فـ ( قَالَ ) لهم: ( ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ) ثم رغبهم في الإتيان به فقال: ( أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ ) في الضيافة والإكرام.
ثم رهبهم بعدم الإتيان به، فقال: ( فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ ) وذلك لعلمه باضطرارهم إلى الإتيان إليه، وأن ذلك يحملهم على الإتيان به.
فـ ( قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ ) دل هذا على أن يعقوب عليه السلام كان مولعا به لا يصبر عنه، وكان يتسلى به بعد يوسف، فلذلك احتاج إلى مراودة في بعثه معهم ( وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ) لما أمرتنا به.
( وَقَالَ ) يوسف ( لِفِتْيَانِهِ ) الذين في خدمته: ( اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ ) أي: الثمن الذي اشتروا به من الميرة. ( فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا ) أي: بضاعتهم إذا رأوها بعد ذلك في رحالهم، ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) لأجل التحرج من أخذها على ما قيل، والظاهر أنه أراد أن يرغبهم في إحسانه إليهم بالكيل لهم كيلا وافيا، ثم إعادة بضاعتهم إليهم على وجه لا يحسون بها، ولا يشعرون لما يأتي، فإن الإحسان يوجب للإنسان تمام الوفاء للمحسن.
( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ) أي: إن لم ترسل معنا أخانا، ( فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ ) أي: ليكون ذلك سببا لكيلنا، ثم التزموا له بحفظه، فقالوا: ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) من أن يعرض له ما يكره.

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ( 64 ) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ( 65 ) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ( 66 ) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ( 67 ) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 68 ) .
( قَالَ ) لهم يعقوب عليه السلام: ( هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ) أي: تقدم منكم التزام، أكثر من هذا في حفظ يوسف، ومع هذا لم تفوا بما عقدتم من التأكيد، فلا أثق بالتزامكم وحفظكم، وإنما أثق بالله تعالى.
( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) أي: يعلم حالي، وأرجو أن يرحمني، فيحفظه ويرده علي، وكأنه في هذا الكلام قد لان لإرساله معهم.
ثم إنهم ( وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ) هذا دليل على أنه قد كان معلوما عندهم أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد، وأنه أراد أن يملكهم إياها. فـ ( قَالُوا ) لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم - : ( يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ) أي: أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل، حيث وفَّى لنا الكيل، ورد علينا بضاعتنا على الوجه الحسن، المتضمن للإخلاص ومكارم الأخلاق؟
( هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ) أي: إذا ذهبنا بأخينا صار سببا لكيله لنا، فمرنا أهلنا، وأتينا لهم، بما هم مضطرون إليه من القوت، ( وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنزدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ) بإرساله معنا، فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير، ( ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ) أي: سهل لا ينالك ضرر، لأن المدة لا تطول، والمصلحة قد تبينت.
فـ ( قَالَ ) لهم يعقوب: ( لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ ) أي: عهدا ثقيلا وتحلفون بالله ( لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ ) أي: إلا أن يأتيكم أمر لا قبل لكم به، ولا تقدرون دفعه، ( فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ) على ما قال وأراد ( قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) أي: تكفينا شهادته علينا وحفظه وكفالته.
ثم لما أرسله معهم وصاهم، إذا هم قدموا مصر، أن ( لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ) وذلك أنه خاف عليهم العين، لكثرتهم وبهاء منظرهم، لكونهم أبناء رجل واحد، وهذا سبب.
( وَ ) إلا فـ ( مَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) فالمقدر لا بد أن يكون، ( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) أي: القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع، ( عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ) أي: اعتمدت على الله، لا على ما وصيتكم به من السبب، ( وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) فإن بالتوكل يحصل كل مطلوب، ويندفع كل مرهوب.
( وَلَمَّا ) ذهبوا و ( دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ ) ذلك الفعل ( يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ) وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد، فحصل له في ذلك نوع طمأنينة، وقضاء لما في خاطره.
وليس هذا قصورا في علمه، فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين، ولهذا قال عنه: ( وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ ) أي: لصاحب علم عظيم ( لِمَا عَلَّمْنَاهُ ) أي: لتعليمنا إياه، لا بحوله وقوته أدركه، بل بفضل الله وتعليمه، ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) عواقب الأمور ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم، يخفى عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 69 ) .
أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف ( آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ) أي: شقيقه وهو « بنيامين » الذي أمرهم بالإتيان به، [ و ] ضمه إليه، واختصه من بين إخوته، وأخبره بحقيقة الحال، و ( قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ ) أي: لا تحزن ( بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فإن العاقبة خير لنا، ثم خبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.

فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ( 70 ) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ ( 71 ) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ( 72 ) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ( 73 ) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ( 74 ) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ( 75 ) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ( 76 ) قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ( 77 ) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ( 78 ) .
( فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ ) أي: كال لكل واحد من إخوته، ومن جملتهم أخوه هذا. ( جَعَلَ السِّقَايَةَ ) وهو: الإناء الذي يشرب به، ويكال فيه ( فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ ) أوعوا متاعهم، فلما انطلقوا ذاهبين، ( أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال.
( قَالُوا ) أي: إخوة يوسف ( وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ) لإبعاد التهمة، فإن السارق ليس له همٌّ إلا البعد والانطلاق عمن سرق منه، لتسلم له سرقته، وهؤلاء جاءوا مقبلين إليهم، ليس لهم همٌّ إلا إزالة التهمة التي رموا بها عنهم، فقالوا في هذه الحال: ( مَاذَا تَفْقِدُونَ ) ولم يقولوا: « ما الذي سرقنا » لجزمهم بأنهم براء من السرقة.
( قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ) أي: أجرة له على وجدانه ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) أي: كفيل، وهذا يقوله المؤذن المتفقد.
( قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ ) بجميع أنواع المعاصي، ( وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ) فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض، وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين، لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم، وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم، وهذا أبلغ في نفي التهمة، من أن لو قالوا: « تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق »
( قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ ) أي: جزاء هذا الفعل ( إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ) بأن كان معكم؟
( قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ ) أي: الموجود في رحله ( جَزَاؤُهُ ) بأن يتملكه صاحب السرقة، وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق، ولهذا قالوا: ( كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) .
( فَبَدَأَ ) المفتش ( بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ) وذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد، فلما لم يجد في أوعيتهم شيئا ( اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ ) ولم يقل « وجدها، أو سرقها أخوه » مراعاة للحقيقة الواقعة.
فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده، على وجه لا يشعر به إخوته، قال تعالى: ( كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ) أي: يسرنا له هذا الكيد، الذي توصل به إلى أمر غير مذموم ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق، وإنما له عندهم، جزاء آخر، فلو ردت الحكومة إلى دين الملك، لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده، ولكنه جعل الحكم منهم، ليتم له ما أراد.
قال تعالى: ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ) بالعلم النافع، ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها، كما رفعنا درجات يوسف، ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) فكل عالم، فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.
فلما رأى إخوة يوسف ما رأوا ( قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ ) هذا الأخ، فليس هذا غريبا منه. ( فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) يعنون: يوسف عليه السلام، ومقصودهم تبرئة أنفسهم وأن هذا وأخاه قد يصدر منهما ما يصدر من السرقة، وهما ليسا شقيقين لنا.
وفي هذا من الغض عليهما ما فيه، ولهذا: أسرها يوسف في نفسه ( وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ) أي: لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون، بل كظم الغيظ، وأسرَّ الأمر في نفسه. و ( قَالَ ) في نفسه ( أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا ) حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه، ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ) منا، من وصفنا بالسرقة، يعلم الله أنا براء منها، ثم سلكوا معه مسلك التملق، لعله يسمح لهم بأخيهم.
فـ ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ) أي: وإنه لا يصبر عنه، وسيشق عليه فراقه، ( فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك.
قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ( 79 ) .
فـ ( قَالَ ) يوسف ( مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ) أي: هذا ظلم منا، لو أخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده، ولم يقل « من سرق » كل هذا تحرز من الكذب، ( إِنَّا إِذًا ) أي: إن أخذنا غير من وجد في رحله ( لَظَالِمُونَ ) حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها.




تفسير السعدي
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسير يوسف 58:79



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
كيف تحفظ القرآن الكريم بحلم بالفرحة القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسير هود 114:123 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسير يونس11:17 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسير براءة 112:119 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير من(99:103)البقرة أم أمة الله القرآن الكريم


الساعة الآن 05:51 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل