مراحل الدعوة خلال حياة الرسول :
1. الدعوة سراً واستمرت ثلاث سنين ،كما ذكر ذلك ابن إسحاق ( وكان بين ما أخفى رسول الله أمره واستتر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ) وما يدل على السرية في الدعوة ما اء في خبر إسلام عمرو بن عبسة حيث قال : ( أتيت رسول الله في أول ما بعث وهو بمكة وهو حينئذ مستخف ) بدأ بالدعوة إلى التوحيد ونبذ كل مظاهر الشرك .
2. الدعوة جهراً والكف عن القتال واستمرت إلى الهجرة .
3. الدعوة جهراً مع قتال من ابتدأ بالقتال واستمرت إلى صلح الحديبية .
4. الدعوة جهراً مع قتال من يقف في سبيل الدعوة .
الدعوة السرية :
1. بدأ رسول الله هذه المرحلة بعد نزول قول الله تعالى : ( يا أيها المدثر )
2. كان تحرك النبي في هذه الفترة وسط الذين تربطهم به صلات ، مثل زوجته ، ومولاه ، وربيبه ، وأصدقائه وكل من يطمئن إلى أنه يكتم السر ولهذا يلحظ أن من أوائل الذين دخلوا في الإسلام :
أ - زوجه خديجة رضي الله عنها التي كانت أول من آمن بالله وبرسوله وهونت عليه أمر الناس
ب - ابن عمه علي بن أبي طالب الذي كان في حجره وهو يومئذ ابن عشر سنين وهو أول من أسلم من الفتيان .
ج - مولاه زيد بن حارثة .
د - أبو بكر وهو أول من صدق من الرجال،وفيه قال رسول : ( إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر : صدقت )
ه - ورقة بن نوفل كان من المسلمين الأوائل لقوله : ( قد رأيته فرأيت عليه ثياب بياض فأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بياض ) وقال : ( يبعث يوم القيامة أمة وحده ) .
3. في إطار السرية تحرك أبو بكر وسط أقاربه ومواليه وأصدقائه ومن يثق به من قومه فاستجاب له نفر منهم : ( عثمان بن عفان ، الزبير بن العوام ، طلحة بن عبيد الله ،سعد بن أبي وقاص ، عبدالرحمن بن عوف ، عثمان بن مظعون ، أبو عبيدة بن الجراح ، أبو سلمة بن عبدالأسد ، الأرقم بن أبي الأرقم )
العبر من الدعوة السرية :
1. إلهام الله تعالى لنبيه بالدعوة السرية فيه تعليم للدعاة في كل زمان ومكان وإرشاد لهم إلى مشروعية الأخذ بالحيطة والحذر والأسباب الظاهرة من أجل الوصول إلى غايات الدعوة وأهدافها .
2. أجمع جمهور الفقهاء على أن المسلمين إذا كانوا قلة في العدد أو ضعف في العدة بحيث يغلب على الظن أنهم سيقتلون من غير أي نكاية في أعدائهم إذا أجمعوا على حربهم ، فينبغي أن تقدم هنا مصلحة حفظ النفس ؛ لأن المصلحة المقابلة وهي مصلحة حفظ الدين موهومة أو منفية الوقوع .
3. ليس في تحديد الدعوة السرية بثلاث سنوات إلزام لدعاة الإسلام بهذه المدة في دعوتهم السرية ، لأن هذا المدى الزمني تقدير رباني وليس جهداً بشرياً ، ولأن هذا التقييد لا يتماشى مع مرونة الإسلام في معالجة الأمور ومواجهة الأحداث .
الدعوة الجهرية :
1. بدأت الدعوة الجهرية لما نزل قول الله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وقد جمع النبي أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا ، فقال من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ... ) وفي رواية ابن إسحاق أن النبي قال لهم في ذلك اللقاء : ( يا بني عبدالمطلب إني والله ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني جئتكم بأمر الدنيا والآخرة ) .
2. وفي مرحلة أخرى خرج النبي حتى صعد الصفا وأنذرهم كما في القصة المعروفة ، ومقولة أبي لهب ونزول القرآن بذلك .
3. أن النبي فاصل قومه على دعوته،وأوضح لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو الرابط بينهم ، فعصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله فقد ورد انه قال : ( يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبدالمطلب ، يا فاطمة ... فأني لا أملك لكم من الله شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها )
العبر من الدعوة الجهرية :
1. الموقف السلبي لعشيرة النبي في هذه الفترة فيه الرد القاطع على من يحاول تصوير هذا الدين بأنه ثمرة من ثمار القومية ، ويدعون بأن النبي كان يمثل بدعوته آمال العرب ومطامحهم في ذلك الحين .
2. تباطؤ الناس في الدخول في الإسلام دليل على مدى قوة وتغلل التقاليد في المجتمعات ، وهو وضع يواجهه الدعاة في كثير من المجتمعات حتى في الشعوب الإسلامية التي تكون بعيدة عن المنهج الحقيقي للإسلام فتنتشر فيها البدع والخرافات ويصعب على الدعاة انتشالهم منها .
3. أن في خصوصية الأمر بإنذار العشيرة إشارة إلى درجات المسؤولية التي تتعلق بكل مسلم عموماً والدعاة خصوصاً .
العبر من الهجرتين إلى الحبشة :
1. أن في هذه الهجرة دليلاً على مشروعية الهجرة على دار يتمكن فيها من عبادة الله تعالى بدون فتنة .
2. أن من أسس ودعامات الدين التضحية بالمال والوطن والنفس في سبيله ، لأن الدين إذا فقد لم يغن من ورائه المال والوطن والنفس بل سرعان ما يذهب كل ذلك من ورائه.
3. يجوز للمسلمين أن يدخلوا في حماية غير المسلمين إذا دعت الحاجة لذلك سواء كان المجير من أهل الكتاب كالنجاشي النصراني الذي أسلم بعد ذلك ، أو كان مشركاً كأولئك الذين عاد المسمون إلى مكة في حمايتهم .
العبر من إسلام حمزة وعمر :
1. أن من كان قوياً في مجتمعه الجاهلي يمكن أن يكون سنداً قوياً للدعوة الإسلامية إذا أسلم ،ولذا كان النبي حريصاً على إسلام رجال أمثال أبي جهل وعمر بن الخطاب فليحرص الدعاة على عدم إهمال دعوة الشخصيات القوية المؤثرة في مجتمعاتها ، لأن إسلام هذه الشخصيات سوف يزيل الكثير من التردد الذي يقع فيه من يأتمرون بأمرهم .
2. أن في نهوض النبي للقاء عمر عندما جاء إلى المسلمين في دار الأرقم وأخذه بمجمع ردائه ثم جذبه جذبة شديدة ثم تهديده مثالاً عالياً للشجاعة في موطن الشدة .
العبر من المقاطعة :
1. لا يخلو زمان ومكان من أهل المروءة،وعلى الدعاة أن يسعوا دائماً إلى الاهتمام بمن يتوسم فيهم هذه الخصلة للاستفادة منهم في أوقات الشدة .
2. أن أعداء الله في كل زمان ومكان يلجؤون إلى استخدام سلاح محاربة الدعاة في أرزاقهم ليستكينوا ويرجعوا ما يدعون إليه .
3. أن ما أصاب النبي من ابتلاءات عزاء لكل مؤمن فيما يصيبه في هذه الحياة من بلاء ومصائب .
4. لا تكاد تخلو جاهلية من قيم يمكن الاستفادة منها، فقد ضحى بنو هاشم تضحيات كبيرة في سبيل قيمهم الجاهلية الخاصة بحماية القريب،واستفاد الإسلام من هذه التضحيات ، فإذا وجدت قيم في مجتمعنا المعاصر فلا ضير في الاستفادة منها كما استفاد المسلمون الأوائل من مؤازرة بني هاشم في حصار الشعب .
العبر من دعوة الطائف :
1. أن في اختيار النبي أبناء عمرو بن عمير الثلاثة عبد ياليل ومسعود وحبيب وهم سادة ثقيف دليل على أهمية دعوة الزعماء الذين ينساق وراءهم الناس .
2. أن لقاء النبي بالجن في نخلة دليل على وجود الجن وأنهم مكلفون ، وفي إيمان الجن برسول الله بعد أن ناله ما ناله على أيدي ثقيف تسلية من الله تعالى أنسته آلامه ن وأكدت له أن الله لن يتركه فإن تخلى أهل الأرض على حين ففي العوالم الأخرى من يشد أزره ويؤمن به .
3. حلم النبي وصبره مع شدة ما لاقاه من أهل الطائف حين قال : ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يبعد الله وحده و لا يشرك به شيئاً ) وفي هذا درس للدعاة بالصبر وعدم استعجال النتائج في الدعوة .
الدروس من الإسراء والمعراج:
1. إن حديث الإسراء والمعراج متفق عليه بين أهل الحديث والسيرة وثبت بآيات قرآنية وأحاديث نبوية ، فهو قطعي الثبوت ، وهو بإجماع جماهير المسلمين من معجزاته وفي إنكاره إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة .
2. جاءت هذه المعجزة بعد المحن التي ابتلي بها لتجدد عزيمة الرسول ولتدلل على أن ما يلاقيه من قومه ليس سببه تخلي الله تعالى عنه،وإنما هي سنة الله مع أحبابه في كل عصر ومصر .
3. أن الاقتران الزماني والمكاني بين إسرائه إلى بيت المقدس والعروج به إلى السماء دلالة واضحة على ما لهذا البيت من مكانه وقدسية عند الله تعالى، ودلالة واضحة على العلاقة الوثيقة بين ما بعث به كل من عيسى ومحمد عليهما السلام وعلى ما بين الأنبياء من رابطة الدين الواحد .
4. إن في اختيار النبي اللبن على الخمر حينما قدمهما جبريل دلالة واضحة على ان الإسلام دين الفطرة .
5. إن في جمع الله للمرسلين السابقين ليستقبلوا صاحب الرسالة الخاتمة دليل على أن النبوات يصدق بعضها بعضاً،وبيان لمكانة محمد عند ربه .
6. إن رؤية طرف من آيات الله الكبرى في ملكوت السموات والأرض له أثره الحاسم في توهين كيد الكافرين ومعرفة عقابهم ورفع لمعنويات نبيه وأصحابه ليواجهوا قوى الكفار المتألبة عليهم .
7. أن فرض الصلوات الخمس ليلة المعراج دليل على أهمية هذا الركن من أركان الإسلام ، الذي يجب إن يكون معراجاً يرقى بالناس كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأغراض الدنيا .
أهداف السرايا قبل غزوة بدر :
1. إرباك قريش وحلفائها وإضعاف معنوياتهم وضرب نشاطهم التجاري .
2. الحصول على مورد لتموين وتسليح جيش المسلمين .
3. إنذار أعداء المسلمين بأن أهل الإسلام لديهم القدرة على التصدي والردع .
4. اكتساب القوات الإسلامية مزيداً من الخبرة في التدريب على القتال ، ومعرفة دروب الصحراء ، وأحوال الأعداء .
أحكام وحكم غزوة بدر :
1. جواز النكاية بالعدو بقتل رجالهم وأخذ أموالهم وإخافة طرقهم التي يسلكونها لما في ذلك من إضعافهم معنوياً واقتصادياً .
2. جواز استخدام العيون لكشف أحوال العدو وإفشال خططه.
3. تأكيد الرسول على مبدأ الشورى لأهل الحل والعقد وعامة المسلمين .
4. المساواة بين الجندي وقائده في السلم والحرب وقد اتضح ذلك من قصة سواد مع الرسول إذ كشف عن بطنه ليقتاد منه سواد وهو فعل الخلفاء من بعده .
5. جواز فداء الأسرى أو المن عليهم .
6. لقد تجلت في بدر بطولات إيمانية منها قصة أبي عبيدة وقتله والده يوم بدر فقد جعل والده يتصدى لابنه أبي عبيدة فيحيد عنه الابن فلما أكثر قصده فقتله فنزلت ( لا تجد قوماً ... )