رد: يوم نطوي السماء كطي السجل
المتضخم بسرعات فائقة).
ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوي الجاذبية علي قوة الدفع بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا فتأخذ المجرات في الاندفاع إلي مركز الكون بسرعات متزايدة, لامة مابينها من مختلف صور المادة والطاقة فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته, ويطوي كل من المكان والزمان حتي تتلاشي كل الأبعاد أو تكاد, وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون حتي تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة, تكاد تصل إلي الصفر أو العدم, ومتناهية في الكثافة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة, أي يعود الكون إلي حالته الأولي( مرحلة الرتق) ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق
(TheClosedUniverse)
وتسمي عملية تجمع الكون بنظرية الانسحاق الكبير
(TheBigCrunchTheory),
وهي معاكسة لعملية الانفجار الكبير. ونحن المسلمين نؤمن بتلك النظرية لقول الحق( تبارك وتعالي) في محكم كتابه:
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين.
(الأنبياء:104)
ولايستطيع أي إنسان كائنا من كان أن يتوقع شيئا وراء ذلك الغيب المستقبلي بغير بيان من الله الخالق, والقرآن الكريم يخبرنا فيه بقول الحق( تبارك وتعالي):
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار.( إبراهيم:48)
وبقوله( عز من قائل):
أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر علي أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبي الظالمون إلا كفورا.( الإسراء:99)
ومعني هذه الآيات الكريمة أن الله( تعالي) سوف يطوي صفحة الكون جامعا كل مافيها من مختلف صور المادة, والطاقة, والمكان والزمان, علي هيئة جرم ابتدائي ثان( رتق ثان) شبيه تماما بالجرم الابتدائي الأول( الرتق الأول) الذي نشأ عن انفجاره الكون الراهن, وأن هذا الجرم الثاني سوف ينفجر بأمر من الله( تعالي) كما انفجر الجرم الأول, وسوف يتحول إلي سحابة من الدخان كما تحول الجرم الأول, وسوف يخلق الله( تعالي) من هذا الدخان أرضا غير أرضنا الحالية, وسماوات غير السماوات التي تظلنا, كما وعد( سبحانه وتعالي), وهنا تبدأ الحياة الآخرة ولها من السنن والقوانين مايغاير سنن الحياة الدنيا, فهي خلود بلا موت, والدنيا موت بعد حياة, وسبحان القائل مخاطبا أهل الجنة:
ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود( ق:34)
وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يروي عنه قوله: والله مابعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار, وإنها لجنة أبدا أو نار ابدا.
ومن الأمور المعجزة حقا أن يشير القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة من السنين إلي أهم نظريتين في خلق الكون وإفنائه وهما نظريتا الانفجار الكبير والانسحاق الكبير ونحن نرتقي بهاتين النظريتين إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود إشارة إليهما في كتاب الله الخالد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومن المعجز أيضا أن ترد الآيتان المشيرتان إلي كلتا النظريتين في سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة الأنبياء( الآيتان:30 و104).
ومن المعجز حقا تلك الإشارة القرآنية المبهرة باعادة خلق أرض غير الأرض الحالية, وسماوات غير السماوات الحالية, وهو غيب لايمكن للانسان أن يصل إليه أبدا بغير هداية ربانية, وهي الهداية. التي تحسم الجدل المحير في أمر من أمور الغيب المطلق, حار فيه علماء العصر, فسبحان الذي أنزل القرآن بعلمه فقال مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم)
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا
(النساء:166).