[اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ]
هذا الآية تندرج تحتها عدة فوائد :
· هذه الآية في سورة النور وما أحوجنا أن نفهم معناها وأن نفهم معاني القرآن كله لكن هذه الآية على وجه الخصوص أظن أن الكثير والكثير والغالبية لا يعرفون معناها فهماً واضحاً.
· (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) أي منورهما فلا نور لهما إلا من نور الله عزوجل هذا في ما يخص السموات والأرض وفيما يخص البشر (مَثَلُ نُورِهِ) يعني في قلب المؤمن ما هو نور الله ؟ ذكره عبادته طاعته هذه نور الله عزوجل يقذفها في قلب العبد المؤمن .
· (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) المشكاة :هي الكوة التي تكون في الحائط كانوا في القديم في الجدار في المباني القديمة يضعون فتحة في الحائط يضعون فيها بعض الأغراض وأحياناً يضعون ويمكن كبار السن يدرك هذا الشيء يضعون السراج فالمشكاة: هي الكوة أو المكان الصغير الذي يكون في الحائط .
· (كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) هو ما يشبه السراج مصباح يعني يضيء هذا المصباح في زجاجة يعني موضوع هذا الفتيل الذي يشتعل فيه النار في زجاجة الزجاجة من صفائها ونورقها وجمالها وإضاءتها تشبه الكوكب الدري الذي أضاء إضاءة قوية (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) بمعنى أن هذه الفتيلة وهذه الزجاجة المضيئة توقد من نار مادة هذه النار من زيت , زيت من أي شجرة ؟ الزيتون , (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) يعني أن هذه الشجرة لا تشرق عليها الشمس أو النهار فقط و لا في آخر النهار بل في أول النهار و في آخر النهار على وجه الاعتدال فيكون زيتها من أصفى ما يكون ولذا قال (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) يعني نور الزجاجة ونور هذه النار (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) إذاً قلب المؤمن فيه نور الطاعة ولذا السراج يوضع في الكوة التي في الجدار من أجل أن هذه الكوة صغيرة فإذا أضيء هذا السراج يكون النور متفرقاً أو محاطاً ؟ محاطاً وهذا يدل على قوة النور .
· (كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) الزجاجة قلب المؤمن أليست الزجاجة صافية وفيها رقة وهذا يدل على أن المؤمن رقيق رحيم على إخوانه المؤمنين , أليس فيها صلابة لو ضغطتها تنضغط ؟ لا إذاً فيها صلابة إذاً فيها صلابة على مَنْ ؟ على أعداء الله عزوجل .
· (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) هذا القلب فيه نور الخير ونور الفطرة والمعرفة من الله عزوجل فإذا جاء القرآن أو جاءت السنة بأمرٍ فيه حثٌ على خير أو ترك شر تجد أن هذا القلب يقبلها ولذا قال (نُورٌ عَلَى نُورٍ) قلبه من الأصل وفطرته سليمة فإذا جاءت مادة القرآن ومادة السنة (نُورٌ عَلَى نُورٍ) مثل نور الزيت مع نور الزجاجة .
· (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) ليس كل واحد ينال هذا النور نسأل الله الكريم من فضله ولذا قال (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ) [الجميع ؟ (لا) ] (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) .
· (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) يقول ابن القيم رحمه الله (لا يمكن لأي بشر أن يعيش في مكانٍ لا نور فيه) لا يمكن إذاً نحن محتاجون إلى نور الأرض ونور السماء حتى نعيش على هذه الأرض إذاً بما أن البشر محتاجون إلى نور السموات والأرض وهما من نور الله عزوجل إذاً قلب البشر محتاج إلى نور الله عزوجل كما أن القلب إذا خلى من النور نور الإيمان مات كذلك إذا خلت السموات والأرض من هذا النور مات ابن آدم وهذا النور الذي يكون في قلبك أيها المؤمن هو نورك الذي يكون على الصراط إن كان كثيراً فما أسرع انطلاقتك من الصراط إلى الجنة وإن كان متوسطاً فكذلك وإن كان ضعيفاً فكذلك ولذلك المنافقون لما كان عندهم نور في الظاهر لأنهم يؤمنون ظاهراً ويكفرون باطناً عندهم نور لكن نور في الظاهر ليس في الباطن إذا جاء يوم القيامة يذهب هذا النور ولذا يقولون للمؤمنين [انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالتَمِسُوا نُورًا] .
وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين