رد: تفسير سورة يونس
الآيات 17 ـ 19
( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )
وإنه لظلم عظيم أن يفترى الكذب على الله ويقال أن قال الله وهو لم يقل
وكذلك من أعظم الظلم أن يكذب بآياته
ولا نصر لمن أجرم وافترى على الله الكذب
وهؤلاء المشركون يعبدون غير الله من لا يملك لهم ضرا ولا نفعا
إنهم يقولون أنهم يعبدون الأصنام ليقربوهم إلى الله ويشفعوا لهم عنده
من قال لهم ذلك ؟
هل يعلمون من أخبار السموات والأرض ما لا يعلم الله ... وهذا توبيخ لهم
تنزه الله عما وصفوه وتطهرت صفاته
لقد خلق الله الناس وظلوا أمة واحدة على التوحيد فترة طويلة من الزمن
ثم اختلفوا بعد ذلك
ولولا أن الله قد قضى بأن يترك حساب الناس حتى يوم القيامة لهلكوا وتدمروا بسبب هذا الإختلاف والظلم .
الآية 20
( وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ )
يقول الكفار : لوكان نزل على محمد معجزة من السماء مثل معجزات من سبقه من الأنبياء كنا صدقناه واتبعناه
قل لهم يا محمد الله هو الذى يعلم الغيب كله ويحيط بالأمور
وإن كنتم لا تصدقون حتى تروا بأعينكم ما طلبتم فانتظروا حكم الله بينى وبينكم ، وسأنتظر معكم .
فقد سأل كفار مكة الرسول عليه الصلاة والسلام أن يفجر لهم عين ماء جارية حتى يؤمنوا له .
وسألوه أن تكون له بدلا من جبال مكة جنة مملوءة بالنخيل والأعناب تجرى فيها الأنهار بلا انقطاع فى مكة الصحراء .
أو أن السماء تنشق وتتدلى أطرافها وتسقط قطعا ( كسفا ) على الأرض كما وعدهم بما يحدث يوم القيامة .
أو أن يروا الله والملائكة كما حدثهم بما يكون يوم القيامة .
أو أن يكون له قصر من الزخارف واللآلئ والذهب ، أو أن يصعد إلى السماء على سلم وتراه أعينهم .
وأن ينزل صحيفة لكل واحد منهم باسمه فيها هذا كتاب من الله لفلان بن فلان وتصبح موضوعة عند رأسه يقرأها بنفسه .
الآيات 21 ـ 23
( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ * هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )
يخبر الله تعالى بأنه إذا أبدل للناس الضر بالخير والرحمة ورفع عنهم ضرهم ( لهم مكر فى آياتنا )فإنهم يعودوا فيهزؤن ويسخرون ويكذبون
قل لهم يا محمد أن(الله أسرع مكرا ) أشد تنكيلا واستدراجا لهم وعذابا
ورسل الله من الملائكة المقربون يكتبون ما يعملون وسيحاسبون عليه
وهو الذى يحفظكم فى البر والبحر وإذا كنتم فى السفن تسير فى البحر بقدرة الله وحده وبأمره وتسخيره
ثم من الناس إذا كان فى البحر وعلا عليه الموج كالجبال دعوا الله بإخلاص ويدعو الله وحده ليس معه أحد وإذا نجاه وأخرجه إلى البر فإذا به يجحد وينسى ما حدث له ويقصر فى العمل الصالح بل يجحد ويظلم ويعبد غير الله
يا أيها الجاحدون إن ظلمكم على أنفسكم ولا تضرون إلا أنفسكم ومتاع الدنيا قليل ثم تموتون وترجعون إلى الله فيخبركم بأعمالكم ويحاسبكم عليها .
الآيات 24 ، 25
( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
يضرب الله مثلا للحياة الدنيا فى زهرتها ثم سرعة انقضاء جمالها وزوالها بأنها مثل نزل مطرا من السماء وانبت الزروع بجميع ألوانها وأنواعها مما يأكل الناس والدواب حتى اكتملت زينة الدنيا الفانية وحسنت ونضرت وظن الناس أنهم قادرون على حصاد ما زرعوا وصنعوا فإذا بصاعقة أو ريح شديدة باردة تأت ليلا أو نهارا فتتلف الزروع وتدمر كل شئ وتصبح يابسة بعد خضرة وتصير كأنها لم تكن زهرة من قبل (كأن لم تغن بالأمس )
وهكذا يضرب الله الأمثال بالحجججججججججججج والبراهين لمن كان له عقل يتفكر ويخشى عذاب الله
والله يرغب بذلك فى الجنة ويحذر من خداع الدنيا (والله يدعو إلى دار السلام ) والله يهدى من يستحق الهداية إلى الطريق الحق السوى .
الآية 26
( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
ويعد الله أن جزاء الإحسان فى الدنيا هو الجزاء والإحسان فى الآخرة بخير مما عملوا فالحسنة بعشر من أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف .
ولا يعلوا وجوههم يوم القيامة أى خوف أو ذل أو هوان مما يعلوا وجوه الكفار والفجرة
وهم أصحاب الجنة يعيشون خالدون فيها ولا موت فيها ينعمون برحمة الله ونعمائه .
الآية 27
( وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
فبعد أن أوضح الله تضاعف الحسنات لأصحابها فيوضح أن من عمل سيئة فله عقاب سيئة واحدة ، ولكن تعلوهم ذلة الخوف من معاصيهم
ولا ناصر لهم من عذاب الله
وتسود وجوههم كأنها ظلمة الليل فى الآخرة
ولا مصير لهم إلا جهنم خالدين فيها .
الآيات 28 ـ 30
( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ * فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ * هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ )
ويوم القيامة يجمع الله الإنس والجن والصالح والطالح والبر والفاجر
ويقول لمن أشرك منهم العبادة لغير الله الزموا أماكنكم أنتم ومن عبدتم مع الله ثم يتبرأ منهم من عبدوا فزيلنا بينهم ويقولون لهم إنكم لم تعبدوننا فقد عبدتمونا ونحن لا نعلم بكم
والله يشهد عليكم وعلينا أننا لم نكن نعلم أنكم تعبدوننا
وهكذا تحمل كل نفس وزرها الذى فعلت من قبل فى الدنيا
ويرجع الجميع إلى الله المعبود الحق وترجع إليه الأمورجميعا
وذهب عن المشركين ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه .