في إحدی الغابات، کان الفأر یعیش وحده، فتمنی أن یکون له : أصدقاء، يأنس بهم ويأنسون به، ويساعدهم ويساعدونه على مشقة العيش وتكاليف الحياة، فسار في الغابة يبحث عن صديق، فقابله غزال، فطلب منه الفأر أن يكونا صديقين، فوافق الغزال على ذلك، وتعاهدا على الصداقة والمحبة.. وذات يوم كان الفأر والغزال يسيران في الغابة، فقابلا غرابا، فقال الفأر للغزال: ما رأيك أن نضم الغراب إلينا فيكون صديقا لنا؟! فقال الغزال: وهل صداقة الغراب ستكون مفيدة لنا؟ فقال الفأر: ليس هناك صداقة غير مفيدة طالما أنها تقوم على الحب والتعاون. فوافق الغزال، و عرض الفار علی الغراب أن یکون صدیقا لهما.
قال الغراب للفأر: إن لي صديقة يجب أن أستشيرها أولاً. فقال الفأر: ومن هي؟ قال الغراب: السلحفاة. فقال الفأر: إذن هيا بنا جميعا لنعرض عليها الأمر. ثم ذهب الثلاثة إلى السلحفاة، وعرضوا عليها أن يكونوا هم الأربعة أصدقاء؛ يتعاونون فيما بينهم. فرحبت السلحفاة بذلك؛ لأنها كانت تعلم أن في الاتحاد والتعاون قوة.. عاش الفأر والغزال والغراب والسلحفاة في حب وصداقة، وكان لهم بيت يجتمعون فيه كل ليلة، وفي الصباح يخرج كل واحد منهم إلى عمله، وعند غروب الشمس يعودون جميعا إلى بيتهم بالغذاء الوفير، والطعام اللذيذ، فيقتسمونه بينهم، ثم ينامون وهم في غاية السعادة بهذه الصداقة الجميلة، وذلك التعاون العظيم.
ذات يوم، عاد الفأر والغراب والسلحفاة إلى البيت، وغابت الشمس ولم يعد الغزال، فخاف عليه الأصدقاء، فقال الغراب: سوف أطير في الجو، وأنظر على الأرض باحثا عن الغزال حتى أجده، وبينما هو يطير وجد الغزال واقعا في شبكة الصياد، فحزن عليه، وعاد مسرعا إلى البيت؛ ليخبر صديقيه بهذا الأمر، أخبر الغراب صديقيه بما حدث للغزال، وقال للفأر: هذا أمر ليس له غيرك، فهيا معي لتقرض الشبكة وننجي صديقنا. فقال الفأر للسلحفاة: انتظري أنت هنا؛ لأنك بطيئة المشي، وسوف يتأخر بنا الوقت لو ذهبت معنا. ثم خرج الفأر والغراب حتى وصلا إلى شبكة الصياد، فقرض الفأر الشبكة بأسنانه، فخرج الغزال سالما.
فكر الفأر والغراب والغزال في العودة سريعا، ولكنهم وجدوا السلحفاة أمامهم، فسألوها: ما جاء بك؟ فقالت: لقد ملأ الخوف علیکم قلبي، ولا عیش مع فراقکم، و جئت لأطمئن علیکم، وأثناء ذلك جاء الصياد، فجری الغزال، و طار الغراب، ودخل الفأر جحرا، فلم يجد الصياد إلا السلحفاة، فوضعها في الشبكة.. فكر الأصدقاء في إنقاذ السلحفاة، فقال الفار: أرى من حسن الحيلة أن ينام الغزال وكأنه جريح على الأرض، وينزل الغراب عليه كأنه يريد أكله، فيطمع الصياد فيه، ویتلهی عن السلحفاة، فاذهب أنا وأنقذ السلحفاة من الشبكة، وإذا اقترب الصياد طار الغراب وجرى الغزال. فنفذوا هذه الحيلة، وعاد الأربعة سالمين.