رد: رضيت بحياتها فارضاها الله
تخرج حياة البطاقة الشخصية وتحس بفرحة غامرة فهي الآن محسوبة على المجتمع
فإما أن تكون صالحة بقدر ما تستطيع فلا يحمل الله نفس فوق طاقتها
وإما أن تكون طالحة لا تستحق نعمة الحياة.. وكيف تكون في هذا السن ولا تستطيع أخذ قرار مصيري
مع ان أمها في مثل هذا السن كانت متزوجة ومسؤولة عن بيت وحياة بأكملها
بل وكانت تحمل في أحشائها حياة نفسها فهل هذا يعقل أمها مسؤولة عن أسرة
وهي لا تستطيع أخذ قرار وأي قرار هذا أمر من رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله
وتبدأ حياة في خطتها مستعينة بالله
الآن هي في النصف الثاني من الدراسة والمدرسون لا يهتمون بالغياب في هذه الفترة
يعني ممكن تتغيب ولا يؤثر هذا عليها في شيء وفي نفس الوقت هي لا تأخذ أي دروس خاصة يضطرها للخروج
وطبعًا هي عارفة جيدًا أن هذا سيؤثر عليها فلا يوجد من يشرح بضمير إلا القليل مثل مدرس الإنجليزي
وهي لن تستطيع وحدها معرفة غوامض الامتحانات وما يأتي فيه من غموض
وهذه فائدة الدروس فهي تفتح أما الطالب أبواب وأسرار الامتحانات
غير ما سيفوتها من دروس بسبب الغياب وحياة تعرف هذا جيدًا لكن لايهم
تجلس حياة في المنزل وتضع طرحة الصلاة على رأسها ليل نهار
فتتعجب أمها هي مالها عاملة ذي ستنا الحاجة كدة مالك متمشيخة كدة ليه
حياة: لن أخلع هذا حتى أتحجب ولن أخرج ولن أذاكر
يا إلهي ما هذه القوة التي أتت لي أنا لم أستطع يومًا أن أقف أمام أمي هكذا
فترفض الأم وتبكي حياة خلاص أنا قاعدة أهو ومش عاملة أي حاجة
يأتي الأب وهذه الحرب شغالة فيقف في جانب الأم ويرفض بشدة بسبب ما يراه من بعض المحجبات
للأسف لا أخلاق ولا أدب ويقول لحياة الناس تحسدني عليكم ويتمونون مثلكم
يقصد حياة وأخواتها فتصر حياة وتبكي بشدة فالبكاء هو مشكلتها لا تستطيع حبسه أبدًا
ويغضب الأب دائمًا بسبب هذا ويقول لها البكاء سلاح الضعيف
تظل حياة على هذا الحال لا تذكر كم من الوقت
وتأتي زوجة العم وتسأل عن سبب حال حياة وتورم عينيها وتعرف الموضوع
وبما أنها أيضًا في ذلك الوقت لم تكن محجبة فحاولت التأثير على حياة وقالت لها
أنتِ الآن ثانوية عامة والعام القادم ستدخلين الجامعة وسترين هناك عرض أزياء من البنات
غير فورمات الشعر لماذا تكبتين نفسك بالحجاب فلا يؤثر هذا الكلام في موقف حياة
وتظل على موقفها فترضي الأم أخيرًا السنة ستضيع على البنت لقد مر الكثير لا مذاكرة ولا مدرسة
وهي كأي أم تريد أحسن الكليات لأبنتها فهي أول فرحتها وكبرى أخواتها
تصل حياة لمرادها صحيح ليس تمامًا لأن الأم تريدها أن تلبس طويل وكل شيء
لكن عبارة عن فساتين وتنورات وغيره فترضى أحلام نصف العمى ولا العمى كله
المهم أنها تستر بدنها وشعرها وانتقت حياة ملابسها بألوان هادئة ولا تحتوي على أكثر من لون
وقد يتخللها لون آخر ولكن ليس بمبهرج وفي نفس الوقت الملابس فضفاضة بحيث لا تلتصق بجسدها
وتعود حياة للدرسة وهي ضاربة بالغطاء الرأس على رقبتها وصدرها
وتفرح بها زميلاتها وتحس أن الجميع ينظرون إليها فتحمر خجلًا
ويدخل مدرس اللغة الإنجليزية جزاه الله خير فقد كان له دور بأحاديثه الدينية
ويرى حياة وقد ضربت بغطاء الرأس عليها فيبتسم وكأنه يقول لها ألف مبروك
وتقترب الامتحانات وقد فات حياة الكثير لكن مش مهم ما يكتبه الله هو ما يكون
وتحاول حياة فهم ما فاتها ولكنها لا تستطيع ان تلم جيدًا وتدخل الامتحانات وتفعل ما في استطاعتها
وتظهر النتيجة ويكون مجموع حياة 63% ونصف هذا المجموع على غرار السنوات السابقة يدخلها كلية التجارة
ولكن الوزير يضع نظام جديد في هذه السنة وهو التوزيع الجغرافي
ومن لا يكون له مكان في الجامعات التي تقع في نطاقه لا يكون له مكان
وبسبب هذا ضاق المكان وقلت الفرص وتكون النتيجة أن من كان مجموعه بين الستين والسبعين يدخل معهد فني
ومن يحصل على أقل من ذلك يعيد العام الدراسي إجباري وبالفعل يعيد السنة شريحة كبيرة من الطلبة
ولا تحزن حياة لما أصابها فداخلها راضِ تمام عن حالها
ولكن الأهل يصرون أن تعيد السنة وتبدأها صح يعني بالدروس والمواظبة على الدراسة
ولكنها ترفض وترضى بما قدره الله لها
وتدخل حياة المعهد وترى العجب من انفلات في الملابس والاخلاق
طبعًا في شريحة قليلة جدًا ولكنها واضحة للعيون وتسكن مع بنات من أماكن مختلفة
ذات طباع وصفات جديدة لا تستطيع التأقلم معها ولكنها مضطرة للتعامل معها
حتى يمر العامين بسلام وفي هذه الفترة يسكن بجوارهم عبد الله شاب من ريف مدينتهم في منصب مرموق
ويراها وهي تصعد الدرج (السلم) فتقع في قلبه وينوي التقدم لها ولكن لا يعرف من هي
هل هي من سكان المنزل أم ضيفة أم ماذا......
توقفنا حبيباتي عند دخول حياة المعهد ثم رؤية عبد الله لها وهي تصعد الدرج وهو لا يعلم من هذه
وكانت في ذلك الوقت عائدة في أجازة لها من الدراسة
ويقدر الله تعالى أن لا تمر الإجازة إلا ويراها عبد الله ويعرف من هي
وذلك بسبب ظرف معين حدث عندهم في المنزل يضطرهم بالاستعانة بـــ عبد الله فهذا الظرف من اختصاص عمله
ويأتي عبد الله وتجد حياة أمها تقابله بالملابس الطويلة والغطاء على رأسها يا إلهي لقد تحجبت الأم
أتدرون كم فرحت حياة بهذا هذا إنجاز لقد خجلت الأم أن تكون ابنتها ساترة لبدنها ورأسها وهي لا
أما عبد الله ما إن علم بأن هذه الفتاة من هذه العائلة وعرف من تكون
ذهب إلى أحد أصدقائه وهو يعرف تلك العائلة ويفاتحه في أنه يريد التقدم لحياة
فيخبره هذا الصديق أن الأب يرفض كل من تقدم لها حتى تتم تعليمها فهو لا يحب الخطبة الطويلة
فقرر عبد الله أن ينتظر تلك السنة حتى تكون حياة انتهت من دراستها
وقد عرفت حياة هذه الأحداث وما جرى بعدها من عبد الله بعد أن تمت الخطبة
وفي خلال تلك السنة يحاول بعض أصدقائه في العمل أن يقنعه بخطبة إحدى الأقارب
وبالفعل ينجح ولكن عبد الله لا يستطيع تقبل الفتاة الأخرى فينسحب بعد أقل من شهر
وتنهي حياة العامين فيسرع عبد الله إلى زوج خالتها وهو أيضًا يعمل معه في نفس المكان
فيطمئنه بأنه سيزكيه لديهم وخاصة أنه يعلم أن هناك من أقارب حياة من ينتظرها
ولأول مرة ترى حياة من أمها أسلوب جديد في التعامل إنها تحاول أن تصادقها وتتكلم معها بحنان
وليس بأسلوب الأمر والنهي الذي اعتادت عليه وعرضت عليها الأمر وخيرتها بين فلان وفلان وعبد الله
فتحاول حياة أن تلملم من خجلها وتحاول إخراج صوتها لتقول فلان وفلان
أناديهم من صغري بعمو وأبيه فكيف أتعامل معهم وأتزوج أحدهم لا أستطيع أما عبد الله فلا أعرف
فتخبرها الأم أن زوج خالتها يصفه بأطيب الصفات وأنه يصلي فروضه في الجامع ولكنه يكبرها بـــ 15 عام
ولم تجد حياة في هذه مشكلة فهو لا زال شاب والسبب في تأخره في الزواج لأنه يقدر المسؤولية
فهذا الشاب قرر ألا يطرق باب أحد حتى يكون لديه جميع مقومات الزواج
وبالفعل يأتي عبد الله ليتقدم للأب ويقرأ الفاتحة وأثناء الجلسة يحاول أن يتكلم مع حياة فلا ترد
وتنظر في الأرض وقد أحست أن نار الدنيا تخرج من جسدها كله
فإذا بالأب يكلمها بحدة.. انظري لعريسك وردي عليه فيغلبها البكاء وتجري إلى غرفتها
يحبها عبد الله أكثر ويحس بأنها طفلته وليس زوجته
وتطلب الأم أن تتعرف على والدته وإخوته فلإنسان لا يتزوج فرد بل أسرة
وهنا تخرج حياة مرة أخرى بعد أن نادى عليها وتحايلوا على إخراجها وبدأ يحكي عن أمه
ويقول أن أباه قد توفي وهو في الصف الأول الإعدادي وأصغر أخواته لم يكمل عامه الثاني
فتترمل الأم عليهم وتحاول تسخير كل طاقتها لتحفزهم على استكمال التعليم
مع أن الريف في ذلك الوقت لا يهتم كثيرًا بالتعليم ولكن هذه الأم العظيمة تظل ورائهم
حتى يتخرجوا جميعًا من أحسن الجامعات وتعجب بها حياة من الكلام وتكن لها كل الاحترام والتقدير
وانتهت المقابلة على أن يأتي بالأم في اليوم التالي وتأتي الأم
وتحس حياة فيها بشدة وقسوة من اسلوبها في الكلام وطريقة سلامها فتخاف وبعد الانتهاء من المقابلة
تبكي حياة كيف التعامل مع هذه الحماة فتقول لها الأم نحن على البر وعمومًا هي تقطن في القرية
وأنتِ ستكونين هنا بالجوار وكل علاقتك بها ستكون زيارة لمجرد الصلة والمودة
لأن عبد الله قد أخذ شقة في السكن المجاور لحياة بجوار أحد أصدقائه وهذه حكاية أخرى
تنتهي زيارة الأم حبيباتي ويحدث الحوار السابق بين حياة وأمها وتستقر على الاستمرار
فقد استخارت الله تعالى بأن ييسر الأمور إن كان فيها الخير
غير أنها قد رأت رؤية بأن هذا الشاب قد أهداها هدية عبارة عن قلم وماكينة خياطة
وطبعًا هي لا تعلم ما تفسير وجود ماكينة خياطة في الأمر حتى الآن
ورأت رؤية أخرى أنها حفظت صورة البقرة وهو يحسها على إتمام حفظ القرآن
مع أن حياة في ذلك الوقت لم تكن تحفظ سوى قصارى السور
واتفق الأب على موعد حفلة الخطبة ولم يشترط عليه حد معين للشبكة
لأن الأب يرى أنها هدية وكل حسب المقدرة فهو يختار رجل وليس شبكة
وكل الدلائل تشير إلى صلاحه وتحمله للمسئولية وقد يعود هذا لكيفية نشأته كيتيم يدبر أمره وحياته
تتم الخطبة بدون عقد قران لأن الأب رفض أن يعقد القران إلا قرب الزواج
فتختار حياة فستان الخطبة أبيض ومن عادات هذه المدينة أن العروس إذا لبست الأبيض فهذا معناه عقد القران
واتفقت على أن الخطبة قصيرة فلا داعي لشراء فستانيين لمجرد ليلة واحدة لكن في نيتها إشهار زواجها
ولو بدون عقد قران وتمت الخطبة في منزل الأسرة بسلام وبدأت حياة في تجهيز بيتها
ويعدها عبد الله أنه سيفعل ما بوسعه لإسعادها ولن تكون حياتهم روتينية
فسوف يذهبون في رحلة كل جمعة لكسر روتين الحياة اليومية وما أدراكم أين كانت الرحلة
كل جمعة ستعرفون في سياق الكلام حتى لا نسبق الأحداث
كان عبد الله يفعل ما بوسعه لتجهيز بيت الزوجية ووالد حياة وأمها يجهزون ما عليهم أيضًا
حتى يتم الزواج في خلال شهرين ولكن حياة تصاب بحمى التيفود ومن الدرجة الأولى
فتلزم الفراش قرابة الشهر لا تقوى على الحراك فتطول مدة الخطبة لثلاثة أشهر
وفي هذه المدة تتعرف حياة جيدًا على حماتها بسبب الزيارات المتكررة أثناء مرضها
وتعرف منها أن زوجة ابنها الثاني تعيش معها في نفس المنزل لأنها من نفس القرية
والحماة هي الآمر الناهي في المنزل وهذه هي عادات أهل الريف عندنا والباقي ستعرفونه كما عرفته حياة بعد الزواج
غير حكايتها مع جارتها زوجة صديق عبد الله
وتتعافى حياة بفضل الله وفي خلال هذه الأشهر الثلاثة يأتي لأم حياة اتصالات كثيرة عبر الهاتف المنزلي
تخوفها من هذه الزيجة وتقول لها أن الزوج صعب المعشر
وأهله بحكم التربية الريفية لن تستطيع حياة العيش معهم ولن تستمر هذه الزيجة
وستعيش حياة في مشاكل كثيرة ولا تعلم الأم مصدر هذه الاتصالات أو من هي هذه السيدة وتحكي الأم لحياة ما يحدث
ولكن حياة لا تأبه لهذه الاتصالات وتقول لو أن هذه السيدة صادقة لعرفت نفسها
ولكن حياة تعرف من هي بعد الزواج ويتم الانتهاء من تجهيز البيت
ويتم الزواج وتدخل حياة بيتها وما أن تمس قدميها المنزل وتبدأ الأم والخالات في الانسحاب
حتى ينتابها خوف شديد وينتابها بكاء شديد لا تستطيع حبسه أو إيقافه ولكن يهدأها عبد الله
ويتعامل معها برفق وكأنها طفلة وتمر الليلة بسلام وتبدأ حياة حياة جديدة تمامًا
لا تعرف كيف ألهمها الله هذا الصبر عليها