الحلقه الثامنه
________
بينما كان يتوقف هاني وقلبه ينبض هلعاً ورعباً
وتسوده الحيره في ان يذهب ليسأل ايمن عما حدث لصديقته انجي وما الذي يبكي والدتها ويستعد لاي قول !
وبين خوفه من ان يسمع خبر لا يحتمله قلبه وعقله وربما يحطمه حطاماً !!!
وبين تلك الحيره المتضاربه قطع تلك الافكار صوت الطبيب وهو يبتسم في وجه والدتها قائلاً
ها هي الان سنسمح بنقلها من غرفة العنايه المركزه وإعادتها الى غرفتها لمدة 12 ساعه وبإمكانكم اعادتها الى بيتها
@@@
استعاد هاني هدؤه شيئاً فالآخر وبدأت ابتسامته تطفو فوق وجهه بين سيل متدفق من الدموع التي تمتلئ فرحاً
وسريعاً ما اسرع بخطواته تجاه ايمن قائلاً / متى نقلوها الى غرفة العنايه المركزه ؟ وهل ساءت حالتها بالامس؟
ايمن / نعم بعد ذهابك بمده قصيره امر الاطباء على الفور بنقلها الى غرفة العنايه المركزه
وما كان بإمكاننا جميعاً سوى ان نتوسل الى الله فى شفاؤها وما استطعت حينها الاتصال بك
فلا ارى انه بيننا من يستطيع ان يقدم شئ مفيد في تلك الحاله !!!
هاني / حمداً لله على سلامتها !
لثوان قصيره امتلأت ملامحه بشيئاً من الضيق والشرود
ثم ابتعدت خطواته قليلاً وقام بالاتصال على دارين
دارين / هاني ؟؟؟ ماذا حدث لماذا تتصل بهذا الوقت المبكر ؟؟؟؟
هاني / لا ، اطمئني لم يحدث شئ
ثقي تماماً انه لو كان هناك شيئاً حدث ما كنت الان اهاتفك عبر اتصال
بل كنتي ستستيقظي على قتلك بيداي !
انتفضت دارين من مرقدها واتكأت على وسادتها قائله فى تعصب / لما تحدثني بهذه الحده دائماً ، لِما اجيبني ؟؟؟
هاني / لم اهاتفك الآن كي نتسامر ، فقط انبهك بالانسحاب من حياتي وكل ما يخصني كان شخص او جماد !
وعلى الفور اغلق المحادثه وبدأ يستنشق انفاسه محاول استعادة هدؤه
وظل واقفاً حتى عشرة دقائق وخرج الطبيب قائلاً / ها هي الآن قد نقلناها الى غرفتها
بإمكانكم رؤيتها ولم اسمح سوىَ لشخصين وكل شخص لم اسمح له سوى بخمسة دقائق فقط !
على الفور اسرعت امها قائله / انا امها ، وليَ الحق ان اكون اول من تسمح له برؤيتها
حذرها الطبيب من أية انفعالات داخل غرفتها حتى لا يتم ازعاجها وأن تخرج حين تنبهها الممرضه بنهاية الخمس دقائق
وعدته امها بذلك .
وبعد مرور خمس دقائق خرجت امها وهي اكثر هدؤاً مما كانت عليه قبل رؤيتها
صاح الطبيب / والان تبقى شخص واحد يسمح له بزيارتها لخمس دقائق آخرون
تقدما كل من هاني وأيمن بخطوة واحده ثم توقفا
ونظرا كل منهما للآخر
ثم سارع هاني قائلاً / سيتفضل ايمن سيدي الطبيب
سأكتفي برؤيتها والاطمئنان عليها من النافذه
ابتسم ايمن فى وجه هاني قائلاً / اشكرك
بادله هاني تلك الابتسامه التي تحمل المحبه والشعور بالاخر دون كلمات
تحركت خطوات هاني قليلاً لرؤية انجي من النافذه
وها هو ايمن تتحرك خطاه تجاه مرقدها
ظل هاني يتأمل تلك الدموع التي تنفرط من عينا صديقه ايمن
ويداه التي تعانق يداها الهزيله النائمه
وشفتاه التي تتمتم بكلمات لم يسمعها هاني لكنها كاد أن يقرأها
^
كم هو رائع ذلك الحب الصامت الذي تقرأه الأعين فى عين المحب الصادق دون ان يتحدث عنها مسبقاً !!!
@@@
ورغم ابتسامة هاني في ذلك المشهد المتأمل
الا انه شعر بحرقه من الدموع التي لمعت بعيناه دون ان تسقط
وقرر الذهاب على الفور
وسريعاً ما مضت خطواته تجاه السُلم
ثم التقى بوالدة انجي
فقام بنداؤها
/ سيدتي ، عفواً ولكنني اراكِ ذاهبه تجاه بوابة الخروج
اذا كان هناك شئ تحتاجينه اخبرينني وسأذهب وأعود كي لا تتركي انجي فربما تفيق وتكون بحاجتك
ابتسمت في وجهه قائله / شكراً جزيلاً يا هاني ، كم انت شاب خلوق
انا ذاهبه الى المنزل سريعاً
فقد اوفيت جزءاً من المال الى حسابات المستشفى وسأذهب لأحضر بقية الحساب كي تعود انجي معي بالمساء
@@@
كاد هاني ان ينطق لا داعي لذلك سأقوم بإنهاء جميع الاجراءات والحسابات
ولكنه سريعا ما تراجع خوفاً من ان يخجلها
فقط ابتسم فى وجهها قائلاً / حسناً اذهبي وحاولى الا تتأخري
وفور خروجها عاد سريعاً متلفتاً باحثاً حوله عن موقع موظفي الاستقبال
وذهب مسرعاً اليهم مستفسراً عن ما تبقىَ من حسابات المريضه بغرفه رقم (9)
اجابه الموظف بالحساب المتبقي
وقام هاني بدفعه واستلام الايصال .
@@@
وخرج هاني على الفور وهو يشعر بسعاده بالغه
فهو يعلم جيداً ان والد انجي متوفي منذ اعوام
ووالدتها تعمل معلمه بإحدى المدارس الابتدائيه
ولدىَ انجي اخت بالثانوية العامه
فدائماً يستطيع تقدير الامور بنظرته الخاصه
وها هو الان يشعر ان سعادته قد اكتملت كالعاده حينما يقدم المساعده للآخرون
@@@
مضى من الوقت اربعون دقيقه
حتى وصل هاني ليستريح بإحدى المطاعم ليتناول فنجان من القهوه
دق هاتفه
توقع ان تكون دنيا وتناول هاتفه وهو يقول كنت سأهاتفها فور خروجي
لكنها لم تكن دنيا .
ها هي والدة انجي
قام بالرد عليها
هاني / مرحباً سيدتي
والدة انجي / ذهبت الان لسداد الحسابات وأخبروني ان هناك شاب قام بتسديدها
وحينما قرأت التوقيع وجدته أنت ، لما فعلت ذلك يا ابني ؟؟؟
هاني / ها أنتِ أجبتي ذاتك قبل ان تستمعي الى اجابتي ، بنهاية حديثك قلتي إبني
إن لم تكن هي مجرد كلمه فهذا يعني انني فعلت شيئاً تجاه أختي ليس إلا
ثم صمت قليلاً وعاد قائلاً / لو تعلمين انني شعرت بالأمس انني على استعداد ان اشارك بكل ما أملك فى سبيل شفاء انجي
ما قلتي هذه الكلمات !
ولو تعلمين ايضاً كم تعني حياة الا عزاء في حياة الاخرون لرأيتي بعيناكي انني لم افعل شيئاً يستحق الكلام
بل سأقيم احتفال خاص لشفاء انجي يجتمع به كل محبيها كي ينبض قلبها بحب الحياه من جديد
وصمت مجدداً ثم امتدت اصابعه تمسح تلك الدمعه التي كادت ان تسقط واستعاد حديثه قائلاً /
الصداقه ليست مظاهر وليست كلمات والدتي العزيزه .
والدة انجي / كم انت رائع حقاً ،وفقك الله دائماً
@@@
انتهت المحادثه بينهما ولم يعلم هاني لِما تذكر اخته التي توفت من سبعة أعوام في صراع مع المرض
وهي زهرة يانعه في تشبه الزهور المتفتحه !
جلس يتذكر آخر لقاء بينهما
يتذكرها وهي تبتسم فى وجهه وتمسح دموعه قائله / اذا كنت تحبني حقاً فلا داعي لأن تؤلمني اكثر
ها هي الحياة من يخرج منها لم ينتهي ، على العكس تماماً ها هو يذهب الى البداية الأبديه
هنا جميعنا ينتظر النهايه ويعلم انها قادمه ، لكن هناك حياة أخرى بلا نهايات
^
سيل من الدموع احاط وجهه
كم تألم حين تذكرها
كان عمرها فقط ستة عشر عاماً
وكانت تصغره بثلاث اعوام
لكنه كان دائماً يشعر بالارتياح الى حديثا وعقلها ورجاحتها رغم عمرها الطفولي
ظل يبكي كثيراً دون شعور
يحدث نفسه في صمت قائلاً / يا إلهي / تعلم بنفسي وتعلم كم تؤامني تلك الذكرى
فرجاءاً إلهي لا تحملني رؤيتها مجدداً
فإن كان لابد / فنهاية حياتي انقاذ عظيم لي من حياة أخرى ارى بها ذلك المشهد مجدداً
ثم انهمرت دموعه دون ان يستطيع السيطره عليها
حتى رنين هاتفه لم ينتبه اليه تلك المره !!!!!!!!!!!!