رد: بحث رائع عن استراتيجيات في إدارة وضبط الصف
ثالثاً: وضع القوانين ( Setting Rules )
تعتبر القوانين الصفية من الدعائم الأساسية للإدارة الناجحة في العملية التربوية. إذ يؤكدا سميث وريفيرا (1995 ) على أهمية توضيح التوقعات والقوانين، التي يبنيها المعلم مع طلابه، بشكل قاطع لا مجال للشك فيها. يجب على المعلم أن يوضح لطلابه ومنذ بداية السنة، ما هي السلوكيات المقبولة المتوقع منهم تنفيذها، والسلوكيات غير المقبولة التي يجب عليهم تجنبها. فالطلاب يحتاجون إلى القوانين الصفية الواضحة؛ لأنها تزودهم بالمعايير اللازمة للسلوكيات المقبولة اجتماعياً.
تشير الدراسات إلى أن هناك عوامل هامة، يجب على المعلم أن يأخذها بعين الاعتبار، عند القيام ببناء قوانين صفية، ومن هذه العوامل:
* أن تكون القوانين قليلة العدد. والعدد الملائم للقوانين الصفية في المرحلة الابتدائية، عادة يتراوح ما بين 4 إلى 6 قوانين.
* أن تكون القوانين واضحة وسهلة الفهم.
* أن تحتوي القوانين على "مطلب واحد" فقط في كل قانون.
* من المحبذ صياغة القوانين بطريقة إيجابية لغوياً، أي الامتناع على قدر الإمكان عن استخدام قوانين تبدأ بكلمات مثل، ممنوع، أو لا تفعل..الخ.
* من المهم أن يقوم المعلم بتعليق القوانين أمام الطلاب، بعد أن يكون قد كتبها على لوحة كبيرة وبخط كبير وواضح.
* العمل على متابعة القوانين بشكل متواصل وبدون تمييز حتى يتم تثبيتها عند الطلاب.
* العمل على صياغة القوانين بلغة بسيطة، مباشرة وسهلة المتابعة.
* أن يوفر المعلم لطلابه فرصة التدرب على تلك القوانين ( سميث وريفيرا، 1995؛ شورز وآخرون، 1993 ).
أشارت أيضاً الدراسة التي قام بها انجلرت، تارانت ومارج ( Engirt, Tarrant and Mariage, 1992 ) إلى أهمية بناء القوانين الصفية، خاصة في إطار التربية الخاصة. فقد نوّه الباحثون إلى التأثير الكبير الذي تتركه القوانين التي يبنيها المعلم، في مطلع العام الدراسي، على سلوك الأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أنهم يقترحون أن لا يكتفي المعلم ببناء قوانين للسلوكيات المقبولة فقط؛ بل أيضاً للأنشطة والفعاليات غير التعليمية. كما يجب أن يتم مناقشة تلك القوانين بشكل جماعي، وتذكير الطلاب بها باستمرار، والقيام بالتدرب عليها داخل الصف، مع توضيح النتائج المتوقعة من عدم الالتزام أو القيام بها.
أمثلة على القوانين الصفيّة:
اصغ لزميلك عندما يتكلم.
- كن جالساً في مقعدك عندما يقرع الجرس.
- اتبع التعليمات ( أو اتبع تعليمات المعلم/ة ).
- ارفع يدك ( إصبعك ) قبل البدء بالحديث.
- استخدم أغراض زملائك فقط بعد استئذانهم.
- ابق في مكانك حتى تنهي مهمتك.
رابعاً: إدارة الأعمال المقعدية ( Seatwork Management )
عندما يبدأ الطلاب العمل على تنفيذ تدريبات، أو مهمات صفية داخل الطاولة أو المقعد، تبدأ الفوضى بشكل طبيعي. الأمر الذي يتطلب بناء قوانين وإجراءات تبين كيفية التصرف في تلك المواقف. وقد أشارت الدراسة التي قم بها انجلرت وآخرون (1992) إلى أهمية إدارة المعلم للنشاطات والتمارين التي يقوم بها الطالب في مقعده. فهم يؤكدون أنه إذا عمل المعلم على مراقبة نشاطات الطلاب المقعدية بحذر، فإن ذلك سيضمن بقاء الطالب مركزاً في مهمته، وبالتالي يؤدي إلى إدارة جيدة للصف. فالاستراتيجيات التي يطبقها المعلم على مستوى الإدارة المقعدية، تتطلب منه القيام بالتجول بين الطلاب بشكل طبيعي، وأن يعمل على مساعدة الطلاب الذين يستصعبون في حل تمارينهم؛ والتأكد من أن الفعاليات التي بقوم بها الطالب تخدم الأهداف التعليمية المراد تحقيقها. هذا السلوك من جانب المعلم، يساهم بشكل مباشر في زيادة نسبة إنتاجية الطالب التعليمية من جهة؛ و يؤدي أيضاً إلى زيادة سيطرة المعلم على ضبط الصف ( انجلرت وآخرون،1992 ).
عندما يعمل المعلم على شرح وتوضيح ما هو المطلوب من طلابه بدقة، ويبين لهم أهمية المهام والواجبات التي يجب أن يقوموا بها والأسباب من وراء تنفيذها؛ ويفحص مدى فهمهم للتأكد من عدم وجود أشياء مبهمة وذلك من خلال طرح أسئلة، ماذا، لماذا، كيف ومتى؛ ويعمل على إعطاء النماذج الملائمة لتنفيذ التمارين؛ فإن هذا سيساعده على إدارة أفضل لطلابه. كما وأن المعلم الذي يزود الطلاب بالتغذية الراجعة ( Feedback ) اللازمة لطلابه، ويوظف وقت تمرير مادة الدرس بشكل فعّال، ويعمل على إدخال وسائل التعليم البديلة كالعمل في مجموعات؛ فإن ذلك سيدعم- بلا شك قدرته على إدارة الصف وضبط الطلاب (انجلرت وآخرون،199). انه لمن الواضح أن المعلم الذي يحافظ على اشغال الطلاب بشكل دائم، من خلال إعطائهم مهمات تعليمية مثيرة وعملية، ولها أهداف مناسبة لاحتياجاتهم وقريبة من عالمهم؛ فإن هذا سيحافظ على بقائهم في مقاعدهم، ويخفف من نسبة إحداثهم للفوضى وقيامهم بالسلوكيات السلبية غير المقبولة.
تضيف ستيفينز (1997 ) بعض الاستراتيجيات
التي تساهم بشكل كبير، في عملية بقاء الطالب الذي يعاني من مشاكل في التركيز والحركة الزائدة، مركزاً في مهمته، وتعمل على دعم عملية تعلمه. حيث تقترح أن يعمل المعلم على اختيار زميل/جار مناسب ( The “Good Neighbor” ) ليجلس إلى جانب الطالب المعني، لكي يساعده في البدء في التمارين، وفي الإجابة على أسئلته المتعلقة- عادة- برقم الصفحة، أو بما هو المطلوب من السؤال، وما هذه الكلمة..الخ،. كما ويسمح لهما بالتحدث بشكل طبيعي، ولكن في الأوقات المسموحة وبصوت منخفض على قدر الإمكان. عندما يعمل المعلم على اختيار الطالب-الجار يجب أن يدربه على طريقة التعاون مع زميله، ويوضح له ما هو مسموح وما هو ممنوع. كما ويعمل على تفسير الأمور بالطريقة نفسها للطالب الآخر حتى لا يتحول إلى اتكالي.
تقترح ستيفينز (1997 ) أيضاً،
أن يعمل المعلم على معالجة مشاكل الفوضى وقلة الترتيب ( Dealing with Disorganization ) عند هؤلاء الطلاب، أي الذين يعانون من اضطرابات في التركيز والحركة الزائدة والاندفاعية. بالنسبة لهؤلاء الطلاب، كل تغيير بسيط في برنامج اليوم الدراسي، يدفع العقل إلى التشتت بسرعة. ففي الوقت الذي يبدأ فيه طلاب الصف بالعمل على مهماتهم، يكون هؤلاء الطلاب منشغلين في أشياء أخرى، وقد فوتوا الفرصة لفهم المطلوب منهم. وفي الوقت الذي يبدءون في البحث عن كتابهم أو الدفتر المطلوب للقيام بالمهمات، تبدأ رحلة الاكتشافات اللانهائية بسبب سهولة تشتتهم؛ الأمر الذي يؤدي في العديد من المواقف إلى إثارة الجدالات غير اللازمة بينهم وبين المعلم، وبالطبع هذا يجر المعلم إلى تجاهلهم أو معاقبتهم. فهؤلاء الأولاد بحاجة إلى من يساعدهم في تنظيم أفكارهم، وتوفير الطرق المفيدة لترتيب حاجياتهم، وأيضاً تزويدهم بالمهارات الفعّالة لتجنب إطالة وقت تنفيذ المهمات، وإضاعة الوقت قبل لبدء بها.
تذكر روفي وأوريردان ( Roffey, and O’Reirdan, 1997 ) في دراستهما،
أهمية قيام المعلم بتنفيذ إجراءات يومية تعمل على تعويد الطلاب
على السلوكيات اليومية المتوقعة منهم. إذ أن القيام بتنفيذ روتين صفي دائم، يساعد الطلاب على اتباع التعليمات والعمل حسب توقعات المعلم، وأيضاً يزيل البلبلة لديهم. كما وتقترحان بعض النقاط، التي من المحبذ أن يأخذها المعلم بعين الاعتبار،
عند القيام ببناء روتين وقوانين صفيّة، ومنها النقاط التالية:
إجراءات وقوانين تتعلق بكيفية استخدام المواد في داخل وخارج غرف الصف.
إجراءات لبداية ونهاية اليوم الدراسي، أو لبداية ونهاية الحصة.
قوانين العمل في المهمات الفردية في المقعد وكذلك الفعاليات التي يبادر فيها المعلم.
إجراءات وقوانين تتعلق بالمهمات الجماعية وخاصة المجموعات الصغيرة.
إجراءات عامة أو خاصة تتعلق بالوضع الخاص لكل صف ( روفي وأوريردان، 1997 تلخيص
الإجابة على حل مشاكل الضبط في الصف، في أطر التربية الخاصة و الابتدائية- كما يبدو- ليست بسيطة وليست هناك إجابة واحدة فقط؛ بل العديد من الإمكانيات التي تزودها الدراسات والأدبيات المتعلقة بالإدارة الصفيّة. تلك التوجهات النظرية المبنية على دراسات وتجارب ميدانية، عندما يتم تطبيقها من قبل المعلم بالشكل المدروس بدقة، فإنها- بلا شك- ستؤدي إلى نتائج إيجابية ملموسة. فإذا تمت السيطرة على عمليات الإزعاج والفوضى، من خلال القيام بإجراءات وقائية منذ البداية؛ فإن هذا سيوفر على المعلم والصف الكثير من الوقت الضائع، ويخفف من حدة التوتر والضغط لجميع الأطراف، كما ويزيد من ثقة الطالب بقدراته وبذاته وكذلك يحفظ له كرامته.
أنّ أفضل الاستراتيجيات التي يمكن أن يقوم بها المعلم لضبط الصف، تعتمد بالأساس على وسائل الوقاية المختلفة. ومن هذه الوسائل توفير جو إيجابي من خلال تزويد الطلاب بتعزيزات إيجابية خاصة ومحددة، وإجراء أسلوب التفاعل التبادلي، وتنظيم الصف من الداخل. وضع القوانين التي تنظم طريقة عمل الطلاب وتظهر السلوكيات المطلوبة، أيضاً تعتبر من الاستراتيجيات الوقائية الهامة التي يحتاجها الطلاب بشكل دائم. كما وتستخدم إدارة المهمات المقعدية (Seatwork Management )، لاشغال الطالب في مهماته والمحافظة على تركيزه، بدلاً من انشغاله في حل صراعات أخرى نابعة عن المشاكل السلوكية الطلابية. بناء علاقات إيجابية مع الطلاب على المستوى الشخصي، خاصة مع الذين قد يتسببون في مشاكل سلوكية، يعتبر أمر هام وقد تساهم تلك الطريق بشكل خاص، في السيطرة على سلوك هؤلاء الطلاب، وبالتالي ابعادهم عن التورط مع الآخرين بسهولة.
أخيراً، على المعلم أن يعطي البدائل لطلابه لطرق حل الصراعات ومواجهة مواقف العنف والعدوانية، وذلك من خلال توفير فرصة يقوم بها المعلم بالنمذجة وبتمثيل الأدوار لكيفية التعامل مع المواقف المختلفة. هذا من شأنه أن يساعد هؤلاء الطلاب، على التأقلم مع الآخرين والتفاعل معهم ايجابياً ويجنبهم التدهور في علاقاتهم مع المعلم وزملائهم، كما ويؤدي بالتأكيد، إلى المحافظة على ماء وجه المعلم وكرامة الطالب.
منقوووووووول من الدكتور ابراهيم رشيد ابو عمرو خبير ومستشار صعوبات التعلم جزاه الله خيرا