# في الساعة الثالثةِ ظُهرًا :
أبو خالد : هناء ، خالد ، تعالا إلى هُنا .
أم خالد : أبا خالد ، لا أَظُنُّ أنَّهما سيُغَيِّران نَمَطَ حياتِهما بهذه
السُّرعة ، ورُبَّما لن يَستجيبا لَكَ ، فيُغَيِّرا ما اعتادا عليه ،
لِيتقيَّدا بما أعددناه مِن برامج .
أبو خالد : لن أطلُبَ منهما أن يَتخلَّيا عن سَهراتِهما وعن ما
كانا يفعلان ، فقط سأُكَلِّفهما بهذه الأعمالِ ، ولن آخُذَ رأيهما ،
لقد أسرفنا كثيرًا في تدليلهما ، وهذه نتيجة التدليل ، شبابٌ لا
هَمَّ يَحمِلُهُ ، ولا وقتَ يَستثمِرُهُ فيما يُفِيدُ . أمَا ترينَ كيف هما
مُستهتران بكُلِّ شئ !
أم خالد : كلامُكَ صحيح ، لكنْ أخشَى .......
خالد - وهو يَفرُكُ عَينيه مُتثائِبًا - : ماذا هُناكَ يا أبي ؟
أبو خالد : تعالَ واجلِس . أين هناء ؟
خالد : ها هِيَ قادِمة ، وعلى وَجهِها دَهشةٌ واستغـراب .
هناء : وأنتَ ألَا تَـرَى وَجهكَ ؟ اذهَب واغسل وَجهكَ ؛ لِتَطرُدَ
النَّومَ مِن عَينيكَ .
أبو خالد : كَفَى ، أنا لم أُنادِ عليكما لِتختصِمَا . هَيَّا
كُلُّ واحِدٍ منكما يختارُ ورقتين مِن هذين الصُّندُوقَين .
خالد : وماذا فيه ؟
هناء : أكيد هدايا كما عَوَّدَنا أبي . أبي ، لا يَحتاجُ الأمرُ للاختيار ،
أنتَ وَزِّعها علينا ، ونَحنُ راضِيَانِ ، ولن نتشاكَس .
خالد : صَحِيحٌ ما قالته هناء ، وها هِيَ وِجهاتُ نَظَرِنا قد اتَّفَقَت .
هَيَّا يا أبي ، وَزِّعها ، إنِّي أكادُ أسقُطُ مِن شِدَّةِ النُّعاس .
أم خالد : ما رأيُكَ يا أبا خالد ، أنا أول مَن يقومُ بالاختيار ؟
أبو خالد : لا ضَيْر . أمامَكِ صُندُوقَين ، اختاري مِن كُلِّ صُندُوقٍ ورقة .
أم خالد : بِسْمِ الله ، الَّلهم سَلِّم ، سَلِّم .
و خالد و هناء يُتمتِمان : ما هذا ؟! لِمَاذا أُمِّي مُتردِّدَةٌ هكذا ؟!
لا ، وكأنَّها خائِفة ، المَوضوعُ ليس هدايا ، إنَّما هو شيءٌ آخَر !
هناء : هَيَّا استعِـدّ ، دَوْرُكَ أنتَ .
خالد : بل أنتِ ، أنتِ أكبَرُ مِنِّي ، أنسيتِ ؟!
أبو خالد : هناء ، هَيَّا دَوْرُكِ ، اختاري ورقةً مِن كُلِّ صُندُوق .
هناء تَهمِسُ : أبي اليَومَ جَادٌّ على غير العَادةِ . ما الذي تَغَيَّرَ ؟!
وبِصَوتٍ مُرتفِعٍ تقول : ولِمَ لا يَختارُ خالد أولاً ؟!
أبو خالد : هناء ، لا تُجادِلي كثيرًا . هَيَّا اختاري ، والتَّقدِيمُ
والتَّأخِيرُ لا يُؤثِّرُ بشيء .
أم خالد : هَيَّا يا هناء ، بل التَّأخِيرُ يَجلِبُ لَكِ القَلقَ ، اختاري
حتَّى ترتاحي .
وتختارُ هناء ورقةً مِنَ الصُّندُوقِ الأول ، وتقرأ بِصَوتٍ خافِتٍ :
صاحِبُ الورقةِ يَقومُ بالتَّالي : يُعِدُّ لِوجبةِ الإفطارِ طبقًا مِن أطباق
المَوالِح - يَبحَثُ في تفسير آخِر آيةٍ تَوَقَّفَ عِندَها في خَتمتِهِ .
وهِيَ مُندهِشَةٌ ، تتناولُ الورقةَ الثانيةَ ، وقد كُتِبَ فيها : مَن لَم
يَقُم بالمَطلوبِ ، فعِقابُهُ : سِجنٌ في غُرفةِ المَكتبةِ مِن بعد صلاةِ
التراويح حتَّى الفَجر ، ويُمنَع اصطحاب الجَوَّال .
هناء صامِتة ، و خالد ينظُرُ إليها ، ويُحَدِّثُ نَفْسَهُ : ماذا دهاها ؟!
ثُمَّ يَنهَضُ بخُطَىً مُتثاقِلَةٍ ، ويُدخِلُ يَدَهُ في الصُّندوقِ ، ويُقلِّبُ
الأوراقَ يَمنةً ويَسْرَةً : هذه ، لا بل هذه ، لا ، لا سأختارُ هذه ،
بِسْمِ اللهِ ، توكَّلتُ على الله .
وبسُرعةٍ يَضعُ يَدَهُ في الصُّندوقِ الثاني ، ويَسحَبُ منه ورقة ،
ثُمَّ يَتَّخِذُ مِنَ البيتِ مكانًا قَصِيًّا ؛ لِيَقرأ ما بداخِلِ الورقتين .
ويَفتحُ الورقةَ الأولى ، لِيَقرأ : صاحِبُ هذه الورقة ، عليه القِيَامُ
بالتَّالِي : عَمَلُ طَبق حَلا - البَحثُ عن سَبَبِ نُزُولِ آخِر سُورةٍ
تَوَقَّفَ عِندَها في خَتمتِهِ . وهو غَيرُ مُصَدِّقٍ ما يقرأ .
يتناولُ الورقةَ الثانية . لكنْ بسُرعةٍ خاطِفةٍ تَنشِلُ هناء الورقةَ
مِن يَدِهِ ، ثُمَّ تنفجِرُ ضاحِكَةً .
## في الحَلقةِ القادِمة :
ما عِقابُ خالد يا تُـرَى ؟!