يقول جويدة فى قصيدته والتى وصف من خلالها رحلته إلى الأراضي المقدسة لتأدية مناسك الحج ، وفيض المشاعر الإيمانية التي تحل بالمسلمين في مكة عند الطواف بالكعبة والوقوف بعرفات ، والصلاة في الروضة الشريفة أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ركب الزمان يطوف في عبراتي ... وأنا أراك تطل مـن عرفات
وأمامك التاريخ يسجد خاشعا ... والحق حولـك شامـخ الرايات
وتودع الدنيا بوجــه مشرق ... فيه الجلال.. ونبل كل صفات
تبكي الجموع وأنت تهمس بينها ... قد لا أراكم في الحجيج الآتي
لكنني أودعت في أعناقكم ... قرآن ربي.. سيرتي وحياتـي
لا لن تضلوا إن تمسكتم به ... فخلاص هذي الأرض في آياتي
ويطل وجهك خلف ستر خافت ... فتري حشود الحق في الصلوات
وتري الوجوه وقد أضاء جلالها ... والدهر يكتب أقدس الصفحات
وتصيح فيهم أن غــاية ديننا ... طهر القلوب ورفعة الغايات
فجر الضمير رسالتي لا ترجعوا ... للكفر بعدي.. في ثياب طغاة
لا تقربوا الأصنام بعدي إنها ... بيت الضلال.. وآفـة الآفات
ولتعبدوا الرحمن ربا واحدا ... فعلي هداه تفجرت صيحـاتي
الله خالق كل شيء فاجمعوا ... أشلاءكم بالحق والرحمات
وحدت أشلاء.. جمعت شراذما ... وجعلت من طلل الشعوب بُنـاتي
الظلم في ركب الحياة ضلالة ... والعدل نور الله في الظلمات
والذم في وجه الحياة جريمة ... وتميمة للرجس واللعنات
والحق أولي أن تـصان حصونـه ... ليظل تاج الأرض والسموات
والأرض عرض والدماء محارم ... ونقاء مال المرء بالصدقات
حرية الإنسان غاية ديننا ... وطريقـنا في كل فجر آتـي
ونساؤكم في كل بيت رحمة ... تاج العفاف وسـام كل فتاة
والعدل دستور الحياة فإن غفــي ... هرعت حشود الظلم بالويلات
والحكم عدل والشرائع حكمة ... والنفس عنــدي أكبر الحرمات
أهل الكتاب لهم حقوق مثلنا ... في الأمن.. في الأوطان.. في الصلوات
الله ساوي الخلق وحد بينهم ... في العيش.. في الأنساب.. في الدرجات
أما الحياة وديعة في سرها ... هل يستوي الأحياء بالأموات ؟
ويل لأرض مات فجر ضميرها ... موت الضمائر قمة المأساة
لكنني أيقنت أن رسالتي ... فيها الهدي من خالق السموات
بلـغت يا الله فاشهد أنني ... لم أنس حق رعيتي ورعاتي
زوروا المدينة.. وأذكروني عندها ... من زار قبري صافحته حياتي
أنا لم أكن إلا رسولا قد خلت ... قبلي رسالات وهدي عظات
بشر انا.. ما كنت ربا بينكم ...بل كنت فجرا لاح في لحظات
وأفاض في الدنيا.. وأيقظ أهلها ... بالحق.. والتـنزيل.. والآيات
فإذا بدا في الأفق غيم عابث ... صلوا علي.. وأكثروا الصلوات
ركب الزمان يطوف في نظراتي ... وتتوه في عمق المدي كلماتي
ماذا أقول ونور وجه المصطفي ... كالصبـح أشرق في شواطيء ذاتي
ويطل وجهك في الحجيج كأنه ... وجه السماء أضاء في جنباتي
يا سيد الخـلـق الرفيع تحية ... من كل شوق فاض في عرفات
طوفت في أرجاء مكة ساعيـا ... وعلي مني ألقيت بالجمرات
ونظرت للأفق البعيد وحوله ... تسري أمامك جنة الجنات
ووقفت تصرخ يا الهي أمتي ... فيجيب رب الخلق بالرحمات
لم تنس أمتك الحزينة كلما ... هرعت جموع الناس بالدعوات
وسألت رب الكون هذا حالـهم ... فقر.. وجوع.. وامتهان طغاة
يارب هذي أمتي مغلوبة ... ما بين حكم جائر.. وغزاة
الركب ضل وشردته عواصـــف ... بالعجز.. والطغيــان.. والنكبات
جمعتهم في كل شيء كلما ... نادي المؤذن داعيــا لصلاة
والآن صاروا في الحياة بلا هدي ... تبدو عليهم سكرة الأمـوات
أنا في رحابك جئت أحمل أمة ... ماتت علي أطلالها صرخاتي
والحاقدون علي الضلال تجمعوا ... والأمة الثكـلي فلول شتات
في الكعبة الغراء وجهي شاخــص ... تتسابق الصلــوات في الصلوات
والناس في الحرم الشريف توافدوا ... ضوء الوجوه يطـوف في الساحات
الله أكبر والحجيج مواكب ... من كل لون قادم ولغـات
الله وحدهم علي وحي الهدي ... رغم اختلاف الجنــس واللهجات
جاءوا فرادي يحملون ذنوبهم ... ويفيض صفـــح الله بالنفحات
حين استوي الرحمن فوق عبـــاده ... العفو كان بداية الرحمات
يارب فلتجعل نهاية رحلتي ... عند السؤال شفاعتي وثباتي
أنا في رحابك جئت أحمل توبتـي ... خجلان من شططــي ومن زلاتي
أنت الغفور وكان ضعفي محنتي ... وعذاب قلبي كان في هفواتي
أشكو إليك الآن قلة حيلتي ... وهوان عمري.. حيرتي وشتاتي..
تتزاحم الأيام بين خواطري ... ما بين ذنب حائر وعظات
يارب سيرت القلوب مواطنا ... للحب.. فاغفر يا كريم هنـاتي
قد كان ذنبي أن قلبي عاشق ... فأضعت في عشق الجمال حياتي
أنت الذي سطرت قلبي غنوة ... للعاشقين.. وهذه مأساتي
اغفر ذنوب العشق إن جوانحي ... ذابت من الأشــواق والعبرات
والآن جئتك بعد أن ضاق المدي ... واثــاقـلـت في رهبة خطواتي
ندما علي عمر تولي ضائعا ... أم خشية من طيف عمر آت
أسرفت في ذنبي وبابك رحمتي ... ولديك وحدك شاطـئي ونجاتي