بخروج الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش من السلطة، سيفقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حليفاً مهماً لتحقيق ما يعتبره مراقبون غربيون حلمه في بناء \
غير أن خوض معركة بسبب أوكرانيا، أو الدخول في "مزايدة" جديدة مع الاتحاد الأوروبي لكسب نفوذ على الدولة التي تعاني من ضائقة مالية، يبدو في نظر كثير من هؤلاء المرافبين أمرا ينطوي على مجازفة.
فلا طاقة لموسكو، على ما يظهر، بتحسين حزمة الإنقاذ المالي التي عرضتها على أوكرانيا في ديسمبر وقيمتها 15 مليار دولار. كما أن اتخاذ إجراءات أكثر قوة، مثل السيطرة على مناطق شرقي أوكرانيا التي يغلب عليها المتحدثون بالروسية، ينطوي على إثارة صراع أكثر خطورة.
وعلى الرغم من أن بوتن لم يصرح مؤخراً بأي شيء حيال التطورات في كييف، إلا أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت في وقت لاحق أنها استدعت السفير الروسي لدى أوكرانيا للتشاور.
وبينما تعهد الرئيس المؤقت لأوكرانيا ألكسندر تيرتشينوف بإعادة بلاده إلى مسار الاندماج مع أوروبا، بعد إطاحة يانوكوفيتش، حذرت واشنطن موسكو من إرسال قواتها إلى أوكرانيا.
فقد سئلت مستشارة الأمن القومي الأميركية، سوزان رايس، عن احتمال إرسال روسيا قوات إلى أوكرانيا، فقالت "سيكون هذا خطأ جسيماً".
وقد لا تخاطر واشنطن وحلفاؤها في الناتو على الأرجح في الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، لكن هذه اللهجة المحملة بأصداء الحرب الباردة تؤكد على الأخطار الجسيمة في أوكرانيا التي يبلغ تعدادها 46 مليون نسمة، وأصبحت محور صراع سياسي.
انتصار في لعبة الشد والجذب؟
في نوفمبر الماضي، حقق بوتن ما بدا أنه نصر حاسم عندما رفض يانوكوفيتش اتفاقات كان من شأنها أن تقيم علاقات تجارية وسياسية أوثق مع الاتحاد الأوروبي، واختار إعادة بناء العلاقات الاقتصادية مع روسيا بدلاً من ذلك.
وكانت الكلفة كبيرة، فقد وافقت روسيا على حزمة إنقاذ قيمتها 15 مليار دولار لأوكرانيا المثقلة بالديون، ووعدت بخفض السعر الذي تشتري به كييف الغاز الروسي.
ويمثل حجب هذه الأموال وسيلة ضغط لحمل أوكرانيا على البقاء في جانب روسيا، وقد لمحت موسكو بصراحة في الأيام الأخيرة إلى إنها ستستخدم هذه الوسيلة.
فقد قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، الأحد، إن موسكو لن تصرف الشريحة الثانية من حزمة الإنقاذ، وقدرها مليارا دولار، إلا بعد تشكيل حكومة جديدة في كييف.
ومن بين وسائل الضغط الأخرى التي يمكن لموسكو اللجوء إليها رفع سقف الحواجز أمام الواردات من أوكرانيا.
بالمقابل، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم "مساعدة كبيرة" لأوكرانيا وفقاً للوعد الذي قدمه مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين مشترطاً أن توجه الحكومة الأوكرانية المقبلة نظرها غرباً لا شرقاً.
ولكن يبدو من غير المؤكد أن يقبل بوتن مثل هذه الهزيمة في لعبة شد الحبل التي كان يظهر حتى أيام قليلة خلت، الفائز فيها.
وبالتأكيد ستكون ضربة موجعة، في وقت لا يحقق فيه إنجازه الكبير الآخر في مجال السياسة الخارجية لعام 2025، وهو الحصول على موافقة دمشق على تسليم أسلحتها الكيماوية لتفادي خطر التعرض لضربات عسكرية أميركية، إلا تقدماً بطيئاً.
وإذا دارت أوكرانيا على عقبيها ثانية وسارت نحو الاتحاد الأوروبي فسيمنى بوتن بنكسة في مجال السياسة الخارجية قد يكون وقعها سيئاً على وجه الخصوص في الداخل.