بعدما خلق الله تبارك وتعالى
الأنبياء
خلق أرواحنا وأرواح المؤمنين وبنى آدم ، والجنِّ ، والملائكة ، وغيرهم
إلى قيام الساعة
وبعدما خلق الأرواح كلَّها
عمل اجتماعٍاً عاماً لجميع الكائنات ، جمع الكلَّ
ونحن كنَّا حاضرين كذلك
ولكن حاضرين بالأرواح
وفيه قال النبى : (إنَّ اللهَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آَدَمَ بِنُعْمَانَ يَوْمَ عَرَفَة وَ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَةٍ زَرَاهَا ، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيهِ كَالـذَّر ، ِثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلَهَا
قَالَ : ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ ! قَالُوا بَلَى)رواه أحمد والنسائى والحاكم والبيهقى في الأسماء عن ابن عباس
ولذلك لما سألوا سيدنا علىّ : أتذكر يوم الميثاق (العهد) ؟ ، .. فقال :" نعم وأعرف من كان فيه عن يمينى ومن كان فيه عن شمالى "فجمع الأرواح كلها وعرَّف كل واحد منا ماذا سيحدث له حتى قيام الساعة ؟..
فأنت نزلت هنا وقد عرفت كل شيء ..!!.. ، ولكن الهيكل والحواس حجباك عن هذه المعرفة وإن كنت تشعر بها فتسمع كلام ترتاح له وهذا لأنك ارتحت له هناك وتسمع كلام لا ترتاح له وأيضاً لأنك لم ترتح له هناك فقد تقابل إنساناً لأول مرة وتحس أنك أحببته وأحياناً تقابل إنساناً لأول مرة وتحس أنك غير مرتاح لرؤيته فالذي كان في مواجهتك هناك ترتاح له هنا ، والذي كان معرضاً عنك هناك تجد نفسك غير مرتاح للقائه هنا
وهذا ما قال فيه رسول الله
الأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَف ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَف)رواه الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة .
إذن فحقيقة التعارف من هناك ، وتطبيقه العملى هنا ، وقد جمعنا كلَّنا وقال تعالى : ( ألست بربكم ) ؟، قلنا : بلى من نبيكم ؟ قلنا رسول الله وعرَّفنا ما علينا له سبحانه من واجبات بالتفصيل ، ثم سجَّل ذلك كله في كتاب ، وطلب من كل فرد منَّا أن يوقع بالموافقة .
ثم أتى بحجر من الجنَّة ووضع هذا الكتاب في قلب الحجر ولما نزل آدم من الجنَّة ، أنزلت الملائكة له الحجر ، وأمرته بوضعه في ركن الكعبة ، حتى أن كل من يذهب للحجِّ يلتقط له الحجر صورةً بأنه وفَّي بالعهد الذي أخذه على نفسه هناك وهذا الكتاب مكتوب فيه :{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ )...وكل الأسماء موجودة (مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }الأعراف172
وهذا تحذير فكتب الله الأسماء كلها على حسب إقرارهم واعترافهم بالربوبية ، وقال : هؤلاء إلى الجنة ولاأبالى ، وهؤلاء إلى النار ولا أبالى ، فأصبح من ذلك اليوم فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير .
وفي ذلك يقول النبى : (إنَّ اللهَ أَخَذَ ذُرِّيَةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ أشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفَسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ ! قَالُوا بَلَى ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفِّهِ فَقَالَ : هَؤُلاءِ إلَى الجَنَّةِ وَ لا أُبَالِى ، وَ هَؤُلاء إلَى النَّارِ ، فَأَهْلُ الجَنَّةِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ ، وَ أَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعمَلِ أهْلِ النَّار ) رواه البزار والطبرانى وابن مردويه والبيهقى في الأسماء عن هشام ابن حكيم بن حزام .
ولذلك فإن الرسول في الإسراء والمعراج :وجد سيدنا آدم في السماء الأولى ينظر عن يمينه ، فيجد خلائق كثيرين فيبتسم ، وينظر عن شماله فيلقى خلائق ليس لها عدد فيبكى جهة اليمين يضحك ، وجهة الشمال يبكى – فسأل سيدنا جبريل .:.مَا هَذَا يَا أَخِي يَا جِبْرِيل ؟ ، فَقَالَ : هَذَا آَدَمُ ، وَ هَذِهِ نِسَمُ أَرْوَاحِ
بَنِيهِ ، فَأمَّا الَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ ؛ فَأهْلُ الجَنَّةِ فَإذَا نَظَرَ إليْهِمْ فَرِحَ فَضَحِكَ ، وَ أَمَّا الَّذِينَ عَنْ شِمَالِهِ ؛ فَأَهْلُ النَّارِ فَإِذَا نَظَرَ إلَيْهِمْ حَزِنَ فَبَكَى)رواه الشيخان عن أنس
وهذا يعنى أن صورنا موجودة في الذين عن يمين آدم إن شاء الله ، ويعنى أيضاً أن ذلك تمَّ منذ اجتماع الأرواح بحضرة الكريم الفتاح ، وهو ما نسمِّيه
"يوم الميثاق" ، أو يوم
"ألست بربكم" ، وهو اليوم الذي أخذنا فيه العهد مع الله ، وأطلعنا فيه الله على كل شيء فلم يترك صغيرة ولا كبيرة .
وفي هذا اليوم أخذ الله العهد علينا أننا إذا جئنا إلى هذه الحياة :
1- نعبده ونوحِّده ، ونشكره ، ونذكره .
2- ونقوم لنبيِّه ناصرين ، ومعينين ، ومؤيدين .