إشكالية الواقع المريرة كانت ولازالت كيفية التعامل مع الأخطاء .
ينقسم من يقع عليهم التجنِّي والخطأ إلى فئتين:
1- فئة كريمة: كبيرة النفس، واسعة البال، تناست الهفوة، وآثرت الصفح الجميل؛ فأخذت بالعفو، وارتدت ثياب الحِلْم، وتخلَّقت بعبير الصبر، واتسمت بالرفق والسماحة واللين؛ حرصاً منها على استدامة المودة، وعدم تعكير أجواء الصفاء مع الإخوة، وتغليباً منها لحُسن الظن، والإدراك بأن الزلة من سمات البشر، ورجاءَ بلوغ المعالي يوم الدين، والظفر بما جاء في قولهالكريم : {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]،
وقوله - عز وجل -: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ} [الشورى: ٠٤]، {وَلَـمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَـمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: ٢٤ - ٣٤].
2- وفئة فاضلة: آثرت سبيل العدل ، قناعةً منها بضرورة معالجة الخطأ، وأنّ إحسان الظن لا يمنع المعالجة والتصويب بل يُحتِّمه؛ لكي لا يزداد الزلل وتنجم أخطاءٌ أكبر، وحفاظاً على المحبة وديمومة الإخاء، فنبَّهت على ما ترى فيه تقصيراً تجاهها، وجنوحاً عليها، وعدم مراعاةٍ لمشاعرها؛ معاتِبةً على الزلل، ومطالِبةً بتصحيح الحال، والبِدار إلى الرجوع عن السقطات، وعدم التمادي في التفريط وإتيان مسببات الفرقة وبذور العداوة.
يا شباب ....
لا شك أن الاحتمال وإغضاء الطرف، وعدم الالتفات إلى زلـل الإخـوة مـن دون ما تقريعٍ ولا تأنيب، ولا معاتبة، ولا تنبيه على الخطأ؛ أخير وأكمل،
يقول الشاعر:
هبْني أتيتُ بجهلٍ ما قُذِفتُ به فأين فضلُك والحِلْمُ الذي عُرِفا؟
ويقول الآخر:
هبْني أسأتُ، كما تقولُ فأين عاطفة الأخوّهْ؟
أو إن أسأتَ كما أسأتُ فأين فضلك والمروّهْ؟
وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أنه قال : " تناسَ مساوئ الإخوة يدُم لك وُدُّهم "
وقال بعض الحكماء: «الصبر على مضض الأخ خيرٌ من معاتبته، والمعاتبة خيرٌ من القطيعة، والقطيعة خير من الوقيعة»
هل آن أوان ثورة للتصحيح الأخلاقي تكون البداية ؟
.........
هاني حلمي