الأحداث الأخيرة في العراق في "مسرحها" محلية، لكن في واقعها وأهدافها إقليمية وعالمية، واتضح للجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى لها أهدافها ومصالحها في المنطقة العربية، تتدخل حيثما تهددت تلك المصالح، وأن الاتفاقات الأمنية ما هي إلا طمأنة إعلامية تنقضها متى ما ارتأت مصالحها.
ونجد أن أمريكا تحركت ضد تنظيم "داعش" في شمال العراق، وهو ما يكشف ازدواجية تمارسها الإدارة الأمريكية، التي اعتبرت أن هجوم "داعش" على مناطق يستولى عليها إقليم كردستان إرهابا، وتدخلت عسكريا بشكل مباشر مع عدد من الدول الأوربية لإيقافه وليس للقضاء عليه، في حين التزمت الصمت أو أدانت استيلاء الجماعات التكفيرية على محافظات ومدن تقع تحت سيطرة الحكومة العراقية، وهو ما يطرح السؤال حول سر قوة داعش، وهل هناك من يستطيع وقف تقدمه؟، خاصة بعد انتصارات ميدانية كبيرة حققها التنظيم في سوريا والعراق، وهو يؤكد أن لديه خططا واستراتيجيات مدروسة وأنه لا يتحرك بشكل عشوائي، وإنما بدراية ومعرفة جيدة بالأوضاع الميدانية والسياسية.
ومن هذا المنطلق فلا يجوز الاهتمام بتصريحات الإعلام الأمريكي، فيما يخص الشأن المصري.
وقال الدكتور عمر هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن بيان أمريكا للتعليق على الضربات الجوية المصرية ضد أهداف تنظيم "داعش" في ليبيا يعبر عن حالة من الإفلاس والازدواج في المعايير تجاه موقفها من التنظيمات الإرهابية.
وأضاف "ربيع" في تصريحات خاصة إلى "بوابة الوفد" أن أمريكا استخدمت حقها في الدفاع عن نفسها حين شعرت بتهديد أمنها القومي، وتدخلت في أفغانستان والعراق وكثير من الدول، واستخدمت القوة حين أحست بتهديد أمنها ومن دون أي غطاء دولي.
وأكمل "ربيع" أن موقف أمريكا من الشأن المصري، أبلغ دليل على أنها لا تأخذ ما يهدد أمن مصر القومي مأخذ الجد، وتعليقها فيه محاولة لإشغال مصر وتعطيلها عن إكمال مسيرتها نحو البناء، وإلا فعلى أمريكا أن تبرئ ساحتها من دعمها للمنظمات الإرهابية، وأن تكشف عن تكرار إمدادها لـ"داعش" بالسلاح من خلال إسقاطها بالطائرات، زاعمة أن هذا الإسقاط يتم عن طريق الخطأ وأنه إمداد لقوات قوات البشمركة في العراق.
وكانت الخارجية الأمريكية علقت على الضربات الجوية المصرية ضد مواقع تنظيم "داعش" في ليبيا قائلة إنها ليست في وضع يسمح لها بتأكيد الأعمال العسكرية إلا أن الولايات المتحدة تحترم حق الدول في اتخاذ قرارات للدفاع عن نفسها وأراضيها.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، في تصريحات صحفية نشرت عبر الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية مساء أمس الثلاثاء، إن "واشنطن لا تزال تؤمن بأن أفضل الطرق بالنسبة للوضع في ليبيا هو العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة هناك والتي تسعى إلى تسوية الخلاف بين مختلف الأطراف".
وتابعت "ساكي" أن أي "تدخل في ليبيا ليس بالتوجه الصحيح، اٍلا أن ذلك يختلف تماما عن شعور أي دولة بتهديدات لمصالح أمنها القومي كما هو الحال بالنسبة للتهديدات التي يمثلها تنظيم داعش".
فيما دعت حكومات الدول الأوروبية الكبرى والولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، إلى تشكيل حكومة وطنية في ليبيا، وشددت في بيان مشترك على ضرورة إيجاد "حل سياسي" للأزمات في البلاد.
واعتبرت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا أن تشكيل حكومة وحدة وطنية "يشكل الأمل الأفضل بالنسبة إلى الليبيين".
وقالت وزارة الخارجية المصرية، إن مجلس الأمن سيعقد اليوم الأربعاء، جلسة طارئة بناء على طلب مقدم من مصر وليبيا، لمناقشة الوضع المتدهور في ليبيا.
وقال المتحدث باسم الخارجية، بدر عبد العاطي، إنه من المقرر أن يعقد مجلس الأمن "جلسة طارئة بناء على طلب مصر وليبيا اليوم الساعة الثالثة ظهرا بتوقيت نيويورك (التاسعة بتوقيت القاهرة) للاستماع إلى الإحاطة التى يقدمها المبعوث الدولي لليبيا برناردينو ليون من تونس بالفيديو كونفرانس حول الوضع في ليبيا".
ويأتي الطلب المصري والليبيي في إطار الحشد الذي تقوم به الدولتين لمواجهة الإرهاب.
وأضاف بدر أنه من المقرر أن يلقي وزير الخارجية سامح شكري بيان مصر أمام المجلس، يليه قيام وزير خارجية ليبيا محمد الدايري بإلقاء بيان ليبيا، لتنعقد بعد ذلك جلسة المشاورات الخاصة بالوضع الليبي.
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يمنح تفويضا لتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا.
الوفد