السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن عَلْقَمَةَ قال: قَدِمْتُ الشام فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثمّ قُلْتُ: ''اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا''،
فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاء، فَقُلْتُ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي. قال: مِمَّنْ أَنْتَ، قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَال: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ'' أخرجه البخاري.
إنّ البحث عن جليس صالح في تلك الأزمنة الفاضلة والقرون الخـيِّرة ليس بالأمر العسير، بل هو أمر ميسورٌ، لكثـرة الأخيار وقِلّة الأشرار.. أمّا في زماننا هذا، فستجد قلّة ممَن يتّصف بأخلاق نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وسلّم، أمّا جُلساء السُّوء فكُثُـر، ولو جُعِل على رأس جليس السُّوء ريشة حتّى يُعرَف لمَا استطعتَ المشي على الأرض، وقديمًا قيل: الوِحدة خيرٌ من جليس السُّوء.
وذلك أنّ صاحب الوِحدة يُحدّث نفسه، وحديث النّفس معفوٌّ عنه، وجليس السُّوء يأمر بالسُّوء، فله نصيب مِن وَصْف، قال تعالى: {يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء}.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لَصَاحِبٌ صالح خيرٌ من الوِحدة، والوحدة خير من صاحب السُّوء، ومُمْلِي الخير خيرٌ من السّاكت، والسّاكت خيرٌ من مُمْلِي الشَرِّ.
ومِن علامات جليس السُّوء: أنّه لا يُذَكِّرُك إذا غَفَلْتَ، ولا يُعينك إذا ذَكَرْت، ولا يأمُرُك إذا قصّرتَ، ولا ينهاك إذ أخطأتَ، ولا يُقوّمك إذا اعوجَجْتَ.. فلا يأمُرُك ولا ينهاك، بل هو موافق لكَ فيما فَعَلْتَ، ساكتٌ عمَّا قصَّرْتَ فيه أو تَرَكْت تاركك وهواك، فهو ساعٍ في هلاككَ، مسرع بك إلى رَداك، فهو يَتركك وهَواك، زاعمًا أنّه اختار لك الرّاحة، وقد اختار لك العَطَب.
منقول