كان علي يحب الدراسة حباً جمّاً، ويحزن حزناً كبيراً إذا كانت علاماته في الامتحان ناقصة علامة واحدة..
يعود من مدرسته إلى غرفته سريعاً، ويكتب وظائفه كلها، ثم يخرج من غرفته كي يتناول طعامه، ثم يعود مرة ثانية إلى غرفته كي يدرس أكثر، خوفاً من أن تفوته كلمة واحدة لم يحفظها..
كانت أم علي تسأله دائماً عن صلاته وقراءة القرآن فيجيبها قائلاً:
- لا وقت لدي للصلاة وقراءة القرآن، الله غفور رحيم..
ولن يحاسبني الله على تقصيري في الصلاة بسبب دراستي، وبعد أن أنتهي من دروسي سأصلي جميع أوقاتي..
فتجيبه أمه:
- ولكن يا ولدي فرض الصلاة لا يؤخر، ولن يأخذ منك وقتاً طويلاً.
والله لن يوفقك في دروسك إذا لم تؤدِّ حقّ الله عليك..
فيبتسم علي ابتسامة صفراء، ومن ثم يمضي إلى غرفته مسرعاً متجاهلاً كلام والدته..
في كل يوم تنبّه أم علي ابنها من أجل صلاته دون جدوى..
ولكن علياً لا يأبه لكلامها كعادته، فقد قرر أن يتفوق في دروسه بفضل دراسته فقط، وقد أقنع نفسه أن الصلاة لن تجعل منه طالباً متفوقاً، بل دراسته الدؤوبة هي التي ستوصله إلى التفوق والنجاح..
في يوم الامتحان وعندما أراد علي الخروج من بيته، استوقفته أمه طالبة منه تأدية صلاة الفجر قبل خروجه، حتى يُرضي الله أولاً، وحتى يوفقه الله في امتحانه..
تبسّم علي ابتسامة الواثق من نفسه، وتابع طريقه إلى المدرسة..
أمسك علي ورقة الامتحان وكله ثقة بنجاحه..
أجاب علي عن السؤال الأول بسهولة ويسر، وكذلك السؤال الثاني والثالث، وعندما وصل إلى السؤال الرابع وجده سهلاً جداً، وعندما أراد الإجابة عنه نسي كل معلومة حفظها..
حاول علي تذكر الإجابة دون جدوى، وكأن ممحاة محت كل المعلومات عنده..
ترك علي هذا السؤال وانتقل إلى غيره، ودُهش عندما وجد نفسه لا يتذكر شيئاً مما حفظه بإتقان..
اغرورقت عيناه بالدموع، ونظر إلى من حوله من زملائه، فرآهم يكتبون ويجيبون بسهولة ويسر رغم أنه أفضل منهم كثيراً..
حينئذ تذكر كلام والدته عندما نبّهته على صلاته حتى يرضي ربه وينجح في دروسه، ولكنه أهمل نصائحها كلها، ولم يصلِّ كما أمره الله..
صاح علي في أعماق قلبه:
- رباه.. سامحني على تقصيري في حقك وفي حقّ نفسي..
يارب.. أعنّي في هذا الامتحان ونوّر بصيرتي، وسأؤدي صلواتي وعباداتي كلها على أكمل وجه.. يارب.. يارب..