قال فضيلة الشيخ د. محمد بن هادي المدخلي – حفظه الله تعالى - :
التَّزعفر، والخضبُ لليدِ بالحنَّاء ، وبالزَّعفران، هذا ليس مِن علامات الرِّجال، وإنَّما هو مِن علامات النِّساء، ومَن تشبَّه بهنَّ فهو ملعونٌ ؛ فإنَّ النبيَّ - صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نهىٰ عن ذلك، وقالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)).
وقد حصل، فاليوم ترى بعض الرِّجال استأنث، وبعض الإناث اسْترجلنَ، اسْتفحلنَ، ففي حين: أنَّ الرُّجولة هي المطلوبة ، تجد بعض أصحابها يتنازل عنها ؛ وفي حين : أنَّ الأنوثةَ مذمومةٌ في حقِّه ، تجدهُ يحاول التَّشبه بأصحابها، فيكون كالمرأة لباسًا أكثر وأكثر، أو فقط صبغ لليدين، بل لباس ، يلبس لبسة النِّساء؛ والنبيّ - صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعنَ الرَّجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرَّجل،
فأصبح بعض الرِّجال يلبس لبس النِّساء، ثياب النِّساء، فإذا رأيته ظننته بنتًا، امرأةً، وزاد على ذلك يلبس في يديه كما تلبس النِّساء ، المسكات، وهذه البناجر، ونحوها، وزاد على ذلك أنهُ يلبس القروط في أذنه، أو في أذنيه كما يصنع مخنَّثة الكفرة ، إذْ جعلوا في آذنهم القروط ، فجعلوها في آذانهم، ويضحك الشَّيطان عليه؛ وقالَ: هذا تخفِّف الوزن؛ - ما شاء الله - تجعل قرط ما يساوي حبَّة في أذنك، وتقول: يُخفف الوزن؛ وأنت تأكل بعير!! هذا من الكذب والمغالطات، كل يوم تأكل نصف خروف وتحط حبَّة في أُذنك وتتشبَّه بالنِّساء، وتقول: هذه تخفّف الوزن، أو تلبسها في يدك وتقول: هذه الأساور تخفّف الوزن، هذا كذبٌ؛ كل هذا تشبُّهٌ بالغرب، والغرب أوَّل مَن أشعل هذه الفتيلة، هم المنحرفون جنسيًا، فيهم أصحاب الجنس الثَّالث، وهكذا لبسوا هذه الألبسة وتَزَيّوا بهم على هذا النَّحو.
وَبِالْعَوَائِدِ مِنْهُمْ كُلِّهَا اتّصَفُوا ***- وَفِطْرَةَ اللهِ تَغَييرًا لَهَا اعْتَمَدُوا
عَلَى صَحَائِفِهِمْ يَا صَاحِ قَدْ عَكَفُوا ***- وَلَوْ تَلَوْتَ كِتَابَ اللهِ مَا سَجَدُوا
وَعَنْ تَدَبُّرِ حُكْمِ الشَّرعِ قَدْ صُرِفُوا ***- وَفي الْمَجَلاَّتِ كُلَّ الذّوْقِ قَدْ وَجَدُوا
وَللشَّوَارِبِ أَعْفُوا واللِّحَى نَتَفُوا ***- تَشَبُّهًا وَمَجَارَاةً وَمَا اتَّأَدُوا
ويقولُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: " بِهُمْ تَزَيّوا وَفي زَيّ التُّقى زَهِدُوا"، فلتنظر! تزيّوا يعني: تشبّهوا بزيّهم، فلبسوا مثل لباسهم، فلباس الكفَّار حرامٌ عليكَ؛ فكيف إذا لبست لباس أحطّ الكفَّار وهم المتشبهين بالنِّساء؟!، فترى الحالة المزرية عندنا، يلبس اللِّباس الفاضح، فيلبس هذه البناطيل الَّتي تدلُّ على انحراف أصحابها في مجتمعات الغرب، ويزيد على ذلك فيخضب، أو يجعل الأساور في يديه، أو يجعل الأقراط في أذنيه، ونحو ذلك، فيكون كما قالَ ابنُ الورديُّ:
والهو عن آلة لهوٍ اطْربت ***- وعَن الأمرد مرتجِّ الكَفَل
زادَ إنْ قسناهُ بالبدر سَنا (1) ** ***- أو عدلناهُ بغصنٍ فاعْتدل (2)
إنْ تبدَّى تنكسف شمس الضُّحىٰ (3) ***- وإذا ما ماسَ يُزرى بالأسل
هذه مصيبةٌ عظيمةٌ، هذا كأنَّما يدعو النَّاس إلى نفسه، بفعله، -عياذًا بالله-، وهو موجودٌ في بلاد الغرب، فأصبحوا يلبسون لباسهم.
بل للأسف يلبسون بعض الألبسة مكتوبٌ عليها الدَّعوة إلى أنْ يُفعَلَ به ؛ وهو موجودٌ في بلاد الغرب الكافر، فأصبح عندنا -ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله-، وصدق رسول الله - صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟!)) فالمجتمعات الغربيَّة إمَّا يهوديَّة، وإمَّا نصرانيَّة وإمَّا خليط، والأكثر هو الخليط، فالنَّصارى هم الكثرة، واليهود قلَّة في هذه المجتمعات، على كلِّ حالٍ هذه هي سَنَنَهم، سواءٌ كانوا قليلاً أو كثيرًا، فللأسف الأمر لم يقف عند خضب اليدين بالحنَّاء الَّذي هو من علامات التَّخنُّث في عهد السَّلف؛ بل زادَ عليه علاماتٌ أخرى، فهذا أشدُّ وأنْكى، -نسألُ الله العافية والسَّلامة-.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ.
(1) جمالًا، هو جميل في خلقته.
(2) يتميل كالغصن الرطيب، لا رجولة عنده.
(3) من جماله
المصدر: جزء من الدرس الثالث عشر من شرح الإبانة الصغرى.