خصّ نبيكم الكريم هذا الشهر العظيم الذي نحن فيه وهو شهر شعبان بأمور لم يخص بها أي شهر آخر من الشهور فقد كان كما تقول السيدة عائشة رَضِيَ الله عنها وأرضاها:
{مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ?سْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ}.(1)
ولما رأوا منه ذلك الحال أرادوا أن يعرفوا السبب، فأرسلوا أسامة بن زيد حِبَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليسأله، فقال:
{يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟، قَالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَـــــيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ }(2)
فهو ترفع فيه الأعمال، ولنا وقفة قصيرة اختصاراً للوقت مع هذه الفضيلة. هل أعمالنا التي نعملها لا ترفع إلا في شهر شعبان؟.
لا يا إخواني، أعمالنا يراها الله في نفس اللحظة التي نعمل فيها العمل، لأنه يطلع علينا ويشهد أعمالنا، ويرى حركاتنا وسكناتنا، لكنه وهو الحكم العدل أبى أن يقيم لنا قضية في المحكمة الإلهية إلا إذا شهد عليها شهود، وقد كلف بي وبك رقباء كرماء، يقول فيهم في كتابه عزّ وجلّ:
(كِرَامًا كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (11، 12الإنفطار)،
ولم يقل يكتبون، بل قال: (يَعْلَمُونَ) علماً مسبقاً ما سيعمله الإنسان. وكثير منا سمع من البعض أن هؤلاء الكرام الذي عن اليمين يسمى (رقيب) والذي عن اليسار يسمى (عتيد)، ولا أعلم من أين جاءوا بهذه التسمية، إن كان من كلام الله فالله يقول واسمعوا واعوا:
(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (18ق).
(1)في الصحيحين عن عائشة.
(2)عن أسامه بن زيد رواه النسائى، الإمام أحمد.