إنها الجنة يا أمي
هي الوحيدة من أُسرة ريفيَّة تَسكن في قرية تَعتمد المواشي فيها على أَمطار الصيف؛ فلا مياه سطحيَّة، ولا أنهار.
تقوم برَعي أغنام أُسرتها، تَذهب صباحًا وتعود عند غروب الشمس متعبةً بعد طول عناء، تعود لترتاح قليلًا، ثمَّ تصلِّي المغرب، ثمَّ تلقي جسدَها متَّكئة على سريرها لمشاهدة التلفاز.
بينما هي ذات يومٍ تشاهد التلفاز سمعَت المذيع يتحدَّث عن شَهر رمضان، وماذا أعدَّ الله لعباده الصائمين في الجنَّة من جزاء.
سمعَت المذيعَ وهو يذكر آياتٍ من كتاب الله ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في فضل شهر رمضان؛ كان هذا المشهد في آخر ليلة من شَهر شعبان.
جلسَت "أميرة" مع أمِّها وترجَّتها أن توقِظها وقت السَّحَر حتى تتناول وجبةَ السحور، فهي تريد أن تصوم كبقيَّة الأطفال.
• لم تَترك أميرة والدتها حتى وعدَتها أن توقِظها.
• وافقَت الأمُّ على ذلك.
دخلَت أميرة بعد ذلك مطمئنَّة أنَّ والدتها سوف توقِظها في السَّحَر، نامَت أميرة نومًا عميقًا، ولم تَستيقظ إلَّا عند طلوع الشمس؛ فلم توقِظها أمُّها خوفًا عليها؛ فهي تَذهب صباحا لرعي الأغنام ولا تعود إلَّا عند غروب الشمس.
عرفَت حينها أنَّ أمَّها لا تريد أن توقِظها، فأقسمَت في نفسها أن لا تَترك يومًا واحدًا من أيام شهر رمضان إلَّا وتصومه.
وفي صباح اليوم الأول من أيام شَهر رمضان جهزَت الأمُّ الصَّبوحَ لبنتها حتى تتناوله لتذهب إلى الجبل لرَعي الأغنام.
نادَت الأمُّ ابنتَها لتناول الصَّبوح، ذهبَت أميرة إلى المطبخ وتظاهرَت بتناول الطَّعام.
قامت أميرة بلَملمة الطَّعام، ووضعَته في كيسٍ وانطلقَت به نحو الجبل، وهناك أعطَته لكلبها المرافِق لها في سيرها إلى الجبل.
هكذا كل يوم، استمرَّت أميرة على هذا الحال لمدة نصف شهر.
وفي يومٍ من الأيام وهي صاعدة إلى قمَّة الجبل سقطَت من رأس الجبل، فسارَع الكلب خلفَها، وجدها مغشيًّا عليها، حامَ حولها، رفع صوتَه بالنباح حتى تَستيقظ، لكن لا فائدة من استيقاظها.
انطلق الكلبُ نحو البيت، وحام حولَه رافعًا صوته بالنباح، خرجَت الأمُّ لصوت الكلب ولم تَجد ابنتها، عرفَت عند ذلك أنَّ ابنتها في خطر.
انطلقَت مع الكلب نحو الجبل، وصلَت فوجدَت ابنتها مرميَّة على الأرض، صبَّت عليها الماءَ حتى استيقظَت.
أخذَت الإناءَ لتضَعه على فمها، لكنَّ أميرة رفضَت الماءَ، حينها عرفَت الأمُّ أنَّ ابنتها صائمة، سألتها:
• ومنذ متى أنت صائمة؟
• أجابت البنت: منذ بداية الشهر.
• سألَتها الأمُّ: ولِمَ؟
• أجابَت: إنَّها الجنَّة يا أمي