بل أيام قليلة ومع الافتتاح المدرسي في جمهورية مصر العربية وفر مولانا شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي مادة إعلامية - سمجة جدا- للإعلاميين وللمصريين محبي ال
نكت وعشاق الضحك.
مولانا الشيخ الأكبر ذو الثمانين عاما وجد نفسه في مواجهة مع تلميذة منقبة وأستاذتها،عندما انتهر الطالبة الصغيرة طالبا منها نزع النقاب عن وجهها لأن النقاب ’’ عادة وليس عبادة’’ حسب رأيه ولما استجابت التلميذة لأمر مولانا الأكبر علق الشيخ المسن بلهجة صعايدية
مضحكة ’’ أمال لو كنت جميلة كنت عملت إيه’’
وأمام هذا التعليق المضحك ردت أستاذة الفصل قائلة ’’ يا شيخنا البنت لم تكن تلبس النقاب لأن المعهد خاص بالبنات ولكن لما دخل فضيلتكم والوفد المرافق له وضعت النقاب على وجهها’’
وهنا أطلق الشيخ مرة أخرى ردا قارصا على الأستاذة قائلا ’’ أنا أفهم في الدين أكثر منك ومن الي خلفوكي’’
وخرج الشيخ مغضبا معلنا أنه سيمنع النقاب داخل الأزهر،في تناغم تام مع موقف آخر أعلنت عنه جامعة القاهرة يقضي بمنع المنقبات من التسكين في الحي الطلابي الخاص بالبنات،تمهيدا لمعاملة أخرى قد تصل حد الطرد والمنع من التسجيل في الجامعات.
ليس لدي كبير تعليق على موقف شيخ الأزهر المشهور بفتاواه ومواقفه الغريبة جدا والتي كان آخرها المصافحة الحار بينة وبين الجزار شيمون بيريز معتذرا بأسلوب مضحك ’’ أنا ما كنتش عارف هو مين،هو آن لازم أسأل كل واحد يسلم علي انت مين’’
ولست أستغرب أن يعمد النظام المصري كذلك إلى منع النقاب في المؤسسات العمومية وهو الذي يعاني أزمة مع المظاهر الإسلامية،وأكثر من ذلك عقدة جارحة مع حقوق الإنسان.
وربما أيضا لن أخوض أيضا في الحكم الشرعي للنقاب وتغطية الوجه بشكل كامل،اللهم ما لابد منه من السماح بنقطتي ضوء للعينين تسمحان برؤية الطريق.
فبنظرة خاطفة على المكتوب الفقهي في هذا الصدد نجد أننا أمام رؤى فقهية متعددة في هذا المجال أغلبها كما تظهر ذلك المدونات الفقهية المعتمدة لدى المذاهب الأربعة الكبرى لدى المسلمين لايبدو النقاب الذي يعني تغطية الوجه أمرا لازما لازبا،بل يبدو أحد مدارات الخلاف تبعا لتحديد طبيعة الإدناء الوارد الأمر به في آيات الحجاب بين من يراه النقاب والتغطية الكاملة للوجه وله في ذلك سنده ومستنده وبين من لايرى ذلك أمرا وجوبيا وهو أكثر أهل المذاهب وبه الفتوى عندهم.
وبالتالي لدي بناء على ذلك قناعة التامة بأن النقاب ليس فرضا لزوميا حتى ندخل في أزمات سياسية واجتماعية دفاعا عنه وإيجابا له على الناس،كما أنه ليس حراما حتى نجعل منه بوابة لمحاربة الحريات العامة وحق النساء في اختيار ما يلبسن ما احترم الضوابط العامة للستر والحياء والعفاف وأن نجعل منه ومشجبا من مشاجب القمع السياسي والاجتماعي تحت لبوس ديني،.
وأكثر من ذلك أعتقد أن ليس للإسلام ثوب خاص شكلا ولا لونا حتى نلتحف السواد ليلا ونهارا،ولكنها ضوابط عامة مبناها الستر والعفاف ونشر الفضيلة وحماية المجتمع من الانسياق وراء الشهوات والفساد بمختلف أنواعه.
لكن قناعتي أيضا تتطلب دفاعا عن حق المنقبات في ممارسة حياتهن المدنية واختيار ملابسهن وأشكالها وممارسة رؤيتهم الفقهية والدعوة لها والتنظير لها،وأنا أتذكر قول الشيخ القرضاوي أنه ليس من التطرف اعتماد موقف من مواقف الفقه إن دل عليه دليل.
تعاني المنقبات بالفعل تمييزا ليس إيجابيا – رغم أن أكثرهن أيضا يمارسن الأمر ذاته،مع من لايتناغم معهن في التفسير الفقهي أو في الممارسة العملية – ويتزايد هذا التمييز مع المخاوف الأمنية التي بدأت بالانتشار في بلادنا (موريتانيا) بشكل خاص منذ أن ألقى سلفي فار من العدالة على رأسه خمارا وجلبابا،فلما كشف عن ساقيه تبين أنه ’’رجل /منقبة’’
كما أن النقاب بات يقدم صورة نمطية غير مشجعة عن الجناح النسائي من السلفية بطبعاتها الأقل علمية والتي تثير المخاوف بالنسبة لبعض العامة،جراء موجة العنف الإسلامية التي تمارسها قطاعات من الظاهرة الإسلامية بمسميات الجهاد والقتال.
وتتفاوت درجات التمييز ضد المنقبات من بلد إلى آخر من نظام إلى آخر حيث تبدأ من الحرب التامة على الزي الشرعي بمختلف تشكلاته،كما هو في بعض الدول العربية وبعض الجاليات الإسلامية المغتربة،إلى التمييز في الوظائف وفي الفرص المتاحة أمام جميع المواطنين،زيادة على التمييز النفسي والمعنوي الذي يجعل المنقبة عرضة للسخرية وربما الإيذاء في بعض البلدان والمناطق من عالمنا العربي الكبير،وهو أسلوب لاتتعرض لنصفه ولا لثلثه بعض النساء اللواتي لم يلتزمن المطلوب الشرعي في مسألة الثياب ولم يقفن عند تعاليم الإسلام في هذا الصدد،فينما تجد الأخيرة الاعتبار والإكرام باعتبارها رمزا للحداثية والتقدم،تجد الأخرى الإهانة والتشديد باعتبارها رمزا للأصولية والتطرف،والحق أن الإنصاف يقتضي المساواة بين من التفريط والإفراط في الحكم العقابي،ولا أعني هنا أي اتهام منطوق ولا ضمني للمنقبات بالإفراط بقدر ما أضع دالة تقابلية لتفسير الواقع المعاش.
تضامننا مع النقاب إذا هو مناصرة لحق مدني من حقوق الإنسان ودعم لاختيار يمهد لثقافة الاختلاف الإيجابي بين شعوبنا المسلمة،وفرض لتحييد القبضة الأمنية وثقافة العقاب على المواقف وفرض الأحادية النمطية فكر ا وشكلا على الناس.