السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ممّا ابتليت به الأمّة و عمّت به البلوى مسألة الأغاني ، فقد كانت الأغاني و لا زالت مثار جدلٍ بين النّاس و العلماء على امتداد العصور و الأزمان ،
فما بين مبيحٍ لها على عواهنها ، و ما بين محرمٍ لها تحريماً قاطعاً لا لبس فيه ، و بين الجانبين وقف فريقٌ موقفاً معتدلاً فأباح بعضها و حرّم الاخر ،
و في كلّ الأحوال فإنّ مسألة الأغاني هي مسألةٌ شائكةٌ بلا شكّ ، و تخضع للحوار المتعمّق ، فالأغاني إنّما هي في الحقيقة كلماتٌ
يردّدها الإنسان في مناسباتٍ خاصّة و تعبّر عن حالة الفرح و الانتشاء التي يشعر بها ، و يحلو له أن يعبّر بهذه الطّريقة عن حالته النّفسية
بترديد بعض الكلمات و التّرنم فيها ، و قد عرف الإنسان منذ القدم الأغاني ، و مارسها المسلمون كذلك و إن عبّرت عنها بمسمّياتٍ أخرى كالأناشيد و الحداء ،
و قد ثبت أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يرتجز في غزوة الأحزاب فيقول :
لولا الله ما اهتدينا
و لا تصدّقنا و لا صلّينا
إن الألى قد بغوا علينا
فأنزل سكينةً علينا
و ثبّت الأقدام إن لاقينا
إن أرادوا فتنةً أبينا
و يرفع صوته بقوله أبينا أبينا
و لا شكّ بأنّ النّشيد هو جائزٌ بلا خلاف بين العلماء ، و كذلك الغناء بالكلام الحسن ، ففي الحديث أنّ أبو بكر الصّديق دخل على السّيدة عائشة و
عندها رسول الله و في البيت جاريتان تغنيان ، و هذا الحديث ليس حجّة لأهل الباطل في جواز الغناء بصورته الحاليّة و منكراته الكثيرة ،
فقد كانت الجاريتان فتاتان صغيرات في السنّ ، و يغنّين بكلامٍ حسنٍ لا غزل فيه و لا منكر ، و كذلك كان اليوم الذي يغنين فيه هو يوم عيدٍ ،
أمّا ما نراه اليوم و نسمعه من الأغاني الباطلة الماجنة فهي حرامٌ قطعاً لاشتمالها على منكراتٍ كثيرةٍ من سفورٍ و تبرّجٍ و عريّ و اختلاط ،
و قد كان النّاس قديماً يعتبرون الرّجل الذي يغني مخنّثاً .
فالأغاني بشكلها الحالي حرامٌ بسبب ما ذكرنا سابقاً ، و لاشتمالها على آلات العزف المحرّمة التي تلهي و تصدّ عن ذكر الله و إقام الصّلاة ،
و القلب بلا شكٍ وعاء إذا ملأته بالكلام القبيح و الأغاني شغله ذلك عن ذكر الله
والسلام عليكم
همسه:استغفر الله العظيم التواب الرحيم لذنبي والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات الى يوم الدين)