يبدو أن "تسقيع الدولار" بات مقصدا للعديد من حائزى العملة الصعبة والمضاربين عليها بالسوق السوداء، لإدراكهم أن ازمة نقص موارد البلاد من العملة الأمريكية قائمة إن لم تتفاقم خلال موسم الشتاء .
وعادة ما يستخدم لفظ "تسقيع" للتعبير عن الاستثمار فى شراء الأصول والأراضى والعقارات بأسعار منخفضة ثم الانتظار لبيعها بعد فترة لتحقيق عائد أكبر، ومن المعروف أن هذه الطريقة هى واحدة من أهم وأنجح طرق الاستثمار الآمن.
ومع تراجع قيمة العملة المحلية أمام نظيرتها الأمريكية فى ظل تدنى موارد البلاد من الاحتياطى النقدى نظرا لتراجع السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبى المباشر، وما ترتب على ذلك من ارتفاعات غير مسبوقة فى الأسعار، لجأ العديد من المواطنين إلى "تسقيع الدولار" بمعنى اقتناء الدولار وتحويل مدخراتهم من الجنيه المصرى إلى العملة الخضراء، وهو ما يعرف اقتصاديا بـ"الدولرة".
وحافظ الدولار الأمريكى على توازنه فى تعاملات بالسوق السوداء، ليتداول بين 850-860 قرشا ، حسبما أفاد متعاملون بسوق الصرف الموازية.
وقام البنك المركزى بتثبيت الجنيه، فى العطاء الرابع على التوالى، عند مستوى 773 قرشًا للدولار، على أن تبيعه البنوك للجمهور بسعر 783 قرشًا.
يأتى ذلك بعد أن فاجأ السوق برفع قيمة الجنيه أمام الدولار فى عطاء استثنائى للبنوك 20 قرشا دفعة واحدة، ليصل إلى 773 قرشا، فى إشارة فسرها العديد من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين أنها إنذارا أخيرا لحائزى العملة الصعبة والمضاربين للتخلى عنها.
فى هذا السياق، أكد محمد قطب، رئيس شركة مباشر لإدارة الأصول، أن حائزى الدولار لم ترهبهم خطوة المركزى برفع قيمة الجنيه أمام الدولار، ويرونها غير منطقية لأنها لا تتماشى مع معطيات الاقتصاد وتراجع إيرادات السياحة بعد الضربة القاسية التى تلقاها القطاع الذى يشكل 15% من إجمالى الناتج المحلى فى مصر، من حادث الطائرة الروسية المأسوى.
وأضاف قطب فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن قرار رفع الجنيه الأخير فشل فى كبح جماح السوق السوداء ولم يدفع حائزيه للتخلى عنه بل أدى إلى زيادة الفجوة فى سعر الصرف الرسمية والموازية.
وأردف قائلا: "الناس أذكى مما يتصور القائمون على السايسة النقدية"، مؤكدا أن رفع الجنيه أضر بالاستثمار لأنه سيؤدى إلى إحجام المستثمرين الجانب عن ضخ دولاراتهم فى السوق المحلية انتظارا لاستقرار سعر الصرف الجنبى لتحقيق عوائد أكبر وإعداد دراسات جدوى دقيقة بناء على احتساب مخاطر سعر الصرف.
وأشاد قطب بتوجيه المركزى للبنوك العامة الأسبوع الماضى لرفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار البلاتينية – مدتها 3 سنوات - بعائد سنوى 12,5% يصرف شهريا، وهو أعلى عائد منذ سنوات، مما شجع حائزى العملة الصعبة على تحويل مدخراتهم إلى الاستثمار الآمن فى شهادات الادخار ذات العائد الآمن الذى لا يحمل أدنى مخاطرة.
واستطرد: "تلك الخطوة ستعمل على سحب السيولة النقدية وبالتالى الحد من الدولرة، فضلا عن حساسية الفقراء ومحدودى الدخل من ارتفاع الأسعار الذى يصاحب تراجع قيمة العملة المحلية".
وطالب بضرورة العمل على تشجيع التصنيع المحلى وترشيد فاتورة الاستيراد ورفع الجمارك على السلع الاستفزازية.