لماذا بعد أى عملية إرهابية تخرج علينا إسرائيل بمعلومات عنها وتعرض مساعداتها الاستخباراتية للغرب بعد حدوثها؟
بعد كل عملية إرهابية كبرى تحدث فى أى جهة من أنحاء العالم فى الفترة الأخيرة، تخرج علينا السلطات الإسرائيلية بطريقة غير مباشرة عبر وسائل إعلامها، أو بصورة مباشرة فى بعض الأحيان، عبر تصريحات علنية من مسئوليها بأن لديهم معلومات حول منفذى الهجمات أو أن لديهم تحذيرات، وكأن أجهزة استخباراتها هى الوحيدة القادرة على المساعدة والتنبؤ والتحليل والمعرفة بما هو قادم.
ما بثته وسائل إعلام تل أبيب ، حول تقديم المساعدة من جانب أجهزة المخابرات الإسرائيلية وعلى رأسها "الموساد" لفرنسا فى التحقيقات بشأن الهجمات التى تعرضت لها باريس مؤخرًا، بعد مراقبتها لجماعات المتشددين فى سوريا والعراق، يؤكد أن دولة الاحتلال تصطاد دومًا فى المياه العكرة، وتسعى لربط كل الأحداث الدامية بما يسميه مسئولوها بـ"الإسلام المتطرف" بما يحدث داخل الأراضى المحتلة من "عمليات مقاومة" ضد مستوطنيها وجنودها لتشويه صورة فلسطين والفلسطينيين وإظهارهم أمام العالم بأنهم "إرهابيون" يجب التنكيل بهم.
مراقبة الموساد لسوريا والعراق
القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى نقلت عن مسئول إسرائيلى كبير لم تكشف عن هويته قوله، إن إسرائيل لم تصدر تحذيرًا مسبقًا من هجمات باريس لكنها قدمت لباريس فى غضون ساعات من وقوع الهجمات معلومات عن بعض متشددى تنظيم "داعش" الذى أعلن مسئوليته عنها، وذلك حتى تبعد عن نفسها شبهة أنه كان لديها معلومات مسبقة ولم تحذر باريس منها، ولكنها أرادت القول بأن لديها معلومات حول "متشددين" تراقبهم باستمرار فى سوريا والعراق، وأنها تساعد بتلك المعلومات الدول الصديقة لها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المعلومات التى كشفت عنها إذاعة الجيش الإسرائيلى "تساهال"، توضح أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تراقب سوريا والعراق، وأن تلك المراقبة أثمرت عن معلومات بشأن تدبير "هجمات باريس"، وهنا نطرح السؤال، لماذا بعد تنفيذ العمليات فى الأراضى الفرنسية خرجت تلك المعلومات للنور؟ ولماذا لم تحذر من قبل السلطات الفرنسية بها كما تدعى؟
ولكن الإجابة كانت سريعة للغاية، وهى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، فى بيانه الرسمى الذى صدر عن مكتبه مؤخرا التى ربط فيها بين "الإرهاب" فى باريس وبيروت وسيناء وبين "المقاومة" فى الأراضى المحتلة بالضفة الغربية والقدس.
ربط المقاومة الفلسطينية بالإرهاب
فالواضح أن إسرائيل تسعى بكل السبل الممكنة فى استغلال أى حادث إرهابى يحدث فى العالم لربطه بـ"المقاومة الفلسطينية" المشروعة بالطبع ضد كيان محتل لأراضيه وقاتل لشبابه ونسائه وأطفاله الرضع، فالانتفاضة الفلسطينية الأخيرة التى اندلعت خلال شهر أكتوبر الماضى، خرجت فى كل شوارع الضفة والقدس ضد انتهاكات المستوطنين المتطرفين المتكررة للمسجد الأقصى، وكذلك خرجت ردا على عمليات القتل والتنكيل والاعتقالات لأبناء الشعب الفلسطينى، وما يريده نتانياهو والسلطات الحاكمة فى تل أبيب هو إلصاق تهمة "الإرهاب" لهذا الشباب الأعزل المناضل فى مواجهة جيش مدجججججججججججج بأحدث أنواع السلاح.
استغلال الأحداث لنيل وعد بلفور جديد
تصريحات نتانياهو بإصدار تعليمات لأجهزة المخابرات الإسرائيلية بمساعدة نظيرتها الفرنسية بكل طريقة ممكنة، ليس بالجديد، فهذا هو النهج الذى تتبعه دولة الاحتلال قبل قيامها على الأراضى المحتلة بل قبل "وعد بلفور" الشهير عام 1917، عندما مدت "العصابات الصهيونية" آبان "الحرب العالمية الأولى" يد العون والمساعدة للقوات البريطانية التى كانت منتدبة على الأراضى الفلسطينية ضد "الدولة العثمانية" وأثمرت هذه المساعدات بـالوعد "المشئوم" بمنح من لا يملك لمن لا يستحق، وهنا تلعب إسرائيل نفس اللعبة القديمة من أجل كسب تأييد عالمى لعملياتها الانتقامية ضد الشعب الفلسطينى، لنيل "وعد بلفور" جديد.
ربط الأحداث الفرنسية بالطائرة الروسية
وعلى جانب آخر، وفى محاولة منها دوما للربط بين الأحداث الإرهابية وما حدث فى سيناء من سقوط الطائرة الروسية ، قال التليفزيون الإسرائيلى إن المخابرات الإسرائيلية "الموساد" ترى أن هناك "علاقة واضحة" بين هجمات باريس وتفجيرى بيروت، وبين تحطم الطائرة روسية فى نهاية أكتوبر الماضى.
ليس هذا فحسب بل حاول نتانياهو الربط بين ما حدث فى باريس وسقوط الطائرة الروسية قائلا: "يتراكم خلال عدة أيام عمليات إرهابية فى سيناء، بإسقاط الطائرة الروسية، وعمليات الآن فى باريس، وربما هناك عمليات أخرى" وذلك فى محاولة منه لربط سيناء بما يحدث من إرهاب فى العالم وتصويرها بأنها غير أمنة لضرب السياحة هناك على حساب مدينة "إيلات" الإسرائيلية التى يسعى هو وحكومته بتنشيط السياحة فيها بأى وسيلة بعد ضرب الموسم السياحى للعام الحالى بعد الانتفاضة الفلسطينية الكبيرة الجارية.