قسماً بالله أحبكِ
.
.
1
هذه آخر رسائلي إليكِ
ولم أكن أتوقع أن أجلس يوماً لأكتبَ لكِ رسالة أخيرة
لقد أردتكِ للعمر كله ولكنها الحياة يا حلوة
قاتلتُ بشرفٍ لتكوني لي ولكن الشرفاء أيضاً يخسرون معاركهم!
أترككِ الآن وأمضي كجيشٍ مهزوم لم يعد لديه شيء يقاتل من أجله
.
.
2
قلتِ لي يوماً : لن تُفلتَ مني
وها أنا اليوم جئتُ لأفلت
لا تحسبي أني بهذا أربح المعركة
ماذا سأفعل بنصرٍ لستِ فيه
كل نصرٍ لستِ فيه هزيمة مهما حاولتُ أن أقنع نفسي أنه ليس كذلك
بعضُ الانتصارات لها طعم الهزائم يا حلوة
هكذا هي معارك الحب !
كلانا خاسر
وليس غير الله يجعل خسارتي لكِ نصراً
.
.
3
دعيني أسألكِ للمرة الأخيرة : كيف حالك ؟
كيف حال العسليّ في عينيكِ أما زال فاتنا كآخر مرة رأيتكِ فيها
كيف هو الكحل على جفنيكِ أما زال له تأثير البنج فقد كنتُ أتخدّر كلما رأيته يحيط بعينيكِ
كيف هو الثلج الأبيض في خديكِ أما زال ناعماً كآخر مرة مررتُ أصابعي عليه
كيف هو القرنفل الأحمر في شفتيكِ أما زال دافئا كآخر عهدي به
كيف حاجبيكِ أما زالا أنيقين كما كانا دوماً
وكيف هي الشامة الصغيرة عند شفتك السفلى أما زالت فاتنة كما كانت دوماً
وكيف هي الخدوش الصغيرة في يديكِ ؟ أتذكرين كيف كنتُ أقبلكِ منها لتشفى
وكيف أنتِ
أنتِ كلكِ كيف ؟
.
.
4
قسماً بالله أحبكِ
وقسماً بالله أنه ليس في قلبي أحد أكبر منكِ إلا الله
وإني الآن أعتقكِ مني لله
وأعتق نفسي منكِ لله
ويشهد الله أني إذ أنزعكِ مني كأن ملك الموت عند رأسي ينزع روحي
ولأن هذه اللحظة آتية لا محالة
خشيتُ أن يأتيني ملك الموت وفي قلبي حرام
.
.
5
كان كل شيء بريئا
لم يكن فيكِ شيء من زليخة
ولكني لستُ بطهر يوسف
وأخشى أن تجتمع الصغائر عليّ فتصير كبيرة
فاعتقيني لوجه الله وارحلي
هَبِيني له
كما أنا الآن أهبكِ له
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
وأقل حلال أجمل من أكبر حرام
وإني أسأله سبحانه أن يهبك بالحلال خيراً مني
.
.
6
قسما بالله أحبكِ
ولكني لم أعد قادراً على رؤية حمرة شفتيكِ دون أن أتذكر جمر جهنم
ولم أعد قادراً على رؤية سواد كحلكِ ولا أتذكر ظلمة القبر
ولم أعد قادراً على رؤية بياض خديكِ ولا أتذكر بياض كفني
ولم أعد قادراً على أن أسبح بأصابعي وهي تلمس ما لم يحله الله لي
.
.
7
لستُ جباناً حين أهربُ منكِ
أنا أهربُ منكِ إلى الله
وإني أحسبُ هذا شجاعة
وأسأله سبحانه أن يشفيني منكِ
لأني لا أعرف كيف السبيل للهرب من امرأة تحيط بي من كل الجهات
وأنا غارق بكِ
وأرى الله يضيء لي من بعيد نور توبته
أريد أن أسبح صوب الضوء
مهما كانت السباحة بعيداً عنكِ مؤلمة
وأنا أثق برحمته أن يضمّد جرح قلبي بفقدكِ
.
.
8
لقد تعبتُ
تعبتُ وأنا أقرأ " إني ذاهب إلى ربي ليهدين " ولا أذهب إليه
تعبتُ وأنا أقرأ " واتخذ الله ابراهيم خليلا " وأنا أعاديه بكِ
تعبتً وأنا أقرأ " واصطنعتك لنفسي " وأنا أرى الشيطان يصنع به ما يشاء
تعبتُ وأنا آكل من رزق الله وأسكن أرضه وأعصه أمام ناظريه
تعبتُ يمدّ يده في النهار ليغفر لي حديث الليل فلا أذهب إليه
تعبتُ يمدّ لي يده في الليل ليغفر لي لقاء النهار ولا آتيه
تعبتُ وأنا أتذكر أنه سيسألني عنكِ حين أقف بين يديه وليس بيننا ترجمان
.
.
9
قسما بالله أحبكِ
قسما بالله أني أردتُ أن أمسك يدك وآخذكِ إلى الله
كنتُ أسأله بيتاً صغيراً أؤمكِ به ركعتين
وتمنيتُ أن أسألكِ عن أذكار الصباح والمساء وركعتي الضحى وجزء القرآن
تمنيتُ أن أوقظكِ لصلاة الفجر
تمنيتُ عمرة تجمعنا معاً لأقول له : لقد جئتكَ بها يا الله
.
.
10
تيقنتُ الآن أنه من المستحيل أن نأتيه معاً
فقررتُ أن أذهب وحدي
وسأحتسبكِ عنده
إلحقي بي
واحتسبيني عنده
تعرفين أني ما حلفتُ يوما كاذباً
لهذا فليكن آخر حِلفان لي عندكِ
قسماً بالله أحبكِ