رقم الفتوى: 288193
حكم الطهارة بالثلج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثلج, وهو الماء المتجمد من أنواع الماء الطهور يجزئ به الوضوء وغسل النجاسة إذا كان ذائبا, جاء في المهذب للشيرازي الشافعي: يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بالماء المطلق وهو ما نزل من السماء أو نبع من الأرض، فما نزل من السماء ماء المطر وذوب الثلج والبرد، والأصل فيه قوله عز وجل: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به). انتهى
وفي المجموع للنووي: قال أصحابنا: إذا استعمل الثلج والبرد قبل إذابتهما فإن كان يسيل على العضو لشدة حر وحرارة الجسم ورخاوة الثلج صح الوضوء على الصحيح، وبه قطع الجمهور لحصول جريان الماء على العضو, وإن كان لا يسيل لم يصح الغسل بلا خلاف. انتهى
وفي المغني لابن قدامة: فإن أخذ الثلج فأمرَّه على أعضائه لم تحصل الطهارة ولو انبل به العضو؛ لأن الواجب الغسل، وأقل ذلك أن يجري الماء على العضو، إلا أن يكون خفيفا فيذوب ويجري ماؤه على الأعضاء، فيحصل به الغسل، فيجزئه. انتهى
وبناء على ذلك؛ فإذا كان الموضع المتنجس ـ سواء كان سجادة أو ثوبا أو غيرهما ـ نزل عليه ثلج متجمد لا يسيل منه ماء فإن النجاسة باقية على حالها, أما إذا كان الثلج المذكور قد سال منه ماء حتى غلب على الظن أنه قد غمر موضع النجاسة فإنها تطهر.
والله أعلم.
ليس كل نجاسة تغير لون الماء
الثلج أو البرد، هو ماء مجمّد، أي أنه طاهر في نفسه مطهّر لغيره، فيصلح أن يكون آلة لطهارة الحدث تبعا لأصله، لكن على التفصيل الآتي...والمستند في ذلك:
صحيح النظر، وهو أن أصل الثلج ماء، وماء السماء طهور، فيكون المتولد منه وهو الثلج طهورا كذلك، لأن التحوّل هنا، ليس تحول مادة[ويسمى استحالة، وهو تغير مؤثر على الصحيح] وإنما هو تحوّل صورة وشكل، كاللحم المجمد وغير المجمد، والدم الجاري والجامد مثلا، لا تختلف أحكمهما.
*أما الاستدلال بحديث أبي هريرة قال:" كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة-قال- أحسبه قال: هنية فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله! إسكاتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟
قال(( أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد))متفق عليه
فإنه قد استدل به على طهورية الثلج والبرد، ولكن واقع فقه الدلالات اللفظية يأباه.
ووجه ذلك:
أن قوله( بالماء والثلج والبرد) المقصود منه اغسلني بالماء ثم بعده الثلج ثم بعده البرد...
وعليه فلا دلالة من الحديث على أن الثلج والبرد حكمهما حكم الماء...فهذا التركيب أشبه بقوله عليه السلام((اغسلوه بماء وسدر)) في حديث ابن عباس المتفق عليه.
فإن سلّم بأن حكم الثلج والبرد هو حكم الماء، من هذا الحديث...فالمثلية في نوع خاص من التنقية، وهو تنقية الثياب، وذلك مستفاد من تشبيه تنقية الخطايا بتنقية الثوب، ثم ذكر آلة تنقية الخطايا، فتكون هي آلة تنقية الثياب...ولا شك أن ما يستعمل في طهارة الثياب، لا يلزم منه إجزاؤه في طهارة الحدث.
إذا تقرر عندك هذا، فلا وجه لذكر دلالة الاقتران هنا...فالحديث ابتداء محله تطهير الثياب لا رفع الأحداث.
ثانيا: حاصل ما تقدّم يفيدنا أنه لم يرد في الشرع جواز رفع الحدث بالثلج على صورته التي هو عليها...
بل إن حقيقة غسل العضو، لابد فيها من جريان الماء على العضو، والثلج ماء مجمّد لا يجري على العضو!!
لذلك نقول:
1- إذا أمكنك أن تذيب الثلج فيجب عليك إذابته واستعماله، ولا يشرع لك التيمم.
2- إذا عدمت وسيلة إذابة الثلج، واستطعت استعمال الثلج على العضو، بحيث يحصل بلل كثير كاف يدلك به العضو فيعم كل العضو، فهذا مجزئ ولا يشرع لك أن تتيمم، وقد صحّ عن النبيّ-صلى الله عليه وسلم أنه توضأ بثلثي مد فجعل يدلك في وضوئه. وهذا منتهى قلة الماء، فمثله يقال في البلل الحاصل من الثلج.
3- أما إذا عدمت وسيلة إذابة الثلج، وخشيت من استعماله الضرر، ولم يبق من وقت الصلاة إلا مقدار أدائها-وهذه حال ضيقة جدا-فإنك حينئذ تترك الثلج ويتيمم.
هذا، والله اعلى وأعلم ونسبة العلم إليه أزكى وأسلم.