دخــل عبد الله بن الزبير على أمه ( أسمـاء بنت أبي بكر ) يشكو إليها ظلم الحجاج وخيانة الناس ، فقالت له :
"يا بني ... إن كنت تعلم أنك على حقٍ تدعوا إليه فامضِ عليه ، وإن كنتَ أردت الدنيـا فبئس العبد أنت ، أهلكتَ نفسك ومن معك ، والله لضربة سيفٍ في عزٍ أحبُّ إليَّ من ضربةِ بالسوط في ذل " فقـال :أخاف أن يقتلني أهل الشام ويمثلوا بي . فقالت : يا بني ... إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح ، فامضِ على بصيرتك واستعن بالله " فقبل رأسها ثم أمضى إلى ربه شهيدًا ..
*أم الصهباء* هي تلميذة لأم المؤمنين (عائشة) ، وكـانت إذا جاءت عائشة تقول لها : هذا يومي الذي أموت فيه فلا تطعم حتى تمسي ، وإذا جاء الليل تقول : هذه الليلة التي أموت فيها فتصلي حتي تصبح . ومـن أقوالها : "عجبتُ لعين تنام ، وقد عرفت طول الرقاد في ظلمة القبور" . وكانت إذا جـاء البرد لبست الثياب الرقاق حتى يمنعها البرد من النوم . وكانت تصلي الليل الطوبل ، ولما بلغها نبأ استشهاد زوجها وابنها قالت للنساء المعزيات : إن كنتنّ جئتنّ لتهنئني فمرحبًا بكنّ ، وإن كان غير ذلك فارجعنّ . ولم تتوسد فراشًا بعد استشهاد زوجها _ رحمها الله تعالى .
* الفارسة الشهيدة * (نسيبة بنت كعب ) صحابية جلية ومجاهدة من طراز فـريد ، كانت دائمًا تحيط بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل معاركه ، حتى قال النبي صلي الله عليه وسلم " إنكِ لتأتين أفعالًا لا يطيقها الرجـال " ابتليت في ولدها (حبيب بن زيد) الذي أخذه (مُسيلمة الكذاب) وقطع أعضاءه عضوًا عضوًا حتى لقي ربه شهيدًا تحت التعذيب ،فلمـا جاءها الخبر الأليم قالت :" لمثل هذا اليوم أعددتُه ،وفي سبيل الله احتسبته " وأقسمت أن تنتقم له من قاتله، وتأتي معركة اليمامة وتشارك فيها (نسيبة) وقُطعت يدهـا وهي تحاول قتل (مُسيلمة) ،وجُرحت أحد عشر جرحًا ، وعادت من المعركة بعد أن أقرَّ الله عينها بقتل عدو الله (مسيلمة)، كنها عادت بيدٍ واحدةٍ والدم ينزف بغزارة حتى لقيت ربها شهيدة .