الضحاك بن قيس ( س )
ابن خالد ، الأمير أبو أمية ، وقيل : أبو أنيس . وقيل : أبو عبد الرحمن . وقيل : أبو سعيد ، الفهري القرشي .
عداده في صغار الصحابة ، وله أحاديث .
خرج له النسائي ، وقد روى عن حبيب بن مسلمة أيضا .
حدث عنه ، معاوية بن أبي سفيان ووصفه بالعدالة ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، ومحمد بن سويد الفهري ، وعمير بن سعد ، وسماك بن حرب ، وأبو إسحاق السبيعي .
قال أبو القاسم بن عساكر شهد فتح دمشق ، وسكنها . وكان على عسكر دمشق يوم صفين .
حجاج بن محمد : عن
ابن جريج ، حدثني
محمد بن طلحة ،
عن [ ص: 242 ] معاوية ، أنه قال على المنبر : حدثني الضحاك بن قيس وهو عدل على نفسه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يزال وال من قريش على الناس .
وقال
علي بن جدعان : عن
الحسن ،
أن الضحاك بن قيس كتب إلى قيس بن الهيثم - حين مات يزيد - أما بعد : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الدخان ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه ، وإن يزيد قد مات ، وأنتم إخواننا ، فلا تسبقونا بشيء حتى نختار لأنفسنا .
قال
الزبير بن بكار : كان
الضحاك بن قيس مع
معاوية ، فولاه
الكوفة وهو الذي صلى على
معاوية ، وقام بخلافته حتى قدم
يزيد ، ثم بعده دعا إلى
ابن الزبير ، وبايع له ، ثم دعا إلى نفسه . وفي بيت أخته
فاطمة اجتمع أهل الشورى ، وكانت نبيلة .
وذكره
مسلم أنه بدري ، فغلط .
وقال
شباب مات
زياد بن أبيه سنة ثلاث وخمسين
بالكوفة ، فولاها
معاوية الضحاك ، ثم صرفه وولاه
دمشق ، وولى
الكوفة ابن أم الحكم . فبقي
الضحاك على
دمشق حتى هلك
يزيد .
وقيل : إن
الضحاك خطب
بالكوفة قاعدا .
وكان جوادا لبس بردا تساوي ثلاثمائة دينار ، فساومه رجل به ، فوهبه له ، وقال : شح بالمرء أن يبيع عطافه .
[ ص: 243 ] قال
الليث : أظهر
الضحاك بيعة
ابن الزبير بدمشق ودعا له ، فسار عامة
بني أمية وحشمهم ، فلحقوا
بالأردن ، وسار
مروان وبنو بحدل إلى
الضحاك .
ابن سعد : أخبرنا
المدائني ; عن
خالد بن يزيد ، عن أبيه ، وعن
مسلمة بن محارب ، عن
حرب بن خالد وغيره ; أن
معاوية بن يزيد لما مات ، دعا
النعمان بن بشير بحمص إلى
ابن الزبير ، ودعا
زفر بن الحارث أمير قنسرين إلى
ابن الزبير ، ودعا إليه
بدمشق الضحاك سرا لمكان
بني أمية وبني كلب . وبلغ
حسان بن بحدل وهو
بفلسطين وكان هواه في
خالد بن يزيد . فكتب إلى
الضحاك يعظم حق
بني أمية ، ويذم
ابن الزبير ، وقال للرسول : إن قرأ الكتاب وإلا فاقرأه على الناس ، وكتب إلى
بني أمية . فلم يقرأ
الضحاك كتابه ، فكان في ذلك اختلاف ، فسكتهم
خالد بن يزيد ، ودخل
الضحاك داره أياما ، ثم صلى بالناس ، وذكر
يزيد فشتمه ، فقام رجل من
كلب فضربه بعصا فاقتتل الناس بالسيوف ، ودخل
الضحاك دار الإمارة فلم يخرج وتفرق الناس ; ففرقة زبيرية ، وأخرى بحدلية وفرقة لا يبالون . ثم أرادوا أن يبايعوا
الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، فأبى ، ثم توفي .
وطلب
الضحاك مروان ، فأتاه هو وعمه ،
والأشدق ،
وخالد بن يزيد ، وأخوه ، فاعتذر إليهم ، وقال : اكتبوا إلى
ابن بحدل حتى ينزل
الجابية ، ونسير إليه ، ويستخلف أحدكم ، فقدم
ابن بحدل ، وسار
الضحاك وبنو أمية يريدون
الجابية . فلما استقلت الرايات موجهة ، قال
معن بن ثور والقيسية للضحاك : دعوت إلى بيعة رجل أحزم الناس رأيا وفضلا وبأسا ،
[ ص: 244 ] فلما أجبناك ، سرت إلى هذا الأعرابي تبايع لابن أخته ! قال : فما العمل ؟ قالوا : تصرف الرايات ، وتنزل فتظهر البيعة
لابن الزبير ، ففعل ، وتبعه الناس . فكتب
ابن الزبير إليه بإمرة
الشام ، وطرد
الأموية من
الحجاز .
وخاف
مروان ، فسار إلى
ابن الزبير ليبايع ، فلقيه
بأذرعات عبيد الله بن زياد مقبلا من
العراق ، فقال : أنت شيخ
بني عبد مناف ، سبحان الله ، أرضيت أن تبايع
أبا خبيب ولأنت أولى . قال : فما ترى ؟ قال : ادع إلى نفسك ، وأنا أكفيك
قريشا ومواليها . فرجع ، ونزل
بباب الفراديس . وبقي يركب إلى
الضحاك كل يوم ، فيسلم عليه ، ويرجع إلى منزله ، فطعنه رجل بحربة في ظهره ، وعليه درع ، فأثبت الحربة ، فرد إلى منزله ، وعاده
الضحاك ، وأتاه بالرجل ، فعفا عنه . ثم قال
للضحاك : يا
أبا أنيس ! العجب لك وأنت شيخ
قريش ، تدعو
لابن الزبير ، وأنت أرضى منه ! لأنك لم تزل متمسكا بالطاعة ، وهو ففارق الجماعة . فأصغى إليه ، ودعا إلى نفسه ثلاثة أيام ، فقالوا : أخذت عهودنا وبيعتنا لرجل ، ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث ! وأبوا فعاود الدعاء
لابن الزبير ، فأفسده ذلك عند الناس .
فقال له
ابن زياد : من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون ، بل يبرز ويجمع إليه الخيل ، فاخرج وضم الأجناد ، ففعل ، ونزل
المرج فانضم إلى
مروان وابن زياد جمع . وتزوج
مروان بوالدة
خالد بن يزيد ، وهي ابنة
هاشم بن عتبة بن ربيعة ، وانضم إليهم
عباد بن زياد في مواليه ، وانضم إلى
الضحاك زفر بن الحارث الكلابي أمير
قنسرين ،
وشرحبيل بن ذي الكلاع ، فصار في ثلاثين ألفا ،
ومروان في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجالة . وقيل : لم يكن مع
مروان سوى ثمانين فرسا ، فالتقوا
بالمرج أياما ، فقال
ابن زياد :
[ ص: 245 ] لا تنال من هذا إلا بمكيدة ، فادع إلى الموادعة ، فإذا أمن ، فكر عليهم . فراسله فأمسكوا عن الحرب . ثم شد
مروان بجمعه على
الضحاك ، ونادى الناس : يا
أبا أنيس ! أعجزا بعد كيس ؟ فقال
الضحاك : نعم لعمري ، والتحم الحرب ، وقتل
الضحاك ، وصبرت
قيس ، ثم انهزموا ، فنادى منادي
مروان : لا تتبعوا موليا .
قال
الواقدي : قتلت
قيس بمرج راهط مقتلة لم تقتلها قط في نصف ذي الحجة سنة أربع وستين .
وقيل : إن
مروان لما أتي برأس
الضحاك ، كره قتله ، وقال : الآن حين كبرت سني ، واقترب أجلي ، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض ؟