أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)

ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)


قالوا من قديم:
أن الفضيلة وسط بين رذيلتين.
وسواء اضطَّرد هذا القول أم لم يضطَّرد فإن الحقيقة تضيع بين الإفراط والتفريط، والناس يعانون كثيرًا من الغُلُوِّ الشديد والإهمال البارد.


وعندما ظهر الإسلام كان اليهود معروفين بالحِرْص على الحياة والحب القوي للمال، وطلبه من الربا ومن وجوه السحت الأخرى، وكان المسيحيون يَرَوْنَ التقوى في الرهبانية والزهد واحتقار المال
وجاء الإسلام فرفض المسلَكَيْنِ


وكانت الصرامة والقسوة ملحوظتين في تعاليم اليهود، كأن التقوى عقوبة مرصَدة لكل ذنب، وكأن مرضاة الله لا تَتِمُّ إلا بواجبات جافة ومظاهر محبوكة، فجاء عيسى ـ عليه السلام ـ يتحدث عن القلوب الرقيقة والبشرية الضعيفة الفقيرة إلى عفو الله.
وقالوا: إنه ترك امرأة اقتِيدَت متَّهمة بالإثم، وقال لليهود: مَن كان منكم بلا خطيئة فليتقدم ليرجمها!

وجاء الإسلام فرفض العبادة المقرونة بالصَّلَف والاستعلاء على الناس! ويسَّر التوبة لكل عاثر وأمر بستره والتجاوز عنه! وأقرَّ العقاب لمَن يتبجَّح بجُرمه ويؤذي المجتمع بالإصرار عليه!

أي أنه رفض الطاعة المُستكبِرة، ورحم المعصية النادمة، وطلب الإصلاح المتواضع الرقيق!

يقول علي بن أبي طالب:
الفقيه كل الفقيه مَن لم يقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يؤمِّنهم مكره!





والحق أن عيسى ـ عليه السلام ـ لم يَستهِنْ بجريمة الزنى، ولكنه كما روى الإمام مالك عنه يقول: لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلًى ومعافًى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية.
والإسلام دين وسط يأمر الأمة بالتزام الصراط المستقيم ويُحَذِّرها من الخطوط المنحرفة يمينًا والمنحرفة يسارًا.


والغلوُّ في الدين قد ينتُج عن خطأ في الفكر أو عِوَج في الطبع، وغالبًا ما يَزيغ عن الحق وينتهي بالانسلاخ عن الدين الصحيح، لذلك يقول الله تعالى لنبيه: (قل يا أهلَ الكتابِ لا تَغلُوا في دينِكم غيرَ الحقِّ ولا تتَّبِعوا أهواءَ قومٍ قد ضلُّوا من قبلُ وأضلُّوا كثيرًا وضلُّوا عن سواءِ السبيلِ) (المائدة: 77).

هناك مَن يبالغ في التعبُّد فينحرف يمينًا بالابتداع والحماس الكاذب، وهناك من ينحرف يسارًا بالإهمال المنتهي بالجحود والتمرد.

إن الإسلام يجعل التوسُّط فضيلة في شئون الدين والدنيا جميعًا



في شئون الدنيا يكره الإسلام التبذير والتقتير ويحب الإنفاق المعقول، وقد وصف الله عباد الرحمن فقال: (والذين إذا أنفَقُوا لم يُسرِفوا ولم يَقتُروا وكان بينَ ذلك قَوامًا) (الفرقان: 67).

في مجال العلم الديني رأيت ناسًا مُتَبَحِّرين في المنقول والمعقول، بهم فقه واسع، ومحفوظات كثيرة، لكن قلوبهم يَشينها جفاف بالغ، تولَّى أحدهم القضاء، وقَدِمت إليه امرأة متهمة بالزنى، فما زال يستدرجها ويمكُر بها حتى اعترفت له، وحكم برَجْمِها، لأنها متزوجة!

قلت: هذا منهج يهودي، فإن رسول الله ـ صلّ الله عليه وسلم ـ كان يرشد المتهم ليفر من العقاب ويتراجع عن قراره، ويتحايَل عليه لينصرف آمنًا.

أما هذا القاضي فإنه احتال على المُذنِب ليقتله! ليس هذا أسلوب الإسلام.
والعلة أن جانبًا آخر من الثقافة الإسلامية لم يُصلِح قلب الرجل فبَقِيَ معتلاًّ، ولو أَلِف "علم القلوب" وذاق الجانب العاطفي من الإسلام لستر وغفر، يستره الله ويغفر له!

والمحزِن أن هناك انفصالاً في علومنا الدينية بين الفقه والتصوُّف، مما جعل المتصوفين يجنحون أحيانًا إلى الجنون، وجعل الفقهاء أحيانًا يمثلون القانون العاتيَ الأصم.

والوسطية فضيلة تبرز في توجيهات الإسلام الاجتماعية والاقتصادية، ففي العلاقة بين الرجال والنساء مثلاً أبى أن تكون المرأة حبيسة البيت أو طريدته! وأن تكون نظرة الرجل إليها نظرة السجان أو الصياد!

البيت هو المَحضَن الذي تتولى المرأة فيه تربية الجيل الجديد وتنشئته على تعاليم الدين وتقاليده، وليس البيت سجنًا كما تفهم ذلك بعض التقاليد السائدة عندنا، وليس ملتقًى عابرًا للأبوين والأولاد كما تألف ذلك أوربا حيث الأسر شكل لا موضوع له.


لو التزمنا وسَطِيَّة الإسلام لكان ذلك أرضى لله وأسعد للأمة وأزكى للجنسين معًا.
وفي الناحية الاقتصادية أقَرَّ الإسلام حق المِلْكية الفردية، بيد أنه كبَح جماحَه بقيود الحلال والحرام، وانتقَص أطرافَه بحقوق الضعاف والمتعَبين.



(وكذلك جعلناكم أمّةً وَسَطًا لتكونوا شهداءَ على الناس ويَكونَ الرسولُ عليكم شهيدًا) (البقرة: 143).
والمؤسف أن الأمة المكلَّفة بذلك فرَّطت في البلاغ والتعليم!
بل فرطت في العمل والتأسي بنبيها!
بل لقد أصبحت اليوم ذيلاً لأحزاب الميمنة والميسرة في الشرق والغرب ونسيت الصراط المستقيم!



من كتاب مائه سؤال عن الاسلام
الشيخ محمد الغزالى

ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)



#2

افتراضي رد: ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)

الله يصلح أحوالنا
#3

افتراضي رد: ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)

الله يصلح أحوالنا
#4

افتراضي رد: ما معنى أن الله جعل المسلمين أمةً وسطًا؟(الشيخ محمد الغزالى)

جزاكي الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
شخصيات خلدها التاريخ I dO nOt CaRe شخصيات وأحداث تاريخية
القصة الحقيقية للملك سليمان توتة واحلى بنوتة شخصيات وأحداث تاريخية
غزوات الرسول بالتواريخ .. غزوات الرسول ومواقعها ملك.. شخصيات وأحداث تاريخية
الإخوان المسلمين واستحلال دماء المسلمين !!! ونص فتوى القرضاوي الملكة نفرتيتي المنتدي الاسلامي العام
فقه التعامل مع غير المسلمين قوت القلوب 2 فتاوي وفقه المرأة المسلمة


الساعة الآن 12:38 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل