ذات مرة اجتمع من الأولاد في إحدي الحدائق خلال لقائهم المسائي المعتاد وكانوا ينصتون بانتباه الي صقر زعيم المجموعة وهو يشرح لهم الخطة، قال لهم : ” سنذهب الي متجر الموناليزا، وبالداخل سيذهب سامي مع تامر الي قسم الأدوات المكتبية، بينما يتجه وليد معي الي قسم الحلويات والمأكولات، سيلتقط سامي ورفيقه اقلام الرصاص واقلام الحبر والتلوين بينما سنأخذ انا ووليد المصاصات والشوكولاته ورقائق البطاطس .. إلخ ، سنلتقي هنا مرة اخري عند الساعة السابعة لنتقاسم الاشياء، هل اتفقنا جميعا ؟ هيا بنا ” .
فكر وليد في نفسه قائلاً : آه يا ربي، لا استطيع القيام بهذا، لابد أن ابتعد عن صقر ومجموعته، لماذا لم افعل هذا ؟ وبدأ قلبه يدق بسرعة وشعر بتوتر شديد، لكنه تبع صقراً وهو غير راض .. كان وقت الغداء، وليس في المتجر الا قليل من الزبائن، وتعبق في الجو رائحة المأكولات والادوات المكتبية، ومالك المتجر السيد كريم يجلس وراء حاجز دفع النقود منشغلاً مع زبون، في توتر مد وليد يده ليتناول بعض المصاصات وقطع الشوكولاته ودسها في جيوبه ، واختلس النظر نحو صقر الذي كان يقف قريباً يقبص في تردد كل كيس من رقائق البطاطس، وبينما يدق قلب وليد دقات عنيفة استدار وخرج مهرولاً من المتجر ثم جري مباشرة الي المنزل، وقرر ألا يعود للانضمام إلي الآخرين في الحديقة .
وبسبب خوفه الشديد تخيل ان مالك المتجر يتعقبه فوصل الي منزله لاهثاً، كان والده في مدخل المنزل يحتسي شاي المساء واحس وليد برد فعل والده المذهل من دخوله المفاجئ، سأله والده : هل هناك ما يسوء ؟ تبدو في حالة رهيبة، اعترف وليد بالأمر متحرراً من خوفه وشعوره بالذنب، وقال لوالده : لقد سرقت أشياء من احد المتاجر، سأله والده في لهجة شديدة : ولماذا قمت بذلك ؟ اضاف وليد مدافعاً : الأولاد الآخرون قاموا ايضاً بهذا !
أجاب والده : هذا ليس عذراً، انت مسئول عن اعمالك ولا يجب ان تتبع الآخرين تتبعاً اعمي، اجاب وليد : اعرف، قال هذا وافرغ جيوبه وعرض الاشياء المسروقة علي والده، قال والده : اعد هذه الاشياء الي صاحبها، صاح وليد : كلا ، لا استطيع ! كرر والده بلهجة شديدة : لابد ان تعيدها انا ايضاً ارتكبت الخطأ نفسه عندما كنت صغيراً، فقد سرقت المجلات المصورة من متجر للكتب، وجعلني والدي اعترف بذنبي صاحب المتجر واعيد المجلات .
انتابت وليد صدمة وقال : وفعلت هذا ايضاً ؟ قال الاب : نعم، الاعتراف بالذنب جزء من النضج، لنذهب ونعيد هذه الاشياء، قال هذا ونهض لارتداء معطفه، رافق وليد والده الي متجر الموناليزا بقلب خائف وساقين مرتعشتين وبعد أن وصلا الي هناك انتظرا حتي يفرغ السيد كريم من عمله، شرح الاب كل شئ للسيد كريم بينما وضع وليد الاشياء المسروقة علي حاجز دفع النقود وبالرغم من امارات الصدمة والغضب علي وجه السيد كريم، فإنه ظل سنصت الي والد وليد وهو هادئ .
ثم قال وليد : انا في شدة الأسف، نظر السيد كريم اليه وقال : انا مسرور انك عدت واعترفت بذنبك، انني اقوم بجرد كل اسبوع وكنت سأعرف بأمر المسروقات وابلغ الشرطة وعنذئذ لن تكون امامك فرصة ثانية للاعتراف بخطئك، احتي وليد رأسه في خجل فسأله السيد كريم : هل ستفعل هذا مرة اخري ؟ اجاب وليد : لا ابداً، لقد اردت ان اكون عضواً في مجموعة الاصدقاء، لقد سرقت لأرضيهم ولكنني الآن اقلعت عن رفقتهم .
الحكمة من القصة : التأثر بالأصدقاء امر طبيعي، لكن الافكار والافعال الخاطئة تجلب لك الخجل امام الآخرين، لابد من ان تستخدم عقلك وان تقوم بالأمور الصائبة .