كان الرجل الظالم كلما استعد للخروج جرت نحوه ابنته الوحيده واعطته وردة قطفتها من الحديقة، يأخذ الوردة يستنشق عطرها، يشعر بالسعادة وتقول له : ابي، ليس اجمل من الورد شئ، بريئة رقيقة طيبة الرائحة، اريد ان يكون طعامنا هكذا طيباً وليس من حرام، يعبس وجهه ويتلبد، ثم ينصرف الي الخارج وفي طريقة يفكر في السرقة والنهب كعادته دائماً قبل ان تزرع ابنته الورد في حديقة المنزل، وما ان يشرع في الظلم حتي يتذكرهما – الوردة وابنته – يحاول ان يطرد خيالهما دون فائدة، مرة تظهر الوردة في وجه ابنته ومرة تظهر ابنته في وجه الوردة، وفي الحالتين رائحة زكية تملأ المكان، وفرح يملأ قلبه ويسري في جسده فيتراجع عن الظلم ويعود آخر النهار مبتسماً وبيده الذي كد في جمعه من حلال .
كل صباح تعطيه الابنة وردة، وكل يوم يفكر في الظلم، كل يوم تمنعه الوردة ويعود بمال من حلال، غير ان ورد الحديقة انتهي، بحثت ابنته عن ورد فلم تجد، اخذت تبكي وتجوب الطرقات وتنادي : وردة .. اي وردة .. بياضاء او حمراء او زرقاء او بنفسجية، وردة تبعث الرقة في النفس وتنسي الظالم ظلمة، كل الطرقات اجدبت والاراضي قحلت وكأن زراعة الورود لم تعد تشغل أحداً، عادت الابنة فلم تجد اباها في المنزل، كان قد خرج بلا وردة، ولأنها تعرف عاقبة ذلك انزوت في ركن من المنزل واخذت تبكي، وآخر النهار عادت جيوبه متخمة بالمال ووجهه عابس، راحت بسمته خلف غمامة علي وجهه، وازداد بكاء الابنة المسكينة، لم تقترب من الطعام ولم يشعر هو بها، كل ما كان يشغل باله ان يملأ الاكياس مالاً، وهرع المظلومون الي البيت، كل من اكتشف ظلماً او خديعة والتفوا حول البيت يبكون، لم يكن هو بالمنزل بل كانت ابنته، خرجت اليهم وسمعت شكواهم وبكت وهي تقول : لقد بحثت عن وردة فلم اجد .