استمرارية حياة الإنسان على سطح الأرض تتطلّب منه تنظيم عمله وتحديد أهدافه، من أجل وصوله إلى ما يصبو إليه من النجاح والإنجاز وهذا الأمر لا يتحقق إلا بتنظيم الوقت، والاستفادة من كل ساعةٍ أو لحظةٍ فيه بما يعود على الفرد بالنفع في حياته وحياة المحيطين به؛ فالحياة في الأساس هي عبارةٌ عن وقتٍ وفترةٍ زمنيةٍ يعيشها الإنسان مستغلًا أو مهدرًا وهذا ما يفسر أهمية الوقت.ويستطيع الإنسان تلمُّس أهمية الوقت عندما يقرأ القرآن الكريم ويرى كيف أقسم الله تعالى به في أكثر من موضعٍ، ومنها قوله تعالى: {والعصر}، وقوله: {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى}؛ فالعصر والليل والنهار هي أوقاتٌ، والعظيم لا يُقسم إلا بشيءٍ عظيمٍ وذي فائدةٍ للناس، وقد أولى الدين الإسلامي الوقت كثيرًا من الأهمية؛ فهو مناط العمل الصالح الذي يعود بالنفع على المرء في الدنيا والآخرة، ومن خلاله تُقضى الحوائج، وتُنجز الأعمال، وتتقدم الأمم، وتتطور علميًّا وصناعيًّا وتجاريًّا وثقافيًّا فأنّا لأمة مهدرة لوقتها أن تتقدم في أي مجالٍ.
فتنظيم الوقت وتقسيمه إلى أجزاءٍ تتناسب والعمل المراد القيام من أولى خطوات النجاح بحيث لا يطغى جانبٌ على الآخر؛ فهناك وقتٌ للعمل، وآخر للراحة والاستجمام وممارسة الهوايات، ووقتٌ للعائلة والأصدقاء، ووقتٌ للمرح واللهو، ومتى استطاع الإنسان تحقيق ذلك التوازن في وقته فسيشعر بقيمة الوقت، ويشعر بالسعادة العارمة بسبب استغلاله لكل ساعةٍ في يومه بما يعود عليه بالنفع أو الفرح والسرور أو المساعدة وإدخال السعادة على الآخرين من خلال ذلك الوقت المخصص للأهل والأصدقاء أو المخصص للعمل التطوعيّ والخيريّ، كما أنّ تنظيمك لوقتك مدعاةٌ للتحدي والتحفيز على الإنجاز فأنت تحدد لكل مهمةٍ وقتٌ يجب أن تنجز فيه كي تنتقل إلى المرحلة التالية، كما أنه يجعلك أكثر إنتاجًا وإنجازًا فالتنظيم الوقتيّ يجعل الفرد يُنجز الأهم فالمهم بدلًا من التشتت بين الواجبات والمهام الوظيفية والعائلية والمجتمعية.
ومن الأمور التي تساهم في تنظيم الوقت وترتيب الأولويات هو التدوين؛ فيجب على الفرد تدوين المواعيد الرئيسية المتكررة في يومه كموعد النوم والاستيقاظ والذهاب إلى العمل، وغيرها، ثم تدوين الواجبات والنشاطات الملزم بها أسبوعيًّا أو استثنائيًّا كحضور حفلةٍ أو مناسبةٍ وتحديد الوقت والمدة الزمنية لكل نشاطٍ، ثم تدوين الأعمال التي تقوم بها دون فائدةٍ إنما هي مضيعةٌ للوقت كالجلوس إلى التلفاز لساعاتٍ طويلةٍ متتالية أو الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعيّ أكثر من اللازم، يلي ذلك تحديد مواعيد زمنية دقيقة للأعمال الروتينية والطارئة من أجل تحديد أوقات أخرى للهوايات والزيارات المحببة إلى قلبك.