مررت في حياتي بأذكياء أصحاب اطلاع،
ولكنهم تائهون عن بناء مستقبلهم الأبدي، فكنت أتعجب حتى قرأت
( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ )
لقد مضى زمن كنت فيه لا شئ، فعلام الغرور أيها الإنسان..؟!
(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا)
كثير من الناس الذي يخرج صلاة الفجر عن وقتها إذا تأخر في دوامه بما يؤثر على وضعه المادي يحصل له من الحسرة في قلبه بما يفوق مايجده من تأنيب الضمير إذا أخرج الصلاة عن وقتها..
هل صار وقت الدوام –الذي سيؤثر على نظرة رئيسنا لنا- أعظم في نفوسنا من ركن يترتب عليه الخروج من الإسلام؟
هذه المقارنة الأليمة بين الساعة الخامسة والسابعة صباحاً هي أكثر صورة محرجة تكشف لنا كيف صارت الدنيا في نفوسنا أعظم من ديننا ..
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فتربصوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)
ماذا بقي من شأن الدنيا لم تشمله هذه الآية العظيمة؟!
هل بلغنا هذه الحال التي تصفها هذه الآية؟!
ألم تصبح الأموال التي نقترفها والتجارة التي نخشى كسادها أعظم في نفوسنا من الله ورسوله والدار الآخرة؟!
كيف لم يعد يشوقنا وعد ربنا لنا في سورة النحل إذ يقول
(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ)
من تحدث بطريقة ليوحي أنه قرأ ما لم يقرأ أو حفظ ما لم يحفظ،
فإنها تثمر نقيض قصده، في مسلم
(من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها،لم يزده الله إلا قلة)
ستغادرنا هذه المرحلة كغيرها،وأربح الشباب فيها من قضاها في علم أو عمل،
وأغبنهم من قضاها في ملاحقة المراء والجدل، فتفاجأ بالرصيد الفارغ لاحقا!
لا تستهن بالدعاء لوالديك المتوفين، وثِق أنه يبهجهم وهم في قبورهم،
ولولا ذلك لما ذكره أعلم الخلق بربه كما في صحيح مسلم
(أو ولد صالح يدعو له)
راقب نفسك وأنت تطالع وتحفظ وتلخص
وتكتب واحترس أن يكون قلبك متشوفا للدهشة في عيون الخلق
(تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض)
(ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلا)
غاية الخذلان أن يحبك الناس لدينك،
فتستثمر حبهم لدنياك.
للذكر أنواع من الثواب،
لكن أكثرها إبهارا أن خالق الكون سبحانه سيذكرك باسمك في الملأ الأعلى
( فاذكروني أذكركم )
الله سيذكرك باسمك!
من يتصور؟!
من أعظم أسباب السعادة والانشراح وراحة البال :
التغافل والتغاضي .. وهو جزء من قوله تعالى عن المفلحين
( والذين هم عن اللغو معرضون ) .
(وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظله وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتينكم بقوة)
كل هذا لتعمر النفوس بالتشبث بكلام الله
(خذوا ما آتيناكم بقوة).
التوكل بكل اختصار :
اشتغال الجوارح بالأسباب ، واشتغال القلب بالله ..
وأخبرنا الله بخيرية هذه الأمة
(كنتم خير أمة) (وأنتم الأعلون)
فهل يشع قلبك يقينا بهذه الحقيقة،
أم يمر في زوايا القلب شكوك وارتيابات؟