في قرية صغيرة ذات مروج خضراء ولد خروف جميل ابيض اللون
اشقر الوجه والقوائم كان يناديه صاحبة الخروف شقور، تحدث
هذا الخروف عما جري له فقال : كنت اخرج كل يوم انا وامي
مع القطيع في الصباح الباكر الي المراعي تملأ بطوننا من العشب
الاخضر والنباتات الطرية ثم نعود عند الظهيرة للقيلولة ثم ننطلق
مع الراعي الي السهول ثانية لنسرح ونمرح حتي المساء، كان القطيع
في الذهاب والاياب يمشي بتمهل يتقدمه حمار الراعي ووراءه
يسير الكبش الرائد الذي علق في رقبته جرس نسمع صوته كلما تحرك
او مشي، ويحرس القطيع كلب قوي يمشي في مؤخرة القطيع
يلملم الاغنام المتأخرة والمنفردة خشية ان تضيع أو يأكلها الذئب، اما
صاحبنا الراعي تارة يمشي علي يمين القطيع وتارة يمشي علي
يساره او خلفه او يركب احياناً علي دابته ليريح اقدامه من المسير .
ومرت الأيام نعيش حياة سعيدة في قريتنا الجميلة، لكننا كنا نلاحظ
بين الحين والحين غياب بعض الخراف الكبيرة… يقولون: إنها تسافر
إلى المدينة، لترى الحياة الجديدة ولكنها لا تعود، وشهراً وراء شهر
بدأت أشعر بقوتي تزداد و بجسمی يكبر، لقد اشتدت أطرافي، وصار لي
قرنان أنطح بهما، وامتلأت لحماً، ذات يوم تهامس صاحبي مع الراعي وهم
ينظرون إلي وفي اليوم التالي أخدوني مع بعض رفاقي إلى
المدينة، وهنالك أدخلونا الليلة قدموا لنا كثيراً من العلف فأكلنا
وشربنا الماء وفي الصباح وجدنا أنفسنا في سوق الأغنام .
وبينما نحن في السوق توقفت بالقرب منا سيارة فاخرة نزل منها رجل
حسن الهيئة واختارني من بين الخراف ووضعني في سيارته، وبعد
وقت قصير وجدت نفسي في حديقة منزل هذا الرجل الثري وحولي الاطفال
يداعبونني، غادر الاب المنزل ثم عاد فركض الاولاد نحوه قالت سلمی: هل
اشتریت لی ثوبا وقال زهير هل اشتريت لي قميصا ؟ وقال غانم : هل اشتريت إلى
لعبة وقبعة،أنحنى الأب وقبل أولاده وقال: لقد اشتریت للجميع، أخذت الأم
الحقيبة ودخلت الغرفة وتبعها الأولاد، وبعد فترة خرجوا إلى الحديقة وقدموا
لي الحشائش وأخذوا يلاعبونني بلطف، وأنا أصيح ماء.. ماء ، وهم يضحكون
ويتمازحون، قال أحدهم غدا عيد الأضحى، قالت سلمي وهي تغني بكرة
عيد ونعيد، ثم اشاروا إلي وتهامسوا .
عندها شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبي… وفي صباح يوم العيد لبس أفراد
الاسرة ثيابا جديدة، وأقبل بعضهم يهنئ بعضاً بالعيد وهم يرددون كل عام
وأنتم بخير. قبل الاب أولاده فردا فردا وأعطاهم نقوداً (عيدية)، ثم همس
في أذن زهير، فانطلق خارج المنزل ثم عاد ومعه رجل يحمل في يده شينا، وثيابه
ملطخة، فعلمت أن خطراً ما يحدق بي، فبدأت أثغو بصوت عال، وأتحرك
بعصبية، تقدم الرجل مني قليلاً، وفلك قيدي، والقاني على
ظهري، وربط آطرافی۔ وقال : «بسم الله والله اکبر و صاحب الدار
بقربه يتمتم بكلمات صرخت ولكن عندما خرجت روحي من جسمي
لم اعد اشعر بألم، بل شعرت براحة وسعادة وخاصة عندما رأيت الابناء
والاولاد والاب فرحوا لأنهما ضحوا بي وتقربوا الي الله سبحانه وتعالي
ووزعوا لحمي علي الاقارب والفقراء وفي الضحي ذهب الاطفال
الي الملاهي يلعبون ويغنون وروحي ترفرف فوقهم، ما اجمل
عيد الاضحى المبارك .