حكم الإجهاض بغير علم الزوج
❶
السؤال إحدى قريباتي لديها ثلاثة أبناء، وكانت حاملا بالابن الرابع، وقامت بإجهاضه؛ لأنه كان حملا خارج الرحم. لكن دون أن تخبر والده، أو أبناءها: إخوة الجنين، بحجة أنها لا تريد أن تثقل عليهم؛ لأن منهم من كان في امتحانات، وغيرها من الأمور العائلية.
فما حكم هذه الفعلة؟ وهل يجوز أن تنزله دون الرجوع إلى أبيه وإخوته، وأن تذهب للدكتور في الأصل دون استشارة أحد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجهاض الجنين غير جائز، إلا إذا كان في بقائه خطر على حياة الأم، وانظر
الفتوى رقم: 143889.
وعليه؛ فإن كانت هذه المرأة قد أجهضت جنينها من غير أن يكون في بقائه تهديد لحياتها، فهي آثمة، سواء فعلت ذلك بعلم الزوج وأولادها ورضاهم، أو بغير علمهم ورضاهم،
وراجع الفتوى رقم: 140368
أمّا إذا كانت أجهضت
لكون الحمل فيه تهديد لحياتها، فهذا جائز، لكن لا يجوز لها أن تخرج من بيتها دون إذن زوجها سواء كانت ذاهبة إلى الطبيب أو غيره، إلا إذا كانت هناك ضرورة، أو حاجة ماسة.
والله أعلم.
❷
الفتوى رقم: 143889.
مذاهب العلماء في الإجهاض قبل تخلق الجنين
السؤال أنا سيدة متزوجة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكنت حاملا في الشهر الأول، لكنني تناولت دواءً أدى إلى إسقاط الجنين وذلك ما كنت أريد ـ أي كنت أريد فعلا إسقاط الجنين دون عارض صحي أو موجب شرعي ـ والآن أنا خائفة من غضب الله علي، فهل علي من فدية، أو كفارة أتوب عن طريقها؟ وهل أنا فعلا قتلت نفسا؟ أرجو الإجابة في أسرع وقت، لأن الخوف من غضب الله علي يكاد يقتلني.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإجهاض الجنين قبل أن تمضي أربعون يوماً على حمله محرم على الصحيح من أقوال العلماء إذا لم يكن هناك مبرر معتبر في الشرع ـ كالخوف على حياة الأم ـ وذلك لما فيه من الاعتداء على نفس قد تخرج إلى الدنيا وتوحد الله وتعبده، والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره، ولا تلزم فيه الدية والكفارة إذا كان الإجهاض قبل تخلق الجنين، أما إذا كان بعد التخلق ـ وهو أن يمضي عليه أربعون يوماً من بداية الحمل ـ فتلزم فيه الدية والكفارة، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 2025، ورقم: 17939.
وذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جوازه إذا كان قبل نفخ الروح، قال ابن الهمام في فتح القدير: يباح الإسقاط بعد الحبل ما لم يتخلق شيء منه، ثم في غير موضع قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق نفخ الروح. انتهى.
وقال الرملي في نهاية المحتاج: الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقاً وجوازه قبله. انتهى.
وفي حاشية قليوبي: نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه خلافاً للغزالي. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: ويجوز شرب دواء لإسقاط نطفة.
وقال الحطاب في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: وأما التسبب في إسقاط الماء قبل أربعين يوماً من الوطء فقال اللخمي جائز، وقال ابن العربي في القبس لا يجوز باتفاق، وحكى عياض في الإكمال قولين في ذلك للعلماء وظاهره أنهما خارج المذهب. انتهى.
وقال البرزلي في مسائل الرضاع: وأما جعل ما يقطع الماء، أو يسد الرحم فنص ابن العربي أنه لا يجوز، وأما استخراج ما حصل من الماء في الرحم فمذهب الجمهور المنع مطلقاً وأحفظ اللخمي أنه يجوز قبل الأربعين ما دام نطفة كما له العزل ابتداء، والأول أظهر، إذ زعم بعضهم أنه الموؤدة. انتهى.
وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقاً وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين، وهو من الوأد الذي قال الله فيه: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت، وقد قال: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق. انتهى.
وفي نهاية المحتاج للرملي: قال المحب الطبري: اختلف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين قيل لا يثبت لها حكم السقط والوأد، وقيل لها حرمة ولا يباح إفسادها ولا التسبب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم بخلاف العزل فإنه قبل حصولها فيه، قال الزركشي: وفي تعاليق بعض الفضلاء قال الكرابيسي سألت أبا بكر بن أبي سعيد الفراتي عن رجل سقى جاريته شراباً لتسقط ولدها، فقال ما دامت نطفة، أو علقة فواسع له ذلك ـ إن شاء الله تعالى. انتهى.
وقد أشار
الغزالي إلى هذه المسألة في الإحياء، فقال:
بعد أن قرر أن العزل خلاف الأولى ما حاصله: وليس هذا كالاستجهاض والوأد، لأنه جناية على موجود حاصل فأول مراتب الوجود وقع النطفة في الرحم فيختلط بماء المرأة، فإفسادها جناية، فإن صارت علقة، أو مضغة فالجناية أفحش، فإن نفخت الروح واستقرت الخلقة زادت الجناية تفاحشاً، ثم قال ويبعد الحكم بعدم تحريمه وقد يقال أما حالة نفخ الروح فما بعده إلى الوضع فلا شك في التحريم، وأما قبله فلا يقال إنه خلاف الأولى، بل محتمل للتنزيه والتحريم ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ، لأنه جريمة، ثم إن تشكل في صورة آدمي وأدركته القوابل وجبت الغرة. انتهى.
والفتوى في الشبكة على القول بالمنع مطلقاً، وهو الذي أفتت به هيئة كبار العلماء، لأن في الإسقاط إفساداً للنسل، وفتحاً لباب الفساد فالواجب سده، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 35536، 2025، 13171، 17494.
فعليك أن تخلصي توبتك لله، والله تعالى يحب التوابين، وهو يغفر الذنوب جميعاً، وقد جاء في الحديث الشريف:
الندم توبة.
وفي حديث آخر:
التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ونسأل الله أن يتوب عليك ويرحمك.
❸
السؤال سافرت زوجتي بغير علمي، وأجهضت الجنين دون علمي ـ أيضاً ـ مع العلم
أنه في الأسبوع السابع عشر ولم تعلمني بالإجهاض بعد عودتها من سفرها.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت زوجتك قد سافرت بغير إذنك، فلا شك في كونها مخطئة، إذ لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير إذن زوجها، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 3449.
وهي بذلك تعتبر ناشزاً، فيجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وإذا استمرت على النشوز فاتبع معها ما جاء في الشرع في علاج النشوز، وهو مبين في الفتوى رقم: 1103.
وإذا كانت قد أجهضت جنينها لغير عذر شرعي، فقد فعلت منكراً عظيماً، فإجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه يعتبر قتلاً للنفس بغير وجه حق، فيجب عليها ـ أولاً ـ أن تتوب من هذا الإجهاض، وتلزمها دية هذا الجنين، وهي غرة ـ عبد أو أمة ـ وتساوي عشر دية الأم، وفي وجوب الكفارة خلاف، والكفارة أحوط وأبرأ للذمة وراجع الفتوى رقم: 9332.
وأما قولك بأنها أجهضت بغير علمك: فنقول إنه لا عبرة بعلمك بالإجهاض من عدمه، إذ إنه لا يجوز لها أن تقوم بذلك ولو كان بعلمك.
والله أعلم.
المراجع
اسلام ويب