عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة
الصحابي عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، وأحد العشرة المبشرين بالجنة (43 ق هـ/581م - 33هـ/652م).
اسمه ونسبه
هو: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.أمه: الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
مولده وإسلامه وجهاده
_ولد بعد عام الفيل بعشر سنين فهو أصغر من النبي بعشر سنين. وكان عبد الرحمن من السابقين الأولين إلى الإسلام، إذ أسلم قبل دخول النبي محمد دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان اسمه عبد عمرو وقيل عبد الحارث وقيل أيضا عبد الكعبة، فغيره النبي محمد إلى عبد الرحمن، وأسلم معه أخوه الأسود بن عوف وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وسائر المشاهد، وآخى النبي محمد بينه وبين
سعد بن الربيع الخزرجي.
_بعثه النبي محمد إلى دومة الجندل، ففتح الله عليه، وأذن له النبي محمد أن ينكح ابنة ملكهم، وهي تماضر بنت الأصبغ الكلبي.
ذكر شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في الإصابة: (قال معمر عن الزهري، تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله بشطر ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة).
منزلته عند النبي ﷺ كان عبد الرحمن كغيره من الصحابة السابقين الأولين الذين لم يدهشهم الغنى ذا منزلة عظيمة عند رسول اللهﷺ._
وذكر ابن سعد في الطبقات: قال عبد الرحمن بن عوف: قطع لي رسول الله ﷺأرضاً بالشام يُقال لها السليل، فتوفي النبيﷺ ولم يكتب لي بها كتابا، وإنما قال: إذا فتح الله علينا بالشام فهي لك.
روى أحمد في مسنده عن أنس أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن كلام، فقال خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها!، فقال النبي ﷺ: دعوا لي أصحابي. وقيل قال: "مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي فوالله لو كان لك أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحة".
وقول رسول اللهﷺ لخالد بن الوليد: "دع عنك أصحابي" وهو يعني هذه الطبقة ذات القدر الخاص المتميز في المجتمع المسلم في المدينة. لكن الحديث بهذا المتن مردود فقد ورد في زاد المعاد من غير سند و برواية مرسلة عن طريق امام السير والمغازي ابن اسحاق و معلوم أن هذا مما لا يبنى به رأي و لا يستقيم به دين
**والأثبت أن رسول اللهﷺ
_كما ورد في صحيح مسلم قالﷺ: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما ملك مد أحدهم ولا نصيفه. فهو لم يخرج خالدا من دائرة الصحبة. أما الحديث في مسند أحمد فقد روي بطريق أحمد بن عبد الملك حدثنا زهير حدثنا حميد الطويل عن أنس. و هو سند مردود لأن حميد الطويل قال فيه أهل الحديث أنه يدلس عن أنس -أي يروي مباشرة أن أنسا قال دون أن يكون سمع منه الحديث- و لا يحتج بروايته عن أنس إلا ما قال فيه حدثنا أنس، كما أن في السند أحمد بن عبد الملك الأسدي الكوفي و قد تركه أهل بلده و ضعفه بعض أهل الحديث كابن حجر العسقلاني حيث قال أن أحمد نفسه تكلم فيه أنه دخل في عمل السلطان و تركه
كذلك محمد بن عبد الله بن نمير.
منزلته عند الصحابة
_كان عمر بن الخطاب يرجع إليه في أمور كثيرة، ومما روي منها دخول البلد التي نزل بها الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس،
وكان عمر يقول: ( عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين ).
_وكان عبد الرحمن أحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لخلافته، وأرتضاه الصحابة جميعاً حكماً بينهم لاختيار خليفة
لعمر بن الخطاب.
_روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن المسور بن مخرمة (وهو صحابي وابن أخت عبد الرحمن): بينما أنا أسير في ركب بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن قدامي عليه خميصة سوداء، فقال عثمان: من صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان يا مسور، قلت : لبيك أمير المؤمنين، فقال: ( من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الثانية الآخرة فقد كذب ).
أزواجه وأولاده
كان له من الولد سالم الأكبر ومات في الجاهلية وأم القاسم وأمهم أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة.
ومحمد وإبراهيم وإسماعيل وحميد وزيد وحميدة وأمة الرحمن الكبرى وأمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
ومعن وعمر وأمة الرحمن الصغرى وأمهم سهلة بنت عاصم.
وعبد الله وأمه بنت أبي الخشخاش.
وعثمان وأمه غزال بنت كسرى.
وأم يحيى وأمها زينب بنت الصباح.
وجويرية وأمها بادنة بنت غيلان.
وعروة الأكبر أمه بحرية بنت هانئ.
وعبد الرحمن أمه أسماء بنت سلامة.
وسالم الأصغر "أبو سلمة الفقيه" أمه تماضر بنت الأصبغ.
سهيل أمه مجد بنت يزيد. وسهيل هذا له ابن اسمه عبد المجيد بن عبد الرحمن بن عوف اشتهر باسم جده.
ومصعب وأمية ومريم وأمهم أم حريث من سبي بهراء.
وأبو بكر أمه أم حكيم بنت قارظ.
وعروة الأصغر ويحيى وبلال لأمهات أولاد.
غناه وكسبه وتصدقه
وكان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده، ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال: "أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثلث يقرضهم، وثلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث يصلهم ويعطيهم".
كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرحمن: بَارَكَ الله لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ. فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ)، و قد نما ماله وكثر وربحت تجارته.
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قِيْلَ: بِلاَلٌ إِلَى أَنْ قَالَ: فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الإِيَاسِ. فَقُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أَنْظُرُ إِلَيْكَ أَبَداً. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ. (حديث مرفوع)
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ). قَالَ: فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ:
(أَتَانِي جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُعْطِ فِي النَّائِبَةِ، وَلْيُطْعِمِ المِسْكِيْنَ). (حديث مرفوع)
خوفه من كثرة المال
كَثُرَ مَال عبد الرحمن بن عوف حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ،
وفاتـــــــــــــــــــــه
توفي عبد الرحمن سنة ثلاث وثلاثين للهجرة في بلاد الشام، وصلى عليه أمير المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وأرادت أم المؤمنين عائشة أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يُدفن في حجرتها إلى جوار الرسول وأبي بكر وعمر، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن
إلى جوار صاحبه.
قبره ومكان وجوده
قبر عبد الرحمن بن عوف موجود في الأردن - وقيل في المدينة في البقيع بجوار قبر عثمان بن مظعون -،
في العاصمة عمّان، في منطقة صويلح، الحي الشرقي، محاط ببيوت سكنية،
المصادر
^ أورده ابن القيم في زاد المعاد.
^ مقتبس من تفسير السيد قطب لسورة التوبة "في ظلال القرآن".
المعرفة