مجمع الفقه الإسلامي التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي. إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 – 14 أيار (مايو) 1992م ، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع البيع بالتقسيط، واستكمالاً للقرار 51 (2/6) بشأنه، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً : البيع بالتقسيط جائز شرعاً، ولو زاد فيه الثمن المؤجل على المعجل . ثانياً : الأوراق التجارية (الشيكات-السندات لأمر-سندات السحب) من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة . ثالثاً : إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعاً، لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم . رابعاً : الحطيطة من الدين المؤجل، لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعاً، لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق، وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية . فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز، لأنها تأخذ عندئذٍ حكم حسم الأوراق التجارية . خامساً : يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسراً . سادساً : إذا اعتبر الدين حالاً لموت المدين أو إفلاسه أو مماطلته، فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي . سابعاً : ضابط الإعسار الذي يوجب الإنظار : ألا يكون للمدين مال زائد عن حوائجه الأصلية يفي بدينه نقداً أو عيناً والله أعلم (*)
فتوى الشيخ ابن باز سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سؤال عن ظاهرة البيع بالتقسيط بأسواقنا المحلية، التي أخذت تتصاعد في حياتنا التجارية، السـؤال: ما هي الضوابط –في رأي سماحتكم– التي تحفظ حقوق طرفي البيع بالتقسيط، ومن ثم حقوق ونظام وسلامة المجتمع؟ الجواب: _البيع إلى أجل معلوم جائز؛ لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.. الآية [البقرة:282]. _والزيادة في القيمة مقابل الأجل لا مانع منها، فقد ثبت عن النبي ﷺ ما يدل على جواز ذلك، وذلك أنه ﷺ أمر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشًا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل. _وينبغي معرفة ما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة؛ حتى لا يقع المتبايعان في العقود المحرمة، إذ إن بعضهم يبيع ما لا يملك، ثم يشتري السلعة بعد ذلك ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع، قبل أن يقبضها القبض الشرعي. _وكلا الأمرين غير جائز؛ لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك[1]. وقال عليه الصلاة والسلام: _لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك[2].
وقال عليه الصلاة والسلام: من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه[3]. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نشتري الطعام جزافًا، فيبعث إلينا رسول الله ﷺ من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا[4].
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضًا: أنه نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم[5].
ومن هذه الأحاديث وما جاء في معناها، يتضح لطالب الحق أنه لا يجوز للمسلم _أن يبيع سلعة ليست في ملكه، ثم يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه، ويتضح -أيضًا- أن ما يفعله كثير من الناس؛ من بيع السلع وهي في محل البائع قبل نقلها إلى حوزة المشتري أمر لا يجوز؛ لما فيه من مخالفة سنة الرسول ﷺ ولما فيه من التلاعب بالمعاملات، وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور، والعواقب الوخيمة ما لا يحصى[6].
رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبدالله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)،
باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
رواه البخاري في (البيوع)، باب (الكيل على البائع والمعطي)، برقم: 2126، ومسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)،
برقم: 1526.
رواه مسلم في (البيوع)، باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم: 1526.
رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
رسالة جوابية من سماحته إلى رئيس تحرير جريدة (الجزيرة)، أجاب فيها سماحته عن ثلاثة أسئلة، وهذا أحدها.
(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/ 15).
فتوى اسلام ويب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للإنسان أن يبيع سلعةً ما أو يشتريها إلى أجل معلوم ، ولو زاد ثمن بيعها أو شرائها إلى أجل على ثمن بيعها أو شرائها حالا. لا حرج في ذلك ، لأنه قد علم أن للزمن حصة في الثمن ، وهذا مما تقتضيه قواعد الشرع وتتحقق به مصالح الأنام . لكن يشترط لصحة ذلك أن يستوفى البيع الشروط المعتبرة،، مثل أن يجزم الطرفان ويتفقا على طريقة الدفع - قبل إبرام العقد - هل هي بالتقسيط، أو بالدفع حالاً - لأن عدم الجزم بأحدهما مع تخيير المشتري بين الطريقين هو من باب بيعين في بيعة واحدة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ففي سنن أبى داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا" وأن تكون العين المباعة مباحة ، وأن تكون من مالكها أو وكيله ، وأن تكون الأقساط معلومة والأجل مسمى ، لقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه).[البقرة:281]. ولقصة بريرة الثابتة في الصحيحين فإنها اشترت نفسها من سادتها بتسع أواق في كل عام أوقية، وهذا هو بيع التقسيط ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، بل أقره ولم ينه عنه ، وإن اشترتها عائشة فيما بعد وعجلت الأقساط . وعلى هذا جرى عمل المسلمين في القديم والحديث . والله أعلم