من اجمل القصائد التي كتبها نزار القباني ، قصيده ابي واقدم اعتذاري ، قصيده اكتب للصغار
من احلى الكلمات التي كتبها الشعراء
قصائد نزار قباني
أنا قطار الحزن
.. أركب آلاف القطارات
.. وأمتطي فجيعتي
وأمتطي غيم سجاراتي
حقيبة واحدة .. أحملها
.. فيها عناوين حبيباتي
.. من كن ، بالأمس ، حبيباتي
يمضي قطاري مسرعا.. مسرعا
.. يمضغ في طريقه لحم المسافات
يفترس الحقول في طريقه
يلتهم الأشجار في طريقه
.. يلحس أقدام البحيرات
يسألني مفتش القطار عن تذكرتي
.. وموقفي آلاتي
.. وهل هناك موقف آتي ؟
فنادق العالم لا تعرفني
.. ولا عناوين حبيباتي
.. لا رصيف لي
أقصده .. في كل رحلاتي
أرصفتي جميعها .. هاربة
.. هاربة .. مني محطاتي
.. هاربة .. مني محطاتي
أكتب للصغار
أكتب للصغار..
للعرب الصغار حيث يوجدون...
لهم على اختلاف اللون والاعمار..والعيون..
أكتب للذين سوف يولدون..
لهم أنا أكتب..للصغار...
لأعين يركض في أحداقها النهار...
أكتب باختصار..
قصة ارهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
قضت سنين الحرب في زنزانه منفردة..
كالجرذ..في زنزانه منفردة..
شيدها الالمان في براغ...
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود...
يزور النقود..
وهي تدير منزلاً للفحش في براغ...
يقصده الجنود...
وآلت الحرب الى ختام...
وأعلن السلام...
ووقع الكبار...
أربعة يلقبون نفسهم كبار...
صك وجود الأمم المتحدة..
...وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح..
سفينة تلعنها الرياح...
وجهتها الجنوب..
تغص بالجرذان..والطاعون ..واليهود..
كانوا خليطاً من سقاطة الشعوب...
من غرب بولندا..
من النمسا...من استنبول..من براغ..
من آخر الأرض..من السعير..
جاءوا الى موطننا الصغير..
موطننا المسالم الصغير..
فلطخوا ترابنا...
وأعدموا نساءنا...
ويتموا أطفالنا...
ولاتزال الأمم المتحدة...
ولم يزل ميثاقها الخطير...
يبحث في حرية الشعوب...
وحق تقرير المصير...
والمثل المجردة...
فليذكر الصغار...
العرب الصغار..حيث يوجدون..
من ولدوا منهم ومن سيولدون...
قصة إرهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
حلت محل أمي الممددة...
في أرض بيارتنا الخضراء في الخليل...
أمي أنا الذبيحة المستشهدة...
وليذكر الصغار..
حكاية الأرض التي ضيعها الكبار..
والأمم المتحدة...
أكتب للصغار..
قصة بئر السبع ..والخليل..
وأختي القتيل...
هناك في بيارة الليمون...
أختي القتيل..
هل يذكر الليمون في الرملة..
في اللد..
وفي الخليل..
أختي التي علقها اليهود في الأصيل..
من شعرها الطويل..
أختي انا نوار...
أختي انا الهتيكة الإزار...
على ربى الرملة والجليل...
أختي التي مازال جرحها الطليل...
مازال بانتظار...
نهار ثأر واحد..نهار ثار...
على يد الصغار...
جيل فدائي من الصغار...
يعرف عن نوار...
وشعرها الطويل...
وقبرها الضائع في القفار...
أكثر مما يعرف الكبار...
أكتب للصغار..
أكتب عن يافا..وعن مرفأها القديم...
عن بقعة غالية الحجار...
يضيء برتقالها...
كخيمة النجوم...
تضم قبر والدي...وإخوتي الصغار..
هل تعرفون والدي..
وإخوتي الصغار؟..
اذ كان في يافا لنا..
حديقة ودار...
يلفها النعيم...
وكان والدي الرحيم...
مزارعاً وشيخاً...يحب الشمس.. والتراب..
والله..والزيتون...والكروم...
كان يحب زوجه وبيته..
والشجر المثقل..بالنجوم...
...وجاء أغراب مع الغياب..
من شرق أوروبا..ومن غياهب السجون..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب...
فأتلفوا الثمار..
وكسروا الغصون...
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم...
والخمسة الأطفال في وجوم...
واشتعلت في والدي كرامة التراب...
فصاح فيهم: اذهبوا الى الجحيم...
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب..!
...ومات والدي الرحيم..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه..
مات والدي العظيم...
في الموطن العظيم...
وكفه مشدودة شداً الى التراب...
فليذكر الصغار..
العرب الصغار حيث يوجدون...
من ولدوا منهم ..ومن سيولدون..
ماقيمة التراب..
لأن في انتظارهم...
معركة التراب....
أنا والفصول
لم يكن الربيع صديقي
في يومٍ من الأيام.
ولا تحمست
لطبقات الطلاء الحمر، والأزرق
التي يضعها على وجهه..
ولا للأشجار التي تقلد
راقصات الـ (فولي بيرجير)
الخريف وحده..
هو الذي يشبهني.
أبي
أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي.
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى نبي
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي – بعد – لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب..
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب..
*
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب..
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
*
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي..
أقدم اعتذاري
.. أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار
.. عن الكتابات التي كتبتها
.. عن الحماقات التي ارتكبتها
عن كل ما أحدثته
في جسمك النقي من دمار
وكل ما أثرته حولك من غبار
.. أقدم اعتذاري
عن كل ما كتبت من قصائد شريرة
.. في لحظة انهياري
فالشعر ، يا صديقتي ، منفاي واحتضاري
.. طهارتي وعاري
ولا أريد مطلقا أن توصمي بعاري
من أجل هذا .. جئت يا صديقتي
.. أقدم اعتذاري
.. أقدم اعتذاري
أكبر من كل الكلمات
سيدتي ! عندي في الدفتر
ترقص آلاف الكلمات
واحدةٌ في ثوبٍ أصفر
واحدةٌ في ثوبٍ أحمر
يحرق أطراف الصفحات
أنا لست وحيداً في الدنيا
عائلتي .. حزمة أبيات
أنا شاعر حبٍ جوالٌ
تعرفه كل الشرفات
تعرفه كل الحلوات
عندي للحب تعابيرٌ
ما مرت في بال دواة
الشمس فتحت نوافذها
و تركت هنالك مرساتي
و قطعت بحاراً .. و بحاراً
أنبش أعماق الموجات
أبحث في جوف الصدفات
عن حرفٍ كالقمر الأخضر
أهديه لعيني مولاتي
---
سيدتي ! في هذا الدفتر
تجدين ألوف الكلمات
الأبيض منها و .. و الأحمر
الأزرق منها و .. و الأصفر
لكنك .. يا قمري الأخضر
أحلى من كل الكلمات
أكبر من كل الكلمات