الحمامة والثعلب ومالك الحزين
زعموا ان حمامة كانت تفرخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء. فكانت الحمامة تشرع في نقل العش الى رأس تلك النخلة فلا يمكنها ذلك الا بعد شدة وتعب ومشقة، لطول النخلة وسحقها. وكانت، اذا فرغت من النقل، باضت، ثم حضنت بيضها، انقاض وادرك فراخها، جاءها ثعلب قد تعهد ذلك منها لوقت قد علمه ريثما ينهض فراخها، فتوقف بأصل النخلة فصاح بها وتوعد ها ان يرقى اليها او تلقي اليه فراخها، فتلقيه اليه.
فبينما هي، ذات يوم، وقد ادرك لها فرخان، اذ اقبل مالك الحزين فوقع على النخلة فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم قال لها: "يا حمامة ما لي اراك كاسفة البال سيئة الحال؟"
فقالت له: "يا مالك الحزين، أن ثعلبا دهيت به، كلما كان لي فرخان جاءني يتهددني، ويصيح في اصل النخلة فأفرق منه، فأطرح إليه فرخي".
قال لها مالك الحزين: "إذا أتاك ليفعل ما تقولين، فقولي له: لا ألقي إليك فرخيَّْ، فارق إلي وغرر بنفسك، فإذا فعلت ذلك، وأكلت فرخي طرت عنك ونجوت بنفسي".
فبينما هي، ذات يوم، وقد ادر ك لها فرخان، اذ اقبل مالك الحزين فوقع على النخلة فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم قال لها : يا حمامة ما لي اراك كاسفة البال سيئة الحال؟"
فقالت له: "يا مالك الحزين، أن ثعلبا دهيت به، كلما كان لي فرخان جاءني يتهددني، ويصيح في اصل النخلة فأفرق منه، فأطرح أليه فرخي"
قال لها مالك الحزين :"إذا أتاك ليفعل ما تقولين، فقولي له: لا ألقي إليك فرخي، فارق إلي وغرر بنفسك، فإذا فعلت ذلك، وأكلت فرخي طرت عنك ونجوت بنفسي".
فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر. واقبل الثعلب في الوقت الذي عرف. فوقف تحت النخلة، ثم صاح كما كان يفعل، فأجابته الحمامة بما علمها مالك الحزين.
فقال لها: "اخبريني من علمك هذا"؟ قالت: "علمني مالك الحزين".
فتوجه الثعلب حتى أتى مالك الحزين، على شاطئ النهر، فوجده واقفا، فقال له الثعلب: "يا مالك الحزين، إذا اتتك الريح عن يمينك، فأين تجعل راسك؟"
قال:" عن شمالي".
قال: "فاذا اتتك عن شمالك، اين تجعل رأسك"؟
قال: "اجعله عن يميني أو خلفي".
قال: "فاذا أتتك الريح من كل مكان وكل ناحيه اين تجعله؟"
قال: " اجعله تحت جناحي ".
قال: وكيف تستطيع ان تجعله تحت جناحيك؟ ما أراه يتهيأ لك."
قال: "بلى".
قال: "فأرني كيف تصنع، فلعمري يا معشر الطير، لقد فضلكم الله علينا: انَّكن تدرين في ساعة
واحدة، مثل ما ندري في سنة؛ وتبلغن ما لا نبلغ، وتدخلن رؤوسكن تحت اجنحتكن من البرد والريح، فهنيئا لكن، فأرني كيف تصنع! "
فأدخل الطائر رأسه تحت جناحيه، فوثب عليه الثعلب مكانه، فأخذه فهمزه همزة دق عنقه. ثم قال: " يا عدو نفسه، ترى الرأي للحمامة، وتعلمها الحيلة لنفسها، وتعجز عن ذلك لنفسك، حتى يتمكن منك عدوك". ثم قتله وأكله.