أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تنبيه الغافلين

تنبيه الغافلين
تنبيه الغافلين
تخيم فترات من الظلام على حياة الأفراد والأمم.. يحلوا فيها الكسل، وتخبوا فيها الهمم، لكن تظل كثير من المفاهيم والثوابت منارات على قارعة الطريق، يهتدي بها من يريد أن يفلت من هذه الحالة الحالكة، وتكون بمثابة القشة التي يبحث عنها الغريق، يتلمس بها النجاة، أو كنجوم السماء
تدل على الطريق للسائر في الظلام.
تلك المفاهيم والثوابت لا تتغير ما دام الليل والنهار، وما دامت السماوات والأرض، تناساها البعض وتنكر لها آخرون، ولذلك لا غرابة أن تتداعى الأمم علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وفي هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة الإسلامية، يتحتم علينا العودة إلى تلك المفاهيم والثوابت، نعيشها قولا وعملا، كي نعود إلى المجد المفقود، ونخرج من عالم الأزمات إلى مقدمة ركب الحضارة والتقدم.
وعلى غرار قاعدة {وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين} نعيش في هذه الأسطر القليلة مع بعض هذه المفاهيم والثوابت، نذكر النفس ونذكر أمتنا بطريق المجد الذي غاب عنا وغبنا عنه.
العدل روح الأمم وحياة الشعوب
العدل أساس الملك، وفي الحكمة: «لعن الله قوما ضاع الحق بينهم».. فما من دولة يتفشى فيها الظلم إلا ويبدأ فيها الانهيار، وتحل عليها عقوبة الله تعالى
{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه اليم شديد} [هود:102]
ولقد ذم الله تعالى حمية الجاهلية، التي كان التعاون فيها على الإثم والعدوان أقرب من التعاون على البر والتقوى، وكان الحلف على النصرة في الباطل قبل الحق، وها هو شاعرها يقول:
وهل أنا إلا من غزيه إن غوت غويت وإن ترشد غزيه أرشد
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه:
الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: (الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة).
ويقول أيضا: إن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، وإن لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة.
إن لله تعالى حمى هي محارمه وللعباد حقوقا وواجبات وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن تكون الدولة هي الحارس الأمين الذي يدافع عن حمى الله حتى لا ينتهك، وهى التي تحفظ للناس حقوقهم حتى لا يجور بعضهم على بعض، فإذا اعتدى فرد على فرد أو فريق على فريق آخر طالته يد العدالة، لأن الله يذع بالسلطان ما لا يذع بالقرآن.
ولم يجعل الإسلام الالتزام بالعدل أمر خاص بالحكام، فحسب بل أمر كل إنسان بالعدل في جميع أموره التي يزاولها سواء في ذلك ما يتصل بالأسرة أو القرابة أو الجار أو غير ذلك، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده. فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» [متفق عليه]
يقول ابن علان في شرح ذلك الحديث:
أي كلكم حافظ مؤتمن ملتزم صلاح ما أؤتمن على حفظه، فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه.
قال الله تعالى:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا} [النساء:58].
يقول القرطبي:
وهذا خطاب للولاة والأمراء والحكام، ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)
وقال تعالى:




{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلوا أو تعرضوا فان الله بما تعملون خبير} [النساء:135]
وقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائدة:8]
قال الشعبي:
أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء: أن لا يتبعوا الهوى، وألا يخشوا الناس ويخشوه،
ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا.
والعدل الحق لا يكون إلا بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء التي تضمنت العدل كل العدل في إعطاء الحقوق لأصحابها، وتنظيم العلاقات بين الناس تنظيما عادلا، وإن من أكبر الظلم وأخطره أن يتعدى الحاكم على حق من حقوق الله تعالى، فيقوم بالتشريع للأمة التي يرعاها، وفي هذا يكون ظالما لنفسه وللرعية التي تحت يديه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- (ليس من وال أمة قلت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار) [رواه أحمد]
- (ما من أمير عشيرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور) [رواه أحمد]
- (اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم) [رواه مسلم]
(من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين) [متفق عليه].
وللعدل صور شتى منها القيام بمنع الظلم وإزالته عن المظلوم، ومنع انتهاك حرمات الناس وحقوقهم المتعلقة بأنفسهم وأعراضهم وأموالهم، وإزالة آثار التعدي الذي يقع عليهم، وإعادة حقوقهم إليهم، ومعاقبة المعتدى عليهم بما يستحقه من العقوبة.
ومن صوره أيضا فض المنازعات والخصومات بين المسلمين وإعطاء كل ذي حق حقه وتعين القضاة الأكفاء لتحقيق ذلك ومراعاة حقوق أهل الذمة.
ومن صوره أيضا القيام بحق أفراد الشعب في كفالة حرياتهم وحياتهم المعيشية حتى لا يكون فيهم عاجز متروك ولا ضعيف مهمل ولا فقير بائس ولا خائف مهدد.
ومن صوره أيضا التسوية بين الناس في المعاملة، ومكافأة جهودهم بحسبها، وإسناد الأعمال والوظائف لمن يستحقها، وعدم المفاضلة والتمييز بينهم تبعا للهوى والمصلحة الشخصية أو غير ذلك من الأسباب غير الشرعية، وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهم فقد خان الله ورسوله والمسلمين).
ومن صوره أيضا ألا تتدخل مراكز الناس الاجتماعية وأنسابهم في خضوعهم لمقتضى العدل، فالشريعة الإسلامية تطبق على كل أحد لا فرق في ذلك بين شريف وغيره، ولا بين حاكم ومحكوم، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) [رواه البخاري].
تجانست تلك المبادئ العادلة بكيان المسلمين، وعندما كانوا أهل التزام بها أنشأوا أعظم حضارة عرفت العدل في تاريخ البشرية.
أخرج ابن عساكر قال: كتب عمر بن الخطاب إلى فيروز الديملي -رضي الله عنه-: (أما بعد: فقد بلغني أنه قد شغلك أكل اللباب بالعسل، فإذا أتاك كتابي هذا فأقدم على بركة الله فاغز في سبيل الله) فقدم فيروز، فاستأذن على عمر -رضي الله عنه- فأذن له، فزاحمه فتى من قريش، فرفع فيروز يده فلطم أنف القرشي، فدخل القرشي على عمر مستدمى، فقال له عمر: من فعل بك؟ قال: فيروز، وهو على الباب. فأذن لفيروز بالدخول، فدخل، فقال: ما هذا يا فيروز؟ قال يا أمير المؤمنين: إنا كنا حديثي عهد بملك، إنك كتبت إلي ولم تكتب إليه، وأذنت لي بالدخول ولم تأذن إليه، فأراد أن يدخل في إذني قبلي فكان مني ما قد أخبرك، قال عمر: القصاص. قال فيروز: لابد؟ قال: لابد. فجثى فيروز على ركبتيه وقام الفتى ليقتص منه. فقال له عمر -رضي الله عنه-: على رسلك أيها الفتى حتى أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وهو يقول: (قتل الليلة الأسود العنسي الكذاب، قتله العبد الصالح فيروز الديلمي)
أفتراك مقتصا منه بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال الفتى: قد عفوت عنه بعد أن أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال فيروز لعمر: افترى هذا مخرجي مما صنعت إقراري له وعفوه غير مستكره؟ قال: نعم. قال فيروز: فأشهدك أن سيفي وفرسي وثلاثين ألفا من مالي هبة له.
إن غياب العدل في أمة وتمتع بعض الأفراد بمزايا وحقوق دون الآخرين نذير شؤم على تلك الأمة ينشئ فيها كثيرا من السلبيات فمنها على سبيل المثال:-
- الظلم يولد في نفس أبناء الأمة الغل والحقد والحسد بين بعضهم البعض، مما يؤدى إلى فقد التراحم والتعاون والتآزر كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، وتظهر الفردية وروح الأنانية فيصبح كل فرد حريص على مصلحته الشخصية قبل مصلحة المجموع.
- ظهور سلوكيات شاذة بين الأفراد من التطرف الفكري والعملي، ويسهل على المرء الجنوح إلى كل ما هو بغيض، فيستحل الخوض في عرض أو مال أخيه بلا وجه حق، ويستمرئ سفك الدماء لأدنى شبهة تحت العديد من الدعاوى كالإصلاح والتحرير وغيرها.
- هجرة النابغين من أبناء الأمة أصحاب الهمم العالية من علماء ومتخصصين ومثقفين وباحثين وغيرهم إلى أقطار أخرى، يتمتعون فيها بالحرية الفكرية والعملية، وينالون حقوقهم كاملة غير منقوصة، وينعمون بلذة الابتكار والإبداع والعطاء، ويبقى الغوغاء الذين لا هم لهم إلا الجري وراء الملذات والشهوات، وهم أهم معاول الهدم لأي وطن، فالعدل حقا روح الأمم وحياة الشعوب لا طريق إلا طريقه ولا نجاح إلا به.
تخيم فترات من الظلام على حياة الأفراد والأمم.. يحلوا فيها الكسل، وتخبوا فيها الهمم، لكن تظل كثير من المفاهيم والثوابت منارات على قارعة الطريق، يهتدي بها من يريد أن يفلت من هذه الحالة الحالكة، وتكون بمثابة القشة التي يبحث عنها الغريق، يتلمس بها النجاة، أو كنجوم السماء
تدل على الطريق للسائر في الظلام.
تلك المفاهيم والثوابت لا تتغير ما دام الليل والنهار، وما دامت السماوات والأرض، تناساها البعض وتنكر لها آخرون، ولذلك لا غرابة أن تتداعى الأمم علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وفي هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة الإسلامية، يتحتم علينا العودة إلى تلك المفاهيم والثوابت، نعيشها قولا وعملا، كي نعود إلى المجد المفقود، ونخرج من عالم الأزمات إلى مقدمة ركب الحضارة والتقدم.
وعلى غرار قاعدة {وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين} نعيش في هذه الأسطر القليلة مع بعض هذه المفاهيم والثوابت، نذكر النفس ونذكر أمتنا بطريق المجد الذي غاب عنا وغبنا عنه.
ماذا تقول لربك غدا
روى الذهبي في تاريخ الإسلام، بعد أن ذكر مشورة أبى بكر -رضي الله عنه- لكبار الصحابة في عزمه على تولية عمر بعده: (فقال قائل: ماذا تقول لربك عن استخلافك عمر وقد ترى غلظته؟ فقال أجلسوني، ثم قال: أبالله تخوفوني؟ أقول: استخلفت عليهم خير أهلك).
وعن الأحنف بن قيس قال: كنت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلقيه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين انطلق معي فأعدني على فلان فقد ظلمني، فرفع عمر درته وخفق بها رأس الرجل، وقال له: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم مقبل عليكم، حتى إذا شغل بأمر من أمور المسلمين أتيتموه أعدني أعدني، فانصرف الرجل غضبان آسفا. فقال عمر: علي بالرجل، فلما عاد ناوله مخفقته، وقال له: خذ واقتص لنفسك مني، فقال الرجل: لا والله، ولكني أدعها لله وانصرف.
وعدت مع عمر إلى بيته، فصلى ركعتين ثم جلس يحاسب نفسه ويقول: ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله، وكنت ضالا فهداك الله، وكنت ذليلا فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس، فجاءك رجل يستعديك فضربته فماذا تقول لربك غدا إذا لقيته؟.
وروى ابن كثير أن معاوية -رضي الله عنه- لما دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فسلم عليها من وراء حجاب، وذلك بعد مقتله حجرا وأصحابه، قالت له: أين ذهب عنك حلمك يا معاوية حين قتلت حجرا وأصحابه؟!، فقال لها: فقدته حين غاب عنى من قومي مثلك يا أماه، ثم قال لها
فكيف بري بك يا أماه؟ فقالت: إنك بي لبار. فقال يكفيني هذا عند الله، وغدا لي ولحجر موقف بين يدي الله عز وجل.
وروى ابن جرير أن معاوية جعل يغرغر بالصوت وهو يقول: إن يومي بك يا حجر بن عدي لطويل قالها ثلاث.
ما أروع هذا الميزان الذي يزن المرء منا به أفعاله في كل وقت (ما تقول لربك غدا؟).. هذا الميزان الذي بثه الإسلام في نفوس المؤمنين، ورباهم عليه، فحققوا أعظم حضارة وكانوا به خير أمة أخرجت للناس.
إن وجود الإنسان في هذه الحياة لغاية وهدف حدده الله له، حيث يقول جل شأنه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وبكل ما تشمله كلمة العبادة أمر الله به الإنسان، بكل ما فيها من حث على الفضيلة ومجانبة الرذيلة، وبكل ما فيها من الأمر بالجد والإعمار في الأرض والتوكل وعدم التواكل، وبكل ما فيها من طهر ونقاء ورفعة ورقي، فهذا هو دوره الذي حدده الله له ورسم له المنهج لتحقيقه، فإذا أتى عليه يوم القيامة حاسبه على دوره هذا، وجعل الجنة للفائزين والنار لمن أعرض وكان من الكافرين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) [رواه الترمذي]
- (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) [متفق عليه].
وبمجرد يقين الفرد بأن الأيام إلى زوال، وأنه يقدم إلى ربه فيحاسبه على عمله، مجرد معايشة ذلك كفيل بأن يوجه الإنسان الوجهة الصحيحة، فيقبل على كل خير يفعله، ويعرض عن كل شر وتفاهة وخلود إلى الأرض حيث الرضى بالذل والهوان، فطريق فلاح المؤمنين هو هذا الميزان الرباني (ما تقول لربك غدا) الذي من وزن به أعماله اهتدى ونجا.
ولما فقدت أمة الإسلام هذا الميزان فقدنا طريق الفلاح وسهل علينا الفرقة والخلاف وسهل علينا حب الذات والجري وراء الملذات والرضى بسفاسف الأمور وحب الخمول فلو استشعر كل منا المقام بين يدي الله وأعددنا له جوابا لجرنا ذلك نحو النجاة التي نحن الآن في أمس الحاجة إليها.
يا من تمتع بالدنيا وزينتــها ولا تنام عن اللذات عيناه
أفنيت عمرك فيما لست تدركه تقول لله ماذا حين تلقاه
تخيم فترات من الظلام على حياة الأفراد والأمم.. يحلوا فيها الكسل، وتخبوا فيها الهمم، لكن تظل كثير من المفاهيم والثوابت منارات على قارعة الطريق، يهتدي بها من يريد أن يفلت من هذه الحالة الحالكة، وتكون بمثابة القشة التي يبحث عنها الغريق، يتلمس بها النجاة، أو كنجوم السماء تدل على الطريق للسائر في الظلام.
تلك المفاهيم والثوابت لا تتغير ما دام الليل والنهار، وما دامت السماوات والأرض، تناساها البعض وتنكر لها آخرون، ولذلك لا غرابة أن تتداعى الأمم علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وفي هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة الإسلامية، يتحتم علينا العودة إلى تلك المفاهيم والثوابت، نعيشها قولا وعملا، كي نعود إلى المجد المفقود، ونخرج من عالم الأزمات إلى مقدمة ركب الحضارة والتقدم.
وعلى غرار قاعدة {وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين} نعيش في هذه الأسطر القليلة مع بعض هذه المفاهيم والثوابت، نذكر النفس ونذكر أمتنا بطريق المجد الذي غاب عنا وغبنا عنه.
كونوا ربانيين
فيا علماء الأمة: كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون.
- دخل عمر بن عبيد على الخليفة المنصور، وكان الظلم في عهده قد شاع وذاع وملأ الأصقاع، وفجت رائحته الكريهة تزكم الأنوف وتصدع الرؤوس وتقلق الأعصاب، فما حيى ولا سلم، بل قال: بسم الله الرحمن الرحيم {والفجر. وليال عشر. والشفع والوتر. والليل إذا يسر. هل في ذلك قسم لذي حجر. ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد.التي لم يخلق مثلها في البلاد. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الأوتاد. الذين طغوا في البلاد. فأكثروا فيها الفساد. فصب عليهم ربك سوط عذاب. إن ربك لبالمرصاد} [الفجر:1-14].
ثم قال: نعم، إن ربك لبالمرصاد لمن فعل مثل فعالهم، فاتق الله يا أمير المؤمنين، فإن ببابك نيرانا تتأجج لا يعمل فيها بكتاب الله ولا بسنة رسوله، وأنت مسئول عما اجترحوا وليسوا مسئولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، أما والله لو علم عمالك أنه لا يرضيك منهم إلا العدل لتقرب به إليك من لا يريده.
فهب سليمان بن مجالد في وجه عمر بن عبيد الله يقول: اسكت يا ابن عبيد، فقد غممت أمير المؤمنين، فرد عليه عمر بن عبيد بشدة قائلا: ويلك يا ابن مجالد، أما كفاك أنك خزنت نصيحتك عن أمير المؤمنين حتى أردت أن تحول بينه وبين من ينصحه، اتق الله يا أمير المؤمنين فإن هؤلاء قد اتخذوك سلما إلى شهواتهم، فأنت كالماسك بالقرون وغيرك يحلب، وإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا.
- ويروى أنه لما قدم عمرو بن هبيرة إلى العراق، أرسل إلى الحسن البصري والشعبي، وأمر لهما ببيت فكانا فيه شهرا ونحوه ثم جاء عمرو إليهما، فسلم ثم جلس معظماً لهما فقال: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك كتب إلي كتبا أعرف أن في إنفاذها الهلاك، فإن أطعته عصيت الله، وإن عصيته أطعت الله، فهل تريا لي في متابعتي إياه مخرجا؟
فقال الحسن للشعبي: أجب الأمير، فتكلم الشعبي كلاما يريد به إبقاء وجهة عنده - أي يريد إرضائه - فقال ابن هبيرة للحسن: ما تقول أنت يا أبا سعيد؟ قال أقول: يا ابن هبيرة، يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله فظ غليظ لا يعصى الله ما مره فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك.. يا عمرو بن هبيرة، لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك فيغلق به باب المغفرة دونك.. يا عمرو بن هبيرة، لقد أدركت ناسا من صدر هذه الأمة كانوا عن هذه الدنيا وهى مقبلة أشد إدبارا من إقبالكم عليها وهى مدبرة.. يا عمرو بن هبيرة، إني أخوفك مقاما خوفك الله عز وجل فقال: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [إبراهيم:14].. يا عمرو بن هبيرة، إنك إن تك مع الله في طاعته كفاك يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد على معاصي الله وكلك الله إليه.
فبكى عمرو بن هبيرة وقام بعبرته، فلما كان من الغد أرسل إليهما فأدناهما وأجازهما، فأكثر في جائزة الحسن وأنقص جائزة الشعبي، فخرج الشعبي إلى المسجد فقال: يا أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله على خلقه فليفعل، فوالذي نفسي بيده ما علم الحسن شيئا منه فجهلته، ولكن أردت وجه ابن هبيرة
فأقصاني الله منه.
- عندما زار السلطان العثماني عبد العزيز مصر في عهد إسماعيل باشا كان إسماعيل حفيا بالزيارة لأنها كانت جزءا من برنامجه للحصول على لقب خديوي مع عدة امتيازات في نظام الحكم بمصر، وكان من برنامج الزيارة أن يستقبل الخليفة العلماء في السراي، ولما كانت للمقابلة السنية تقاليد منها أن ينحني الداخل إلي الأرض وغير ذلك من التقاليد السخيفة المنافية لروح الإسلام، فقد كان حتما على رجال السراي أن يدربوا العلماء على طريقة المقابلة عدة أيام حتى لا يخطئوا في حضرة السلطان، وعندما حان الموعد دخل السادة العلماء فنسوا دينهم واشتروا دنياهم وانحنوا أمام مخلوق مثلهم تلك الإنحناءات وخرجوا موجهين وجوههم إلى الخليفة كما أمرهم رجال التشريفات، إلا عالما واحدا وهو حسن العدوى استحضر في قلبه أن لا عزة إلا لله ودخل مرفوع الرأس كما ينبغي أن يدخل الرجال وواجه الخليفة بتحية الإسلام:السلام عليكم يا أمير المؤمنين، وابتدره بالنصيحة التي ينبغي أن يتلقى بها العالم الحاكم، ودعاه إلى تقوى الله والخوف من عذابه والعدل والرحمة بين رعاياه، فلما انتهي سلم وخرج مرفوع الرأس، وأسقط في يد الخديوي ورجال السرايا، وظنوا إن الأمر كله قد انقلب عليهم، وأن السلطان لابد غاضب فضائعة تلك الجهود التي بذلوا والآمال التي نسجوا ولكن كلمة الحق المؤمنة لا تذهب سدى، فلابد أن تصدع القلوب قوية حارة كما نبعت من مكمنها قوية حارة وهكذا كان، فقال السلطان ليس عنكم إلا هذا العالم وخلع عليه دون سواه.
إن العلماء المخلصين هم أحد أركان الهيكل الحضاري للأمم تفقد توازنها في عالم التقدم والرقى إذا فقدت أمثال هؤلاء.
يقول الغزالي في الإحياء: (العلماء ثلاثة: إما مهلك نفسه وغيره وهم المصرحون بطلب الدنيا المقبلون عليها، وإما مسعد نفسه وغيره وهم الداعون الخلق إلى الله سبحانه وتعالى ظاهرا وباطنا، وإما مهلك نفسه مسعد غيره وهو الذي يدعو إلى الآخرة وقد رفض الدنيا في ظاهره وقصده في الباطن قبول الخلق وإقامة الجاه).
والعلماء والمتخصصون في كل المجالات هم أعين الأمم تقودها إلى الحق والصواب في كل أمر، ولقد ضرب علماء صدر هذه الأمة أروع الأمثلة في إخلاص النصح للأمة حكاما ومحكومين، وعلموا أن العبد إذا خاف الله أخاف الله منه كل شيء من المخلوقات، وإذا لم يخف الله أخافه الله من كل شيء، وما إن بدأ العطب يدب في علماء الأمة حتى بدأ العطب يدب في جسدها، فصلاح الناس بصلاح العلماء وفسادهم بفساد العلماء، وفي ذلك قول الشاعر:
يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد
وكم عانت الأمة الإسلامية ولا تزال تعانى من علماء زينوا للناس الباطل، وأولوا النصوص لتوافق شهوات الحكام والمحكومين حتى صار أفضلهم في دينه ساكت عن المنكر فلا ينكر ولا يغير ولا يصدع بكلمة الحق وارتضي لنفسه العافية والتمس لها كافة المعاذير.
وكم عانت الأمة السلامية من شحنات من الأجهزة الفاسدة والأطعمة الفاسدة والكتب الفاسدة وغير ذلك، جلبها متخصصون باعوا ضمائرهم بحفنة من متاع الدنيا.
وكم عانت الأمة الإسلامية من دراسات ومناهج وأبحاث وسياسات قام عليها علماء ومتخصصون ما لهم غرض إلا بث سموم الفساد في جسد الأمة وأبنائها، فالله الله يا علماء المسلمين، ما هذا هو العهد الذي أخذه الله عليكم، بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون.
النائمون على وجه الأرض
ربما لا تقرع بعضنا الصيحات، ولا تؤثر في الآخرين النصائح، فنقول لهؤلاء وهؤلاء تعالوا بنا نستعرض بعض الحقائق والأرقام لعل ذلك يوقظ فيكم ساعد الجد، ونترك هذا السبات الذي طال.
- صرح وليام بيري وزير الدفاع الأمريكي في 13 أغسطس 1994قائلا: (إن أمريكا لن تستخدم قوتها العسكرية إلا في ثلاث حالات: أولها تعرض أمن إسرائيل للخطر، وثانيها ضمان تدفق البترول من الشرق الأوسط، وثالثها ضمان أمن كوريا الجنوبية)
يقول الدكتور مصطفي محمود: وخلاصة التصريح أن أمريكا تعطى أولوية مطلقة لأمن إسرائيل، وتضع قدرتها العسكرية في خدمة هذا الهدف الأول، هذا بالرغم من أن الميزان العسكري في المنطقة العربية مختل لصالح إسرائيل بالفعل، وقد حرصت أمريكا على أن يكون العتاد العسكري الإسرائيلي أكبر وأقوى وأخطر وأحدث من العتاد العسكري للدول العربية مجتمعة، ثم إنها أعطت الرخصة لإسرائيل بأن يكون عندها ترسانة نووية وكيميائية وبيولوجية، وحظرت هذه الأسلحة على جميع العرب، كما أنها تطوعت بتحطيم الترسانة العراقية في حرب الخليج، كل هذا وأغلب الدول العربية تعانى من الأزمات الاقتصادية وتقف على باب صندوق النقد الدولي.
- لم يعد العدو الإسرائيلي يحاول أن يستر حقده ولا أن يداري كراهيته للمسلمين الذين هان شأنهم، فما لبث أن خرج اليهودي (باروخ جولد شتين) مع أول خيط من خيوط الفجر يحمل بندقيته الآلية ليحصد برشاشها أكثر من ثلاثمائة مسلم راكع وساجد يصلون في مسجد الخليل، وكان آخر إحصاء للقتلى ستين قتيلا ومن الجرحى قرابة الثلاثمائة، ولا يمكن أن يكون لهذا الضابط مائة ذراع ولا خمسون إصبعا ليقتل وحده ذلك العدد، ولا بد أن أفرادا آخرين من الجيش ساعدوه، وأن هناك أكثر من رشاش وأكثر من بندقية كانت تحصد أرواح المصلين وهم سجود وركوع.. هكذا قال المذيع الألماني بالحرف معلقا على المشهد المفزع الذي أذاعه التليفزيون الألماني على الهواء.
إن ما فعله هتلر بالأمس في اليهود، يفعله اليهود اليوم بالعرب الذين فتحوا أذرعهم لفلول اليهود الهاربين من النازية، وفي جولة لمذيع CNN في إسرائيل يتوقف أمام شاب يهودي ليسأله ما رأيك في المذبحة التي جرت في الحرم الإبراهيمي؟ وأجاب اليهودي في برود شديد: للأسف لم يقتل رجلنا عددا كافيا من المسلمين، ولكنها بداية طيبة على أي حال. وتجمهر اليهود في بيت القاتل السفاح (باروخ جولد شتين) وكانوا يتزاحمون ليلقوا على جثته نظرة وداع أخيرة، وكانوا يهتفون ويتصايحون بضرورة دفن الرجل دفنا يليق بمقامه في الحرم الإبراهيمي إلى جوار النبي إبراهيم -عليه السلام- ولم يكن هذا رأي رجل واحد، وإنما كان رأيا عاما لأحزاب وفئات مختلفة في إسرائيل، وكان رأي الجيش الذي شارك في المذبحة باعتراف الصحافة الإسرائيلية. وصور السفاح معلقة في جميع واجهات المحلات في الخليل والضفة وإسرائيل.

إن بارون هو العقلية الإسرائيلية كلها.
يقول الدكتور مصطفي محمود: وقد طالت بنا نومة أهل الكهف، وطالت غيبوبتنا وسكرتنا وغفلتنا حينما بدأت مذابح المسلمين في الهند ثم في كشمير ثم في بورما، قال البعض: هذه مشاكل قديمة لا مدخل لنا فيها ولا قبل لنا بها. وحينما انتقل المسلسل الدموي إلى سيرلانكا والفلبين والصومال والسودان واريتريا، قلنا: إنها نزعات قبلية وصراعات طائفية ومخاضة من الأوحال لا علاج لها. وحينما بدأت المجزرة الكبرى للمسلمين في البوسنة ورأينا أفواج الثلاثة ملايين لاجئ على شاشة التليفزيون وأكوام القتلى ووجوه ضحايا الاغتصاب والأطفال المقطعي الأيدي والأرجل عاجلتنا الإذاعات الأجنبية لتقول إنها حرب إبادة عرقية لا علاقة لها بالإسلام.
- بعيدا عن مبالغات الصحافة، وبعيدا عن مغالطات أصحاب الهوى نسوق لكم النشرة الاقتصادية للأمريكان إكسبريس المأخوذة من تقرير الـEuromoney الصادر بتاريخ 6 إبريل 1994 ويقول التقرير:
إن اليابان تتصدر العالم في القوى الاقتصادية فهي الدولة رقم 1 وأمريكا رقم 2 وألمانيا رقم 7 وإنجلترا 8 وسنغافورة 14 واستراليا 15 وإيطاليا وتايوان 22 وهونج كونج 24 والسعودية 26 وإسرائيل 29 واليونان 31 وماليزيا 33 وإندونيسيا 41 والصين 42 (ومرشحة سنة94 للتقدم للمرتبة 29) وتركيا 44 وتونس 51 والهند 55 والمغرب 60 وباكستان 65 والجزائر 68 (ومرشحة للتراجع عام 94 إلى المرتبة 89) وإيران 70 (ومرشحة للتقدم في 94 إلى المرتبة 60) والأردن 73 وسوريا 81 ومصر 85 (ومرشحة للتقهقر في 94 إلى المرتبة 76) وبنجلاديش 89 وليبيا 129 ولبنان 131 وواضح من الجدول أن الدول الأقوى اقتصادا ليست بالضرورة هي الأكثر موارد فاليابان التي تقف على القمة هي أقل الدول موارد فليس عندها بترول ولا حديد ولا فحم ومع ذلك تقدمت الجميع كما أن الدول الأفريقية وهي الأكثر موارد جاءت في ذيل المقدمة.
- شغل العالم في يوم العيد القومي الأمريكي 4 يوليو 1997 بهبوط السفينة الأمريكية (البحث عن طريق Path Finder على سطح المريخ بعد أن سلكت مسارا طوله 460 مليون كيلومتر وخرجت منها عربة جوالة تسمى سوجورنر Sojourner التي تعتبر إحدى مفاخر الصناعة الفضائية، فهي في حقيقة الأمر إنسان آلي لا يزيد حجمه على سيارة صغيرة مثل لعب الأطفال، وهي أول فاحص كوني يعمل بالتلامس مع السطح الذي يفحصه، بل هي أول جهاز متحرك فوق كوكب يحمل أجهزة لم تستخدم من قبل، فبها جهاز آلفا بروتون لقياس الطيف بالأشعة السينية، وهو يمكن العلماء من معرفة عناصر التكوين الكيميائي التي في تربة المريخ، وقد كانت حركة الاتصال اللاسلكي تتم بين الأرض والعربة فوق سطح المريخ خلال زمن قدره عشر دقائق، وتقوم السفينة بنقل هذه التعليمات إلى العربة بواسطة أشعة الليزر تحت الحمراء، وقد تم الاعتماد في هذه الرحلة على لفيف من العلماء الشبان البارعين في استخدام برامج الحواسب الآلية لابتكار تصميمات جديدة، فاغلب هؤلاء العلماء لم يتعدوا الثلاثينيات من أعمارهم.
نسوق هذه المعلومات للذين مازالوا تحت الشجر في ظلمة السحر يهيمون في وجه القمر.
د. خالد سعد النجار

تنبيه الغافلين



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
فضل قراءة بعض آيات القرآن الكريم قُبَيل النوم امانى يسرى السنة النبوية الشريفة
فيديو صغير يجعلك تصلي جميع الفروض للغافلين عن الصلاه فخامة ملكة صوتيات ومرئيات اسلامية
خــوأطــر دعــويــة [مجموعة خواطر دعية تساعد الداعيات فـ إيقاظ الغافلين ] حڸآۉة آڸرۉح المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 09:58 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل