"ربيع القلوب”
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻞ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻣﻊ ﺣﻔﻴﺪﻩ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺪ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻟﻴﺠﻠﺲ ﺍﻟﻰ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﻟﻴﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻭﻛﺎﻥ ﺣﻔﻴﺪﻩ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻟﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺣﺮﻳﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺪﻩ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ،
ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺤﻔﻴﺪ ﺟﺪﻩ: ﻳﺎ ﺟﺪﻱ، ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺃﻗﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻗﺮﺃﻩ ﺃﺟﺪ ﺍﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﻓﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻬﻤﺖ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺃﻧﺴﻰ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﺘﻪ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺃﻥ ﺃﻏﻠﻖ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ! ﻓﻤﺎ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﺫﺍ؟
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺪ ﻳﻀﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺤﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻓﺄﺓ ﻓﺘﻠﻔﺖ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﺑﻴﺪﻩ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺧُﺬ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻔﺤﻢ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﻭﺍﺫﻫﺐ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺛﻢ ﺍﺋﺘِﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ.
ﻓﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻛﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺟﺪﻩ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻮﺟﻰﺀ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﻳﺘﺴﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ
ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ ﺍﻟﺠﺪ ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ: ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺮﻉ ﺍﻟﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻳﺎﺑﻨﻲ.
ﻓﻌﺎﻭﺩ ﺍﻟﺤﻔﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮَّﺓ ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺠﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺗﺴﺮﺏ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ.
ﻓﻐﻀﺐ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﺠﺪﻩ: ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﺁﺗﻴﻚ ﺑﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻵﻥ ﺳﺄﺫﻫﺐ ﻭﺃﺣﻀﺮ ﺍﻟﺪﻟﻮ ﻟﻜﻲ ﺃﻣﻠﺆﻩ ﻟﻚ ﻣﺎﺀً.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺠﺪ ﻻ، ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ ﺩﻟﻮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﻧﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﺳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺒﺬﻝ ﺟﻬﺪﺍ ًﻛﺎﻓﻴﺎً ﻳﺎﻭﻟﺪﻱ .
ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺠﺪ ﻣﻊ ﺣﻔﻴﺪﻩ ﻟﻴُﺸﺮﻑ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﺴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻔﻴﺪ ﻣﻮﻗﻨﺎً ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﺮﻱ ﺟﺪﻩ، ﻓﻤﻸ ﺍﻟﺴﻠﺔ ﻣﺎﺀ ﺛﻢ ﺟﺮﻯ ﺑﺄﻗﺼﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺪﻩ ﻟﻴﺮﻳﻪوﻫﻮ ﻳﻠﻬﺚ ﻗﺎﺋﻼً: ﺃﺭﺃﻳﺖ؟ ﻻﻓﺎﺋﺪﺓ!!
ﻓﻨﻈﺮ ﺍﻟﺠﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋﻼ: ﺃﺗﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ؟ ﺗﻌﺎﻝ ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﺔ، ﻓﻨﻈﺮ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﺔ ﻭﺃﺩﺭﻙ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺍﻟﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺨﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻔﺤﻢ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﺔ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻞ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺠﺪ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻣﻨﺪﻫﺸﺎً، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻔﻬﻢ ﺑﻌﻀﻪ ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺴﻰ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﺖ ﺃﻭ ﺣﻔﻈﺖ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﻘﺮﺅﻩ ﺳﻮﻑ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻟﻸﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.