أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي القول الحق في عيسى بن مريم


القول الحق في عيسى بن مريم
القول الحق في عيسى بن مريم

القول الحق في عيسى بن مريم

هذه كلمات أسوقها بين يدي احتفال النصارى بميلاد المسيح فمن باب إحقاق الحق أرى أن أذكر إخواني وأحبابي
بما نعتقده نحن المسلمين في المسيح عليه السلام .
الإسلام دين الأنبياء جميعا:
فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية وربط به هدايتهم، وحكم على من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة، قال الله تعالى): إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ {آل عمران:19
وقال الله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85
وأخبر الله تعالى أن إبراهيم ويعقوب أوصيا أبناءهما بالموت على الإسلام، وأن إبراهيم كان من المسلمين، يقول تعالى في شأن إبراهيم:
(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ* وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (البقرة:131-132.
وأخبر أن بني يعقوب أقروا على أنفسهم بالإسلام فقال):أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( البقرة 133
وأخبر أن إبراهيم وإسماعيل كانا يقولان في دعائهما: ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك)
وقد وصف إبراهيم بالإسلام ونفى عنه اليهودية والنصرانية، فقال :
) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (آل عمران:67
وأخبر أن سحرة فرعون بعد إسلامهم دعوا الله تعالى فقالوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ {الأعراف:126
وأخبر أن نوحا عليه السلام قال في خطابه لقومه :
(فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (يونس:72
وأخبر أن موسى عليه السلام قال في خطابه لبني إسرائيل
) وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ( يونس:84
وأخبر أن سليمان عليه السلام قال في رسالته لسبأ :
(إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) النمل 30-31
ووصف سبحانه وتعالى بيت لوط بالإسلام، فقال فيهم :
) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ (الذاريات:36
وأخبر تعالى أن الحواريين أشهدوا عيسى على إسلامهم، فقال:
(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران:52.
الأنبياء إخوة لعلات
روى البخاري حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي)
والاخوة لعلات هم الذين أبوهم واحد وأمهاتهم متعددات، شبه الأنبياء بالإخوة لعلات من حيث أن الأنبياء دينهم واحد عقيدتهم واحدة جاءوا بالإسلام دين الله تعالى الذي ارتضاه الله لعباده وشرائعهم متعددة كما أن الإخوة لعلات أمهاتهم متعددة.
وبهذا يُعلم أن الإسلام وهو الاستسلام لأمر الله تعالى وعبادته وحده هو دين الأنبياء

جميعاً، فقد اتفقت كلمتهم على الدعوة إلى عبادة الله وحده، ولكن اختلفت الشرائع فقد يباح لقوم ما يحرم على آخرين والعكس، ويباح في زمان ما يحرم في آخر لما يعلمه سبحانه من مصالح العباد،وذلك مثل زواج أبناء آدم من بعضهم ،وزواج يعقوب من أختين في وقت واحد، وعمل الجن التماثيل لسليمان ، وفرضية صلاتين فقط على بني إسرائيل كما ذكر موسى في حديث المعراج وحرمة الغنائم على الأمم السابقة وحلها لنا….الخ
والإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
امتداد لدين الله الذي شرعه للبشر من قديم الزمان وناسخ لما قبله من الشرائع، فلا يقبل من أحد دين غيره بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وأما تسمية اليهود يهوداً فإنها -كما قال بعض أهل العلم- مأخوذة من اسم ولد يعقوب الذي ينتمون إليه، وكان اسمه يهوذا، وقيل غير ذلك.
وسمي أتباع دين النصرانية بالنصارى نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، والتي ولد فيها المسيح عليه السلام، أو لأنهم نصروا عيسى عليه السلام.
قصة المسيح عيسى بن مريم
وممن فَضَّلَ الله واصطفى: آل عمران قال تعالى : {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ , ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }آل عمران34
والمراد بعمران في هذه الآية هو عمران والد مريم البتول الذي هو جَدُّ عيسى من جهة أُمه .
هذا ولقد نَصَّ الله ـ تبارك وتعالى ـ على اسم والد مريم في قوله تعالى : {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}التحريم12 .
ولا خلاف أن مريم من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاةِ بني إسرائيل في زمانه ، وكانت أُمها من العابدات ، وكان زكريا نبيُ ذلك الزمان زوج خالتها.
ثم قال تعالى مبيناً كيف حملت أم مريم بمريم وأن الله تعالى أجاب دعاءها حيث اشتهت الولد فلما تحققت من الحمل نذرت أن يكون محرراً أي خالصاً مفرغاً لعبادة الله وخدمة بيته قال سبحانه : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ,فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ }آل عمران36
أي في القوة والجلَد في العبادة وخدمة المسجد
{وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }آل عمران36 . أي عَوّذتها بالله عز وجل وحَصّنتها به سبحانه من شر الشيطان المطرود من رحمة الله ، وعوّذت ذريتها كذلك .
وقد استجاب الله ـ سبحانه ـ لأم مريم
فقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مولود إلا مسه الشيطان حين يولد فيستهلُّ صارخاً من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها )
فاستجاب الله دعاءها كما تقبّلَ نذرها {فَتَقَبَّلَهَا رَبُُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً}آل عمران37
فسوّى خلقها ، ويَسّرَ لها أسباب القبول ، وقرنها بالصالحين تتعلم منهم العلم والدين فلهذا قال : { وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}آل عمران37
فجعل الله زكريا ـ عليه السلام ـ كافلاً لها لِيُتْمِها وإنما تمت له كفالتها بالاقتراع بين شيوخ بني إسرائيل أيهم يكفل مريم لتخاصمهم في ذلك لشدة حرصهم عليها بسبب ما ألقاه الله عز وجل في قلوبهم من حبها وتكريمها قال عز وجل : {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }آل عمران44
فوقعت القرعة لزكريا وهو نبي كريم ورسول عظيم كان زوج أختها أو خالتها وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم يحي بن زكريا وعيسى ابن مريم بأنهما ابنا الخالة كما في الصحيحين .
هذا وقد أنزل زكريا مريمَ في أكرمِ غرفةٍ فكانت تعبد الله وتقوم بما يجب عليها من خدمة بيت الله إذا جاءت نوبتها وتقوم بالعبادة ليلَها ونهارَها حتى صارت يضربُ بها المثلُ بعبادتها في بني إسرائيل ، وعُرفت بطهارتها وقنوتها لله رب العالمين قال تعالى : {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }التحريم12 .
ووصفها الله سبحانه بأنها صديقة في قوله تعالى : {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ….. }المائدة75
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران … ) . متفق عليه
وقد لاحظ زكريا أنه كلما دخل عليها المحراب أي الغرفة التي تتعبد فيها وجد عندها رزقاً قال بعض المفسرين : وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف ،والصحيح أن الرزق يشمل أكثر من الفاكهة قال تعالى : {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }آل عمران37 .
وأخبر ـ جلَّ وعز ـ أن الملائكة بشرتها باصطفاء الله لها من بين سائر نساء العالمين في زمانها وأنه طهرها قال تعالى : {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ,يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }آل عمران43
ثم تأتي طلائع البشائر للصديقة البتول مريم بولدها المسيح عليه السلام :
{ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين . قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون . ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم …. الآيات .
وفي سورة مريم حينما تعجبت من إتيان الولد لها بدون زوج بيّن الله سبحانه أن حِكَمة خَلْقِه لعيسى من أم بغير أب ليجعل ذلك آية للناس : أي علامة دالةً على كمال قدرته وأنه تعالى يخلق ما يشاء كيف يشاء ، إن شاء خلقه من أنثى بدون ذكر كما فعل بعيسى ، وإن شاء خلقه من ذكر بدون أنثى كما فعل بحواء ، وإن شاء خلقه بدون الذكر والأنثى معاً كما فعل بآدم ، وإن شاء خلقه من ذكر وأنثى

كما فعل بسائر بني آدم .
وذكر غير واحد من السلف أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عُباد بني إسرائيل يقال له يوسف بن يعقوب النجار، وكان ابن خالها فجعل يتعجب من ذلك عجباً شديداً، وذلك لما يعلم من عبادتها وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج، فعرَّض لها ذات يوم في الكلام فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر؟
قالت: نعم، فمن خلق الزرع الأول.
ثم قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟
قالت: نعم إن الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى.
قال لها: فأخبريني خبرك.
فقالت: إن الله بشرني

{ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابن مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ(.
ويروى مثل هذا عن زكريا عليه السلام أنه سألها فأجابته بمثل هذا، والله أعلم.

قال عز وجل : { واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً . فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً . قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً . قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا . قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشرٌ ولم أك بغيا . قال كذلكِ قال ربك هو عليَّ هَيّنٌ ولنجعله آيةً للناس ورحمةً منا وكان أمراً مقضيا . فحملته فانتبذت به مكاناً قصيا . فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيا }
فلقد عرفت أنها ستبتلى وتُمتحنُ بهذا المولود الذي لا يَحْمل الناسُ أمرها فيه على السداد ، ولا يُصَدّقونها في خبرها ، وبعد ما كانت عندهم عابدةً ناسكةً ، تصبحُ عندهم فيما يظنون عاهرةً زانية وحاشاها من ذلك وروى عن مجاهد قال: قالت مريم كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني.
{ فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا } ناداها عيسى وهوالذي ما مضى على ولادته إلا لحظات مطمئنا لها ألا تحزني والسري هو النهر الذي تشرب منه .
{ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا . فكلي واشربي وقري عيناً . فإما ترِينَّ من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلِّم اليوم إنسيا }
فأخذت عيسى { فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا } .
أي أمراً منكراً عظيماً .
ثم قالوا لها : [ يا أخت هارون ] وليس المراد به هارون بن عمران أخا موسى كما يظنه البعض وإنما هو رجل صالح من بني إسرائيل يسمى هارون لما روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة قال : ( لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرءون ( يا أخت هارون ) وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال : إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم ) فهذا دليل على أنه رجل آخر غير هارون أخي موسى ومعلوم أن هارون أخا موسى قبل مريم بزمنٍ طويل .
{ يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغيا !!!
(فأشارت إليه قالوا كيف نكلِّم من كان في المهد صبيا } وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم وصاحب جريج …. الحديث . رواه البخاري ومسلم .
فأنطق الله بقدرته هذا الصغير في مهده ، فقال عيسى ما أخبر الله : { قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا . وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا . والسلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا . }
وهذا إثبات منه لعبوديته لله عز وجل ، وأنه مخلوق من خلق الله يحيا ويموت ويبعثُ كسائر الخلائق ، ولكن له السلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد ، صلوات وسلامه عليه .
ولما بلغ عيسى عليه السلام أشدُّه أرسله الله تعالى إلى بني إسرائيل وأيّده بالمعجزات وبجبريل عليه السلام كما قال تعالى : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } وأعطاه الله الإنجيل قال تعالى : { وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة .. } .
وكان مما أيده الله به وأعطاه إياه ما ذكره في قوله سبحانه :
{ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل . ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه [ وهو الذي يولد أعمى ] والأبرص وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } أي يخبر الواحدَ منهم بما أكل في يومه وما ادخره في بيته لغده { إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } { ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّنَ لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون . إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم . فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب أليم } [ الزخرف ] .
ولما أقام عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ على قومه الحجج والبراهين استمر
أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم وطغيانهم فانتدب له من بينهم طائفةً صالحة فكانوا له أنصاراً وأعواناً ، قاموا بمتابعته ونصرته وذلك حين هَمَّ به بنو إسرائيل ووشوا به إلى بعض ملوك ذلك الزمان فعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله منهم ورفعه إليه من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى وهم في ذلك خاطئون ، وللحق مكابرون ، وسَلّم لهم كثير من النصارى ما ادعوه وكلا الفريقين في ذلك مخطئون . قال تعالى : {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }آل عمران54 وقال سبحانه : {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157 .
الاعتقاد الصحيح في عيسى :
قال صلى الله عليه وسلم: ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل )رواه البخاري ومسلم .
هذا ولقد تعنت اليهود في شأن عيسى وفَرّطوا وسعوا إلى قتله فخابوا ولم يمكنوا منه، وزعموا عياذاً بالله أن عيسى ولد زنا فردَّ الله عليهم وفضح إفكهم في مواضع من القرآن، ومن ذلك قوله تعالى : {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }النساء156 .
وقابل هذا غُلُوَّ النصارى في شأن عيسى حيث زعم بعضهم أنه الله .
وقال البعض منهم أنه ابن الله [ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ] .
قال الله سبحانه : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }المائدة72 .
وقال : {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المائدة75 .
يقول ابن القيم :
أعبـاد المسيـح لنـا سـؤال ……. نريـد جوابـه ممـن وعـاه:
إذا مات الإلـه بصنـع قـوم…. أماتـوه فمـا هـذا الإلــه؟
وهل أرضاه مـا نالـوه منـه…….. فبشراهـم إذا نالـوا رضـاه؟
و إن سخط الذي فعلـوه فيـه …. فقوتهـم إذا أوهـت قــواه؟
وهل بقي الوجـود بـلا إلـه ……. سميع يستجيـب لمـن دعـاه؟
و هل خلت الطباق السبع لمـا…… ثوى تحت التراب و قد علاه؟
و هل خلت العوالم مـن إلـه….. يدبرها و قـد سُمّـرَتْ يـداه؟
و كيف تخلت الأمـلاك عنـه ……. بنصرهم و قد سمعـوا بكـاه؟
و كيف أطاقت الخشبات حمل…… إله الحـق شـد علـى قفـاه؟
و كيف دنا الحديد إليـه حتـى…….. يخالـطـه و يلـحـقـه أذاه؟
و كيف تمكنـت أيـدي عـداه…. و طالت حيث قد صفعوا قفاه؟
و هل عاد المسيح إلـى حيـاة …. أم المحيي لـه ربـك سـواه؟
و يا عجبـا لقبـر ضـم ربـاً ….. و أعجب منه بطن قد حـواه!
أقام هناك تسعاً مـن شهـور ….. لدى الظلمات من حيض غذاه.
و شق الفرج مولوداً صغيـراً …… ضعيفـاً فاتحـاً للثـدى فـاه.
و يأكل ثم يشـرب ثـم يأتـي…. بـلازم ذاك هـل هـذا إلـه؟
تعالى الله عن إفك النصـارى …… سيسـأل كلهـم عمـا افتـراه

نزول عيسى في آخر الزمان :
وذلك بعد خروج الدجال وإفساده في الأرض،ويكون نزول عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام واضعاً كفيه على أجنحة ملكين .
ونزوله من أشراط الساعة الكبرى، وهوثابت بالكتاب والسنة الصحيحة المتواترة ففيه من الأحاديث أكثر من ثلاثين حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولعلَّ من الحكمة في نزول عيسى دون غيره :
أن في هذا ردّاً على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبيّن الله كذبهم وأنه أي عيسى هو الذي يقتلهم ويقتل رئيسهم الدجال .
وإذا نزل فإنه يحكم بالشريعة المحمدية ويكون من أتباع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
ويكون زمن عيسى زمن أمن وسلام ورخاء تخرج الأرض ثمرتها وبركتها كما ثبت في صحيح مسلم .
ويبقى عيسى في الأرض بعد نزوله سبع سنين ليس بين اثنين عدواه [ وهذا كله ثابت في الصحيح ] ثم يُتوفى بعد ذلك .




بقي أن يُعلم تفسيرُ قول الله سبحانه :
{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ …. }آل عمران55
فالوفاة هنا إلقاء النوم عليه إلى أن رفعه الله إلى السماء ببدنه وروحه ولقد سمى سبحانه النومَ وفاة في قوله : {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ …. } الأنعام60 أي ينيمكم بالليل ويعلم ما اكتسبتم بالنهار .
وأما قوله تعالى : في شأن عيسى عليه السلام : {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ
عَلَيْهِمْ شَهِيداً }النساء159
فالمعنى والله أعلم : على ما ذكره كثيرٌ من المفسرين : أن جميع أهل الكتاب يصدقون بعيسى إذا نزل في آخر الزمان لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة الإسلام الحنيفية ( دين إبراهيم عليه السلام ) فأخبرت هذه الآية الكريمة أنه يؤمن به جميع أهل الكتاب عند نزوله في آخر الزمان ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ولهذا قال : {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}النساء159
أي قبل موت عيسى عليه السلام الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }النساء159
أي : بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض.




القول الحق في عيسى بن مريم




إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
سيدنا عيسى عليه السلام .. نبذة مختصرة عن المسيح علية السلام توتى 1 قصص الانبياء والرسل والصحابه
قصة عيسى عليه السلام عاشقة الصلاه قصص الانبياء والرسل والصحابه
الصحيح فى قصةالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام ،توضيح لما فيها من قضايا هامة أم أمة الله قصص الانبياء والرسل والصحابه
مريم توتة واحلى بنوتة قصص الانبياء والرسل والصحابه
سيدنا المسيح عيسى بن مريم(عليه السلام) المشتاقة الى رسول الله قصص الانبياء والرسل والصحابه


الساعة الآن 11:55 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل