أهلا بكِ أختى في منتداكِ بارك الله فيكِ ويسر لكِ كل عسير
للإجابة على سؤالك ياغالية اقرئي هذه الاستشارة
ربنا يوفقك لكل خير
---------------------------------------------------------------------------------------
كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي يسبها ولا يهتم لأمرها
السؤال
السلام عليكم.
أنا سيده أبلغ من العمر 20 عاماً، متزوجة منذ سنتين ونصف، قبل الزواج كنت أُعاني من فراغٍ عاطفيٍ كبير بسبب طلاق والدي، فهربت من ذلك بالزواج المبكر، ولكن للأسف زوجي لا يُعاملني جيداً، وسأعدد تصرفات زوجي معي في نقاط:
1- جميع المشاكل يكون هو السبب الرئيسي فيها.
2- دائماً يلجأ في بداية المشكلة إلى إخبار والديه بكل صغيرةٍ وكبيرةٍ، ودائم التهديد عند حصول المشكلة بإخبارهما؛ لعلمه أنني لا أحب تدخل الأهل من أي جانب بالموضوع مما يصغر شخصيته في نظري.
3-دائم التهديد بالطلاق.
4- دائم السب والشتم والتحقير لي واستفزازي.
5- لا يهتم بي عاطفياً، فلا أسمع كلاماً جميلاً ومريحاً، ولا أسمع سوى أحضري وخذي، أطلب منه أن يتكلم معي كزوجة وليس كصديق لكن دون جدوى، مع العلم أني لا أخاطبه إلا بالكلام الجميل.
6- مهما فعلت من أجله فلا أجد كلمة شكر أو تقدير أو أي اعتبار.
7- أهله دائماً في المرتبة الأولى.
8- دائماً يخاطبني وكأن الناس يحتاجون لهم ولمالهم (هو وأهله).
9- دائماً يُشعرني بأن لا قيمه لي وأنني لا أهمه.
10- لا يهتم بي في الفراش إلا إذا هو أراد ذلك.
11- مهما أرتدي ومهما أهيئ له الجو لا أسمع ولا أي كلمة جميلة، يراني مثلما يرى الكرسي الذي بجانبي، فلا أشعر بانجذابه ولا يشعرني بأنوثتي.
وإليك بعض الألفاظ التي أسمعها دائماً منه بغض النظر عن الباقي؛ لأني أشعر أحياناً من كلامه أنه مريض نفسياً.
(أنت حمارة، وأنت كلبة و...و...وجميع الألفاظ المشبهة بالحيوانات، أنت عند الرجل نعال يغيرها متى شاء، أنت حسودة (لأن أهلي يملكون المال الكثير) بالرغم من أني دائماً عندما يخبرني بحصوله على شيك من العمل أقول له: الله يزيدك من نعيمه، وعند حصول سفرة قريبة يقول أنت مقهورة لأننا سوف نسافر وأهلك لا، بالرغم من أن أهلي دائمي السفر...إلخ.
ومن المشاكل أنه ذات مرة كنت أجلس في مكانٍ ما ولم أره عندما دخل، ولا أعلم إذا كان قد وصل البيت أم لا لأنه لم يخبرني، أخذ ربع ساعة بالغرفة ونزل غاضباً هائجاً يسب ويشتم ويهدد بالطلاق ويسب والدي ووالدتي و..و..وقام بشدي وقذفي مرات ومرات...بعذر أنني لم أره قاصدة!!
أنا لا أنكر أنه عندما يستفزني أمسك نفسي كثيراً ثم أغضب وأدافع عن نفسي ويكون صوتي عالياً لكني لا أغلط عليه ولا أسب أو أشتم فقط أدافع عن نفسي.
وفي المرات الأخيرة بدأت أدافع عن نفسي بالصمت مما يزيد سبه لي.
ماذا أفعل مع زوج يتصرف هذه التصرفات؟ وعندما يهدأ يقول: أنا لم أقصد هذا فأنا أحبك ولا أستغني عنك، أنا فقط كنت أمزح معك!
مع العلم أني إنسانة جميلة جداً، ورومانسية وهادئة، أحب أن يعاملني الناس مثل ما أعاملهم (ربة بيت درجه أولى، لا يجد مني زوجي إلا كل ما هو طيب من طعامٍ جميل ومنزلٍ نظيف، ورائحةٍ زكية، وزوجة مرتدية أجمل ما لديها، وفوق كل هذا لا أجد سوى ما ذكرت أعلاه من زوج لا يهتم بي نهائياً مما أثر علي نفسياً، فهو لا يهتم بنفسه من أجلي، ولا أنكر فهو زوج لا يقصر على بيته ويعطيني ما أريد لكنه يذلني على ما يعطيني، أيضاً هو انطوائي لا يحب الناس وليس لديه إلا صديق واحد فقط ولا يراه إلا 4 مرات بالشهر.
أرجوكم هل أصبر على تعامل زوجي بهذه الطريقة ولي الأجر عند الله؟ أم أطلب الطلاق وأعود للعيش عند جدتي؟ لأني بدأت أستنزف قواي وأصبحت لا أشعر بأي حبٍ اتجاهه، أشعر أن قلبي مليءٌ بالقهر والغل من ناحيته فلا أتقبله.
أرجوكم دلوني على الطريق الصحيح، هل أستمر على هذه العيشة أم أطلب الطلاق؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل الله - تبارك وتعالى - أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يرزقكم السعادة والتفاهم والوئام والمحبة والانسجام.
وبخصوص ما ورد برسالتك –ابنتي الكريمة الفاضلة– فإنه لمن المؤسف حقاً أن تكون حياة بهذه الصفات التي وردت في رسالتك، وأنا قطعاً أتعامل مع رسالتك باعتبار أنها وجهة نظرك، وسأتكلم من خلال هذا الكلام؛ لأن الكلام الذي ذكرته إنما هو كلام كبير وكلام شديد وكلام مؤلم وكلام صعب للغاية، وقلَّ ما تتحمله امرأة أو قلَّ ما تتحمله فتاة، لكن يبدو أن زوجك أكرمه الله تبارك وتعالى بوفرة من النعمة والمال والاستقرار، إلا أنه في نفس الوقت أيضاً ضحية أسرة فيها نوع من التفكك؛ لأن هذه التصرفات التي تصدر منه تدل على أنه لم يتلق قدراً كافياً من الرعاية الأسرية، بمعنى لعل أمه أيضاً لم تكن متفرغة له، أو لعل أباه أيضاً كان مشغولاً عنه شغلاً كبيراً وأمه لم تكن لديها المهارات التعليمية الكافية أو التربوية المناسبة حتى تستطيع أن تنشئه على احترام الآخر وعلى تقدير مشاعر الناس وعلى مراعاة الصغير قبل الكبير، وإنما لعله نشأ مخدوماً في بيتٍ لا يراعي مشاعر أحد ويتعامل مع الناس على أنهم خدم لديه، وأن كل طلباته يجب أن تُجاب، وأنه ليس واجباً عليه أن يعتذر لأحد إذا أخطأ في حقه أو تتطاول عليه.
فأنا أتصور أن زوجك ضحية تربية غير مرشدة وتربية غير موجهة وتربية غير سوية مما أدى به إلى اكتساب تلك الصفات الذميمة التي فعلاً تعكر الصفو وتكدر الخاطر.
أنا لن أتكلم عن كل نقطة بعينها وإنما هي كلها مجتمعة أرى أنها تحتاج إلى علاج حاسم، وهذا العلاج يتمثل بداية -بارك الله فيك – في أن تستجمعي قواك وأن تطلبي منه جلسة تجلسان فيها بعيداً عن أي أحد سواء كان في المنزل أو خارج المنزل في مكان هادئ، وتفاتحينه في تلك التصرفات كلها بالكامل، تقولين له (أنا أتكلم معك لأنك زوجي، ولأني أحبك، ولأن هذه التصرفات تزعجني وتؤلمني، وأنا لا أريد حقيقة أن يكون في نفسي عليك شيء، ولا أريد حقيقة أن أخسرك لأني أريد حياتي الزوجية أن تستمر، وأريد أن نؤسس أسرة طيبة وأن يمنَّ الله علينا بأبناء نربيهم تربية سعيدة وصالحة وموفقة، بعيداً عن أي تصرف من التصرفات التي قد تؤثر على سلوكهم في المستقبل).
وتذكرين له وتطلبين له وتقولين له (رجاءً أن تعطيني فرصة لأن أتكلم معك في كل شيء)، ولا مانع أن تسجلي هذه النقاط مجتمعة في ورقة لديك، وأن تتكلمي في السلبيات هذه واحدة واحدة، وتطلبين منه ألا يقاطعك حتى تنتهي، ثم بعد ذلك بعد ما تنتهي من كلامك تطلبي منه أن يتكلم وأن تعطيه فرصة ليتكلم بكل حرية ووضوح، وأن يبين وجهة نظره، وما الأسباب التي أدت إلى هذه الأشياء؟ ثم تتفقا معاً على برنامج تتفقان عليه ليتم التخلص من هذه الأشياء، إن لم تكن بالجملة فلا مانع أن تكون حتى مجزأة حتى نستطيع أن نغير هذا النمط من السلوك.
وتشعرينه فعلاً بأنك منزعجة جدّاً من هذه التصرفات، وبيِّني له هل أنت تحب أن يحدث لك ذلك بين الحين والآخر؟ هل لو قال لك أحد بأنك -مثلاً أجلَّك الله- كلب أو حمار أو حيوان، هل هذا الكلام يروق لك؟ وهل يُعقل أن الرجل المسلم الذي يحب الله ورسوله يُطلق على امرأته هذه العبارات الذميمة والقبيحة؟! ..إلى غير ذلك من الأشياء التي أخذتها عليه.
أتمنى - بارك الله فيك – أن تؤدي ذلك، ولكن ليس بطريقة العقاب وليس بطريقة المحكمة، وإنما بطريقة المودة والمحبة، يعني تشعريه بأنه لولا محبتك له وحرصك على الأسرة واستقرارها لما فتحت معه هذا الموضوع، وأنك تريدين حلاً للمشكلة، لا تريدين أن تعاقبيه أو تعاتبيه، وإنما تريدينه أن يساعدك في إيجاد حل لهذه المشاكل. قولي له (هذه المشاكل بدأت تستفزني جدّاً وقضية السب والشتم والتحقير والاستفزاز أصبحت تزعجني للغاية، وأنا أخشى أن يأتي يوم أشعر بأني أصبحت لا أحبك، نتيجة لأن أي إنسان يتعامل بهذه الكيفية قطعاً سيفقد محبته من الطرف الآخر).
قولي له (أنا أتمنى أن أحبك حتى أموت، وأن تدخل محبتك معي في قبري، إلا أني أعتز بك ولأني أعتبر أن الله أكرمني بك هدية من عنده، ولكن هناك تصرفات لعلها خارجة عن إرادتك أو لعلها غصبٌ عنك، هذه تؤدي حقيقة إلى إزعاجي وإلى إثارتي واستفزازي وإلى شعوري بالحسرة وإلى حزن شديد، لأني أسمع منك كلاماً كنتُ أتمنى أن أسمع غيره).
حاولي أن تخاطبي فيه العاطفة، خاطبي فيه القلب، خاطبي فيه الروح، خاطبي فيه العقل، بعيداً عن أي مؤثرات خارجية، وانظري إلى رد فعله، فإذا كان رجلاً عاقلاً فعلاً وطبيعياً فإنه سوف يستقبل هذا الكلام إما بالاعتذار - وهذا الذي سيحدث– ثم بعد ذلك بالوعد بأن هذا الكلام لن يتكرر، وتأخذين عليه عهداً بذلك، وفي نفس الوقت أيضاً - بارك الله فيك – تجتهدي في أن تذكريه بأن هذا الكلام لو حدث سوف أذكرك في وقته.
وأنا أرى - بارك الله فيك – أن الصمت عند الإساءة هو أفضل رد وأبلغ رد؛ لأن إثارتك عندما يثيرك وعندما تنفعلي وعندما تدافعي عن نفسك قطعاً ستقعين في الخطأ، ويكون الخطأ متبادلاً، ونحن نعرف أن النار لا تطفئ الماء وأن النار لا تطفئ النار، وإنما الذي يطفئ النار إنما هو الماء، فالماء يطفئ النار والنار لا تنطفئ إلا بالماء، فلو أنك أخطأت وأخطأ هو وكان الخطأ متبادلاً فلن تحل المشكلة، ولكن أنا أنصحك بدوام الصمت وعدم الرد مطلقاً مهما كانت الإساءة حتى يتم الفصل في هذه المسألة؛ لأن شبح الطلاق - أختي الكريمة – ليس سهلاً فقضية الطلاق ليست بالأمر الهين، خاصة وأننا نعيش في المجتمع الخليجي وكلمة الطلاق تكاد تكون ككلمة الوباء أو ككلمة المرض المعدي الذي تخشاه النساء جميعاً، حتى صديقاتك حتى أقرب الناس إليك الذين يتوددون إليك ويتعاملون معك الآن بمودة أو على الأقل بنوع من التكافؤ، سوف يشعرون عندها أنك أصبحت تشكلين عليهم خطراً، خاصة وأنك الحمد لله من فضل الله تعالى حباك الله تبارك وتعالى بهيئة طيبة وشكل جميل، وأيضاً كما تقولين ربة بيت من الدرجة الأولى، فهذه طبعاً عوامل قوة وكثير من النساء ليس عندهنَّ هذه الامتيازات ولذلك سوف يخافون منك فتصبحين رعباً وشبحاً مرعباً لكل من يتعامل معك من الناس المقربين منك.
فأنا أتمنى أن تدافعي عن حياتك الزوجية بكل قوة وألا تتحولي أبداً إلى قائمة المطلقات؛ لأن الطلاق -كما ذكرت لك – مر مرارة شديدة ونار هذه الحياة أهون بكثير من جنة الطلاق. فأقول: الصبر الجميل وعليك بالصبر، ثم الصبر، ثم الصبر، ثم عليك بالدعاء أن يصلحه الله تعالى، واعلمي أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، يعني إذا كان هناك بلاء نازل فإنك بالدعاء سوف تستطيعين أن ترفعيه عنك - بإذن الله تعالى – يعني تستطيعين أن تغيري أخلاق زوجك كلها بالدعاء، وإذا كان البلاء سوف يحدث في المستقبل فأنت تستطيعين أن تدفعيه أيضاً ولا يقع - بإذن الله تعالى – كما وعد النبي - عليه الصلاة والسلام - .
والحق تبارك وتعالى قال: ((
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186]، وقال: (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))[غافر:60] فسبحانه أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، وهو لم ولن يخلف وعده معك سبحانه، فأكثري من الدعاء لزوجك بالاستقامة وحسن الخلق والصلاح، وأكثري من الدعاء لنفسك بالصبر وقدرة التحمل، ومع الدعوة والدعاء سيتغير الواقع - بإذن الله تعالى – تغيراً كبيراً، وأنا واثق أنك بالحلم والصبر وسعة الصدر والأناة وعدم العجلة سوف تكسبين الجولة وسوف تعينين زوجك على أن يكون إنساناً سوياً وطبيعياً ومعتدلاً، ولا ينحى هذه المناحي المؤلمة التي يفعلها الآن. أسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، كما أسأله أن يأخذ بناصيتك إلى الحق، وأن يربط على قلبك، وأن يرزقك الصبر والثبات، وأن يهدي لك زوجك، وأن يصلح ما بينك وبينه، إنه جود كريم.
هذا وبالله التوفيق.